أخبار السودان

بقرار من البشير.. عقد الشركة الفلبينية لإدارة أكبر موانئ السودان في مهب الريح

الخرطوم: أحمد فضل

تعرض اتفاق يمنح شركة فلبينية -مقرها إمارة دبي- حق إدارة وتشغيل أكبر موانئ السودان، لضربة ثانية بعد أن وجه الرئيس عمر البشير بإعادة النظر في الاتفاق الذي أثار لغطا واسعا في البلاد وحامت حوله شبهات عديدة وفقا لناشطين.

وفي فبراير/شباط الماضي اضطرت الحكومة لتعليق الاتفاق شهرا لمزيد من الدراسة، إثر تزايد احتجاجات العاملين الذين نفذوا إضرابا هدد بشل حركة الواردات والصادرات.

ووقعت هيئة الموانئ السودانية في يناير/كانون الثاني الماضي على اتفاق مع شركة الخدمات الدولية لمحطات الحاويات (ICTSI) المملوكة لرجل الأعمال الفلبيني إنريكي رازون، لإدارة وتشغيل الميناء الجنوبي للحاويات -أهم وأكبر الموانئ السودانية- لعشرين سنة.

فخ التعجل
وبحسب العقد المبرم بين هيئة الموانئ والشركة الفلبينية، يفترض أن تتسلم الشركة ميناء الحاويات في مارس/آذار الحالي، لكنها مع استمرار الاحتجاجات في البلاد خشيت من تغييرات سياسية تطيح بالاتفاق فتعجلت عملية التسلم إلى فبراير/شباط الماضي.

بيد أنه مع تصدي العديد من الكيانات العمالية في هيئة الموانئ البحرية لخصخصة الميناء الجنوبي وفي ظل الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، لم تجد الحكومة بدا من تعليق الاتفاق.

وفك عاملو الميناء الجنوبي الإضراب الشهر الفائت بناء على وساطة قادتها جهة عليا في البلاد -تتحفظ الجزيرة نت على ذكرها بطلب من المصادر- قضت بمنح مهلة شهر لتقدم هيئة الموانئ واللجنة العليا لمناهضة الخصخصة دفوعات تدعم وجهة نظر كل منهما.

ورأى سامي الصائغ كبير مهندسي المحطة الساحلية والقيادي في مجموعة إصلاحية تحظى بالتفاف عمال الموانئ في حديث للجزيرة نت، أن موافقتهم على المهلة أثبتت صحة قراءتهم للواقع، حيث تم حل الحكومة وإبعاد وزيري المالية والنقل، عرابي الاتفاق.

كواليس القرار
على إثر حل الحكومة وتعيين محمد طاهر إيلا رئيسا لمجلس الوزراء، كان أول قرار يتخذه الرجل هو إعفاء جلال الدين شلية من منصبه كمدير عام لهيئة الموانئ البحرية.

واستغلت اللجنة العليا لمناهضة خصخصة الميناء الجنوبي تعيين إيلا المنحدر من قومية البجا في الشرق، والملم بالملف من واقع عمله في السابق مديرا لهيئة الموانئ، فنشطت عبر مذكرة تفصيلية تشرح مخاطر الخصخصة سياديا وإستراتيجيا واقتصاديا واجتماعيا.

تم الدفع بالمذكرة لمساعد رئيس الجمهورية رئيس مؤتمر البجا موسى محمد أحمد لدى زيارته بورتسودان، ثم حملت اللجنة مذكرتها إلى الخرطوم وسلمتها لرئيس مجلس الوزراء الجديد.

وكان الثلاثاء الماضي حاسما عندما التقى كل من إيلا ومحمد أحمد وبحثا قضايا شرق السودان وعلى رأسها “معالجة الأوضاع في الميناء الجنوبي”، بحسب ما ذكرته وكالة السودان للأنباء.

وأعقب ذلك لقاء الرئيس البشير مساء الجمعة في بيت الضيافة أعيان قبائل الشرق، حيث تسلم -بحسب عضو تجمع العاملين بالميناء الجنوبي عبود الشربيني- تلك المذكرة منقحة، فأمر فورا بمراجعة عقد الشركة الفلبينية حتى يكون منصفا لأهل السودان، فبات الاتفاق برمته على كف عفريت.

ضربة حظ
ويبدي الصائغ تفاؤله بإلغاء اتفاق الشركة الفلبينية بعد قرار الرئيس مراجعة العقد، رغم ورطة الحكومة في تسلم 410 ملايين يورو من الشركة التي ستدفع طبقا للاتفاق 530 مليون يورو نظير إدارة وتشغيل الميناء الجنوبي لعشرين عاما.

ويرى أن تعيين إيلا رئيسا لمجلس الوزراء ساهم بدرجة كبيرة في قرار الرئيس، فضلا عن “الوقفة البطولية” لعمال الموانئ والمساندة التي حظوا بها من الإعلام ومجتمع ولاية البحر الأحمر.

ويقول الصائغ إنهم سيسعون لتوفير ترجمة احترافية للاتفاق في إطار إعداد دفوعات تقود إلى إلغاء العقد.

في المقابل ووفقا لترجمة أولية للاتفاق، يقول الشربيني للجزيرة نت إن المادة السابعة من العقد تمنح الشركة الفلبينية حصرية ساحل البحر الأحمر في السودان، وهو ما ينطوي على إخلال باتفاقات مع جهات أخرى مثل شركة صينية استثمرت في ميناء هيدوب.

وبالمقارنة بين اتفاق الشركة الفلبينية والمستثمر الصيني، يؤكد الشربيني أن الأخير قدم شراكة حقيقية لجهة أن الحكومة منحته ساحلا فقط بنى عليه ميناء هيدوب المخصص لصادرات الثروة الحيوانية بواقع 51% للحكومة و49% للشركة الصينية.

جرد حساب
وتطالب كيانات العمال الآن بمطلبين، إذ يقول سامي الصائغ إنه يجب وقف خصخصة الميناء الجنوبي وإعادة اللواء عبد الحفيظ صالح إلى منصبه مديرا عاما لهيئة الموانئ بعد إعفائه بسبب رفضه تسليم الميناء للشركة الفلبينية الشهر الماضي.

ويقدم الشربيني بيانات تحوي مستوى الأداء في ميناء الحاويات الجنوبي خلال أسبوع واحد، كدليل على خطأ قرار تسليمه للشركة الفلبينية، وقال إن مناولة الحاويات في الميناء خلال أسبوع كانت 7831 حاوية تشمل 3573 حاوية واردة و4258 حاوية صادرة.

ويضيف أن رسوم مناولة الحاوية قياس 40 قدما تبلغ 168 يورو، ورسوم الحاوية قياس 20 قدما تبلغ 135 يورو، وبحاصل ضرب المتوسط 140 يورو في 7831 حاوية يكون العائد نحو 1.1 مليون يورو أسبوعيا.

ورغم أن الواجهات العمالية تدافع عن الآلاف من العمال المهددين بالتشريد جراء الاتفاق، فإن هذه الكيانات نفسها تتخوف من مخاطر سيادية وتحذر من أن الشركة الفلبينية ما هي إلا واجهة لشركة موانئ دبي بتجاربها المريرة في موانئ منطقة البحر الأحمر.

وما يعزز هذه الشكوك أن الشركة الفلبينية ستدير الميناء السوداني من فرعها بدبي، كما أن بول أنتوني فورموزا رئيس العمليات بميناء بوصاصو بمنطقة بونت لاند الصومالية، الذي تديره شركة إماراتية مملوكة لموانئ دبي، كان يدير الشركة الفلبينية في بورتسودان.

واغتيل فورموزا يوم 4 فبراير/شباط الماضي في الصومال إثر إطلاق الرصاص عليه في عملية تبنتها حركة الشباب المجاهدين وأدانتها دولة الإمارات.

المصدر : الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..