لوتون السويسرية: في السودان ثورة تقاوم القمع

تقول الكاتبة جوزيفين خوري في مقال نشرته صحيفة لوتون السويسرية إن السودان يغرق في ركود اقتصادي، وإن المظاهرات التي بدأت لأسباب اقتصادية تحولت للمطالبة برحيل النظام، الذي يواجهها بالعنف والقمع.
وتنسب الكاتبة إلى أحد المتظاهرين -ويدعى محمد- قوله مازحا، وهو يفتح باب أستوديو الموسيقى الخاص به الواقع في قلب ضاحية أم درمان في الشمال الغربي للخرطوم: “مرحبا بكم في مملكة الحرية”. وواصل قائلا “بإمكانكم قول ما تشاؤون هنا، دون أي رقابة”.
وتشير إلى أنه منذ قدوم عملاء جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني إلى بيته للحصول على القرص الصلب لجهاز الكمبيوتر الخاص به، أصبح محمد يغلق بابه باستعمال حاجز معدني رصاصي، وحين كان يجلس في غرفة التسجيل العازلة للصوت في الأستوديو؛ روى قصته.
ويقول محمد “لقد كسروا بابي بالكامل، لقد كانوا أربعة أشخاص، وقدم اثنان لأخذ أغراضي في حين وقف الآخران للمراقبة. أما الآن، فأنا في أمان إذ إنهم في حال عادوا من جديد، سيكون لدي الوقت للتصرّف”. وفي غضون شهر واحد، ألقي القبض على محمد، وتعرض للضرب وصُودرت مواد التسجيل الخاصة به بسبب كتابة ونشر أغنية ثورية على مواقع التواصل.
اعتقالات
وتضيف الكاتبة أنه منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، هزت موجة من الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة السودان، مضيفة أن البلاد تغرق في حالة ركود اقتصادي، خاصة بعد أن حُرم من 70% من موارده النفطية منذ استقلال جنوب السودان في 2011، وأن نسبة التضخم في البلاد بلغت 70% سنويا في الوقت الحالي، مضيفة أن السودان يعاني جراء انهيار احتياطاته من العملات الأجنبية، فضلا عن نقص على مستوى السيولة والمواد الأساسية، مثل الخبز والبنزين.
وتنسب الكاتبة إلى الناشط أمير قوله “نحن نتظاهر في الشوارع منذ سبعين يوما، إن هذا ليس مجرد تذمر اجتماعي، إنه ثورة ثالثة، وإن رقعة هذه الحركة تتوسع بشكل أكبر يوميا رغم العنف”.
وتشير إلى أن المظاهرات ضد النظام قُمعت بالذخيرة الحية، وأنها أدت إلى مقتل 51 شخصا، وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، وإلى اعتقال أكثر من 3500 شخص، بحسب ما أفاد به أمير.
وتشير الكاتبة أيضا إلى ظروف اعتقال محمد وما تعرض له من تعذيب وإلى ما يتعرض له ناشطون آخرون من تعذيب.
جرائم ضد الإنسانية
وتضيف الكاتبة أنه من أجل اختراق الرقابة التي تفرضها الدولة، تعمل المعارضة على تنظيم صفوفها على مواقع التواصل، حيث يتم إطلاق دعوات للتظاهر، وأنه عند الخروج للشارع يعمد بعضهم إلى تغطية وجوههم بقبعات ونظارات شمسية، وأن محمد يواصل ترويج ونشر رسائل مناهضة للنظام على مواقع التواصل، ولكن متخفيا تحت أسماء مستعارة.
وتنسب إلى رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي -الذي أطاح به انقلاب في 1989 وزعيم حزب الأمة المعارض- القول إن “الشعب مستعد لكل التضحيات من أجل استعادة حقوقه الأساسية”.
وفي لقاء في منزله بالخرطوم، قال رئيس آخر حكومة منتخبة ديمقراطيا في السودان إن “الاضطهاد الذي يُمارسه عمر البشير لا يؤدي سوى إلى تأجيج تصميم المتظاهرين الذين يواجهون وحشية مليشياته”.
وتشير الكاتبة إلى أنه منذ 2010، صدرت بطاقتا إيقاف بحق الرئيس السوداني من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في دارفور، ولكن حتى الآن، لم يضع المجتمع المدني حدا للبشير رغم زياراته المتعددة خارج البلاد.
المصدر : الجزيرة,الصحافة السويسرية