مقالات سياسية

طبيخ بايت في صحن مطرقع

نعمة صباحي

لم يتسنى لجدتي عليها الرحمة أن تعيش حتى تدخل الكهرباء الى منطقتنا الوادعة في أقاصي الريف ..وحتى لوعاشت فأظنها لن تستسلم لإستبدال (مشلعيبها ) الأثير بالثلاجة التي أصبحت قاسماً مشتركاً في ضرورات وأدوات الحياة العصرية والمعيشية التي تتوسط كل مطابخ أحفادها الآن في أغلب قرى المنطقة بعد أن بات التكل الذي كانت تتباهى به كل الحبوبات تراثاً قد تحتاجه بعض الأمهات الريفيات أحياناً لغرض العواسة في حالة إنعدام الغاز.

وكانت جدتي حينما تستيقظ صباحاً تتناول الكنتوش من المشلعيب و تقربه من أنفها فإذا ما بدت لها أية رائحة كريهة منه صبت المحتوى في الصحن القديم المطرقع والقذرنسبياً وأضافة اليه شيئاً من الكسرة التالفة وقدمته لكلبها الراحل دحلوب.

الان الدكتور محمد طاهر إيلا رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها لم يستطع أن يخرج لنظامه ولا نقول لشعبنا بطبخة جديدة غير خامة الرائحة ..فرمى لرئيسه بما وجده في مشلعيب سعيه الخائب وفسر الملاح البايت بعد الجهد بالبايت نفسه !

فما كفاءة أبو قردة و بشارة أرو وحامد ممتاز وحسن إسماعيل وغيرهم من جوقة أحزاب الفكة التي تؤهلهم لإخراج البشير و النظام وكل منظومته من جحرالضب الذي أدخلهم فيه الحراك الشعبي وقد تهللت لحل الحكومة السابقة والوعود بتشكيل أخرى رشيقة و نوعية الكفاءات وانبسطت لمجرد النية غيرالصادقة مُقدماً أسراير من لازالوا يظنون أن في البشيرشيئاً من بشارات الخير لإحداث أي تغيير وقد صدعوا الناس بزعيق فرحتهم وماتبعها من عبارات أنه القوي الأمين الضامن لتنفيذ مخرجات الحوار والقابض على زمام أمن الوطن حتى لا ينزلق الى مصير البلاد التي غرقت في بحور دماء ومستنقعات الربيع العربي الآسنة ولم تتنسم شيئاً من عبيره كما توقعت !
فحكومات الأزمات يا سادة الزمن الرديء لا تتكون من تسعة وثلاثين زيراً أجوفاً وخفيردولة و لن تتوفر لها فرص النجاح في حده الأدنى مع كل عناصر تمدد الظل التشريعي والتنفيذي والإداري الذي لم تصل اليه يد تقصيره بمقص الضرورة وبالتالي تقليص عدد الولايات والغاء المعتمديات و اعتصار ميزانيات الصرف على الأمن و البذخ الدستوري ودلال المليشيات وتشكيل المحاكم الناجزة لمحاكمة المفسدين وليس لجلد الفتيات والسيدات المتطاهرات لمجرد ترديدهن النشيد الوطني أوسجن الشباب المحتجين السلميين!

وساعتها يمكن أن يدخل الى عقل الصبية في مرحلة رياض الأطفال أن قانون الطواري لم يكن الهدف منه إعتراض مسيرات الإحتجاج التي لن ولم تتوقع اساساً غير ملاح البشير البايت على صحن دحلوب المتسخ التي جاءت رائحته مثلما توقع كل العقلاء.. و ليس كما تفاءل الواهمون الذين صدمتهم الرائحة وأحبطهم الماعون أكثرمن غيرهم..فأقرأوا تغريدة الهندي عز الدين قياسا على تاكيد ماورد عاليه!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..