الطفيلية في الغناء السوداني

@ عَرِف الناس التطفل منذ قديم الزمان ، تقول العرب أنه منسوب الي طُفَيل و هو رجل من أهل الكوفة من بني عبد الله بن غطفان كان يأتي الاعراس و الولائم ونحوها ولا يقعد عن وليمة و لا يتخلف عن عرس ويقال له طفيل الاعراس أو العرائس فنسب اليه كل ما يفعل فعله الطفيلي . في عالمنا اليوم تستخدم عدة الفاظ وكلمات دالة علي التطفل و المتطفلين ، قوم أشعب ويستخدم السودانيون كلمة (الكوكب) و (الفانوس) و عندما يكونوا مجموعة ينادونهم ب (أعضاء المجلس الاربعيني) و هي ذات الفئة التي أطلق عليها أهل ودمدني للشخص الواحد منهم (الرجل المايكرفون) الذي يتصيد نشرات الاخبار الوفيات ليتطفل علي أهل المأتم فطور و غذاء و عشاء (ملح) ويمكن نفحه ببعض الدنانير. لهم طقوس و اتصالات بعضهم بعضا لدرجة أنهم يبيعون المناسبات (الكاربة) لبعضهم بعضا إذا تعذر التواجد في أكثر من مناسبة.
@ أما في الحفلات فهنالك مصطلح (البَعَام) الذين يرافقون العازفين و المطربين وصاحب الساوند ليصبحوا ضيوفا غير مرغوب فيهم خاصة عند إصرارهم علي تناول عشاء الفنانين رغم تأفف الفنانين. في علم الاحياء الطفيل هو كائن حي يعيش متطفلا علي كائن حي آخر في داخله أو خارجه التطفل Parasitism و هو أحد أنواع العلاقات التكافلية بين الكائنات الحية من مختلف الأنواع حيث يعتمد كائن حي، الطفيل، في المعيشة على العائل. ويشير مصطلح الطفيل عادةً إلى الكائنات الحية التي تعتمد خلال مراحل حياتها المختلفة على أكثر من عائل واحد . التطفل ليس حصرا علي علم الاحياء (البايولوجي) وانما تعداها الي كل مجالات النشاط الانساني خاصة في مجال التكسب من النشاط الاقتصادي الذي ازدهر فيه النشاط الطفيلي و هو الكسب الغير مشروع . هنالك نشاط آخر تميز بانتشار النشاط الطفيلي للتكسب من الغناء و الاعتماد علي اداء أغنيات الغير دون اعتبار لحقوق المؤلف و الملحن و المؤدي وحققوا من وراء ذلك مكاسب ضخمة بينما أصحاب الحق يموتون بحسرتهم.
@ في إحدى المقابلات الإذاعية مع الشاعر الضخم محمد بشير عتيق الذي يطرب كل افراد الشعب السوداني باغنياته التي رددها قطاع عريض من المطربين و المؤديين. يقول
عتيق: بينما أنا توكلت علي الحي الدائم أن أبيت القَوي في إحدي الليالي بلا وجبة عشاء لحالة الفلس التي اعاني منها لم أجد أمامي سوي التأمل في نجوم السماء في تلك الليلة و بعد قليل تنطلق مايكروفونات في الحي الذي اسكنه والحي المجاور و اصوات بعيدة لمجموعة مطربين كنت استمع اليهم يؤدون عدد من أغنياتي و بعضها بلحن آخر أصابتني حالة من الاحباط كيف واني شاعر كل هذا الشدو الجميل ابيت ليلتي علي الطوي ببطن خاوية ومن يتكسبون بكلماتي و اغنياتي متخمون بعشاء الفنانين وفي نهاية الحفل تنتفخ جيوبهم بالعدادات . هذا هو أسوأ انواع التطفل والذي يقوم علي التكسب بحقوق و ابداع الآخرين.
@ النشاط الطفيلي له موسمه كبقية الانشطة و خاصة موسم الازمات و الحوجة أما في مجال الغناء هنالك موسم الاعراس خاصة في العطلات إلا أن موسم رمضان الكريم رغم أن حفلات الاعراس و المناسبات الاجتماعية الاخري متوقفة إلا أن القنوات التلفزيونية صارت عبر برامجها تشكل موسم للنشاط الطفيلي لمجموعة الفنانين الذين يتكسبون من غناء العمالقة و اشعار الكبار لأنه لا أحد يستمع الي منتوجهم الخاص إن وجد وبذلك يسجلون تطفلا علي أغاني الغير طيلة أيام الشهر الفضيل . برنامج أغاني و أغاني الفكرة العامة التي استحسنها الجميع تقوم علي توثيق لتاريخ الغناء السوداني بينما استغلها الطفيليون مناسبة للتغني اكثر من التوثيق وجميل جدا أن نستمع لنماذج من الغناء بصوت الواعدين من الاصوات الجديدة تشجيعا للآخرين و لكن إحتكار البرنامج لبعض الاصوات التي آدمنت التطفل علي أغناي الغير أصبح أمر لا يطاق و كمان معاها شتارة و خفة دم تقيلة و خروج عن الانضباط . الطفيلية في الغناء السودان نشاط تكسب ولا أخلاقي افسحوا المجال للواعدين و نجوم الغد و انتهى العمر الافتراضي للمتطفلين دوما علي غناء الآخرين في أجهزة الاعلام و القنوات التلفزيونية أما كفاهم حفلات الاعراس و المناسبات الاخرى حقيقة الطفيلي لا دين ولا أخلاق له. هذه الايام تنطلق تسجيلات برنامج اغانى و اغانى الذى اصبح عبء ثقيل على الاسماع و برنامج ل (الشو اوف) خاصة للمطربات و الحسنة الوحيدة فى هذا البرنامج منتجه و مقدمه الاستاذ السر قدور الذى بات عليه اعادة النظر فى برنامجه لرمضان القادم و لا داعى لزحمة مافيهاش رحمة غير إدمان التطفل على انتاج الآخرين و بمنتهى القنزحة و كأنها اغنياتهم و نناشد السر قدور بمزيد من التوثيق مع قليل من التقليد.
الجريدة
“و كمان معاها شتارة و خفة دم تقيلة و خروج عن الانضباط ”
بس جاء ناطي في راسي فرفور