“زغاريد” تجديد الإقامة

مر دهر من الزمان ، وأصبح ” تجديد الإقامة” ، للأسرة المقيمة في السعودية ، مصدر فرح يستوجب إطلاق “الزغاريد” ، فالقصة أصبحت “صعبة جدا” ، فالذي يستطيع أن يجدد إقامة أسرته في الوقت الراهن مثل الذي أشترى لوري هوستن في الستينيات وأدخله القرية ومن خلفه وامامه تسمع صيحات الاعجاب وهي تختلط بــــ “البوري” وهو يطلق أحلى الاحان .. فالذي يجدد إقامة أسرته خلال هذه الفترة هو جدير بأن يتلقى التبريكات بهذا الإنجاز الكبير.. لاشك أنه واقع مؤلم أن نحتفل بمجرد التجديد لضمان أن نظل خارج السودان لأعوام مديدة !.
ببساطة أضحى أمر تجديد الإقامة من الأمور المستعصية ، لدرجة أن عدد مقدر من المغتربين انتهت صلاحية اقامتهم ، وهم لايزالون في السعودية ، ينتظرون “الفرج” ،ومن بينهم من عليه سداد مبالغ مالية تتفاوت من شخص لأخر ، وفقا لتدرج الرسوم المالية التي بدأت قبل عامين بــــــ 100 ريال ثم 200 و300 فيما نقف الان على بوابة الـ 400 ريال لأي شخص “شهريا” ولو كان “رضيعا” ،ودون ذلك تغلق أمامه جميع الخدمات .
نعم أنه أمر غاية في الألم أن نسعد ونحتفل بأن أستطعنا سداد رسوم مالية لتبقينا خارج السودان ، وبطبيعة الحال العيب ليس في معشر المغتربين ، ولكن العيب في وطن تقعده ظروف اقتصادية بالغة التعقيد ، استمرت لسنوات طوال دونما حلول نهائية.. كثير من المغتربين الان هم يقفون في حيرة كبيرة ، فالبقاء في السعودية يستوجب سداد مبالغ مالية لربما فوق طاقة اعداد كبيرة منهم خاصة الذين فقدوا وظائفهم نتيجة برامج سعودة الوظائف ،وفي ذات الوقت العودة في السودان في ظل الظروف العامة للواقع الاقتصادي ، كما أن هناك أسباب أخرى فكثير من المغتربين الذين لم يبخلوا على أهلهم ولا وطنهم طوال تاريخ اغترابهم لا يملكون بيوتا تأويهم ، وماكانوا يحسبون حساب مثل هذا اليوم الصعب !.
حينما نكتب وننادي سفارة السودان في الرياض ، وجهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج ، بمعالجة هذا الملف الشائك ، يرى قطاع عريض من المغتربين بأنه لا حياة لمن تنادي ..ورغم ذلك نرفع صوتنا بالنداء أن هناك نفر كريم وعزيز من المغتربين ، أسهم في كثير من المشاريع الوطنية ، واشاع الفرح في الريف والبندر ، يجب إيلاء قضيتهم اهتمام مستحق .
مثل هذا المغترب الذي تشهده له سجلات دفع الضرائب ، ودفاتر طويلة جملها في المدن والقرى بالدفع السخي ، يجب على الجهات المعنية بأن توليه اهتمام يستحقه ، وذلك من خلال دراسة أوضاع الأسر المتعثرة في سداد الرسوم ، والعاجزة حتى عن العودة الى السودان ، ومن ثم تقديم العون اللازم .
مصطفى محكر .
[email protected]