مقالات سياسية

الواقفون على الرصيف

ما زال الكثير من أبناء وبنات بلدي يقفون على( رصيف) الحراك الذي فرضته ظروف لم يكن معها الإستمرار في الصمت محمدة، ولم يكن من الدين ولا الأخلاق الصمت حيالها.

فوقوفهم على الرصيف مجرد مستمعين ومشاهدين، يعني أنهم مشاركون في الجرم الكبير الذي لحق بالبلد والدافع للثمن سيكون هم أبنائهم وبناتهم مستقبل الدولة وأملها في واقع أفضل. وهنا لا بد من طرح بعض الاسئلة عسى أن تكون إجابتها دافعا لهم للوقوف مع أنفسهم أولا ثم إنخراطهم الحتمي مع إخوتهم نحو التغيير.

هل يرى الصامتون أن هذا النظام قادرا على الإيفاء بوعوده التي قطعها منذ ثلاثين عاما ولا زال؟ ألا يرى (رب/ة) الاسرة، الحال التي وصلوا اليها من شظف العيش والإذلال والجوع والأمية ؟ لماذا لا يرى الواقفون على رصيف الحراك أن معاناة أهل السودان مستمرة، وابسط حقوقهم مهضومة وابواب المسؤولين موصودة في وجوه الكادحين بينما ينعم أهل التنظيم ومن يسير في ركبهم (في جنات ونعيم)؟

من واجب الحكام ان يعدلوا وان يجعلوا شعبهم يعيش في رفاهية سواء أكان في تعليم أوصحة أو معيشة، وواقع الحال يقول أن 90% من شعب السودان يعيش بؤسا لم يسبق له مثيل نتيجة للفساد وسوء التخطيط في إدارة شئون الدولة، فهل يعى الذين يصمتون أن في صمتهم شيطان اخرس؟.

تتحدث الحكومة عن أرقام خيالية عن حجم البطالة بالسودان أكدت أن شباب السودان موعود بمصير غامض لله وحده يعلم كيف ستكون نهايته. فقد افادت تقارير رسمية أن نسبة البطالة بشكل عام وصلت % 38 ، نسبة الخريجين منها أكثر من % 44 وهو ما يعني أن نضاعف الرقم إذا أردنا الحصول علي النسبة الصحيحة، باعتبار ان الإحصائيات الحكومية غالبا ما تكون غير موثوق بها.

فهل يعي الواقفون على رصيف المعركة أن معظم شباب السودان الجامعي ما بين عاطل ومهاجر، ومن هو موجود بالداخل يعيش خارج نطاق الحياة ؟

وبخلاف الشباب الجامعي، كم عدد الذين لم تتح لهم فرص الدراسة من الاساس لأسباب الفقر والنزوح والحرب وغيرها من أسباب؟ وهل تم رصد عدد الشباب العاطل داخل الاحياء والقري والمدن بولايات السودان المختلفة لنرى حجم الدمار الذي ألحقته الانقاذ في موارد السودان البشرية؟

وهل وعى من يقف على الحياد معنى أن يكون هناك شبابا عاطلا وغير منتج في بلد مترامي الاطراف يملك من الثروات الطبيعية مالم يتوفر في أي دولة أخرى بدول الاقليم والمنطقة؟ وليسأل كل من وقف موقف المتفرج في هذا الحراك منذ بدايته إلى اليوم: من المستفيد أصلا من هذه الثروات التي خرجت من بلادي بلا عودة؟

الحكومة أسهمت بشكل مباشر في إبعاد الشباب بتيسير وتسهيل إجراءات سفره للخارج بأي ثمن، وهو التصريح الذي أعلنه رئيس الوزراء الجديد في أول إسبوع له بالوزارة. لذا فكل ما حدث وما يحدث يفترض ان يلفت إنتباه الأسر وتسرع بالإنضمام إلى الحراك، والإنخراط في عمليات الحراك النشط التي ستقود إلى تغيير الواقع الحالي إلى آخر أكثر رفاهية وإحتراما لكرامة الإنسان وآدميته.

وكما قال مارتن لوثر كينج (أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد في اوقات المعارك الأخلاقية العظيمة).

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..