مقالات متنوعة

إرباك الامام

إرباك الامام

ظل السيد الصادق المهدي لغزا محيرا، ليس لشباب حزبه ولا للقوى المتحالفة معه، وانما لجماهير الشعب السوداني قاطبة، ومرد هذه الحيرة هي مواقف الرجل المربكة والمحيرة والمتناقضة، والتي ما فتئت تفتح أبوابا من التساؤلات غير المجابة، ريثما يرفدنا الإمام أو مكتبه ببيان وتبيان لشرح موقف، يزيد الغموض عتامة، ويفتح ابوب الأسئلة المتناسلة لمواقف الرجل المحيرة والمركبة، إذ ماذا يريد الامام؟؟ .

فالسيد الإمام ظل ولفترة طويلة يتبنى خطا غير مفهوم في مقاومة النظام، فهو يرفض التغيير العنيف كما اسماه، وكنا نعتقد ان المقصود هو الثورة المسلحة او المحمية بالسلاح، كون ان هناك تنظيمات ثورية مسلحة تتبنى خط التغيير المسلح كأحد أدوات التغيير المشروعة وفق رؤاها، ولها فلسفتها ومبرراتها في هذا الصدد، ولأن النظام مارس إبادة وقتل ممنهج في مناطقها، مقرونا بخطاب النظام الدائم، انه جاء بالقوة ومن أراد تغييره عليه امتشاق ذات أدوات القوة. ولكن في أحداث سبتمبر اتضح ان حفيد المهدي، والذي قاد ثورة مسلحة قبل اكثر من قرن توجت بطرد الأتراك،له رأيا عُجبا، فالامام يقصد بالتغيير الثوري حتي الثورة الشعبية الجماهيرية، ويفضل التغيير وفق الحوار والتسوية وعدم الاقصاء(راجع لقاءات الامام مع الاسلاميين وتصريحاته) علي قرار الكوديسا التي ظل يرددها علي الدوام، ومما يعضد هذه الفرضية موقفه ابان ثورة سبتمبر وقوله انه ضد التغيير بثورة، ومقولته الانفعالية النادرة، لشباب الثورة من حزب الأمة الذين لم يعجبهم موقفه حينها، فقال قولته الخالدة :الباب يفوت جمل.

ظل التناقض هو السيمة المرادفة لفعل وقول الامام، حتي سبب كثير حرج لحلفائه وقبلها اعضاء حزبه،فتارة يتحدث عن إعفاء البشير من المحكمة الجنائية، فيهرول الحلفاء ومكتبه لتبرير قوله وتأويله، وتارة اخري يتحدث عن القاء التتظيمات لسلاحها، فتهرع ذات التنظيمات الي تدبيج بيانات الطمأنة لجماهيرها الغاضبة، أن المقصود هو العمل في إطار نداء السودان، ففي كل قول للامام لا بد من كتلوج إيضاحي يشرح ويأول، ويلوي ظاهر الكلام وبينه، حتي يتوافق مع رؤي الحلفاء وما اتفقوا عليه مسبقا مع السيد الإمام ويرفع الحرج عنهم أمام جماهيرهم.
بالامس ضجت الاسافير بخروج الامام فرحة مستبشرة، ضاحكة مستنصرة بان الإمام اخيرا اعطي شارة الخروج لجماهيره، بان دشن مسيرة النصر بنفسه، متقدما لصفوفها ، ولكن قبل ان تكتمل الفرحة، خرج مكتب الامام وائدا للامال ودافنا للعشم، بان الخروج كان لمجرد عزاء قرب المسجد؟؟؟ . وليس لتقوية الجماهير وتحفيزها ونصرتها وقيادتها، وتدشين أبريل الجديدة. ولرفع الحرج اردف الامام بيان النفي من مدير مكتبه ببيان شرح صادر منه شخصيا، لا يرفض المظاهرات ولا قيادتها ولكنه يقول كلاما لم تفهم مراميه للعامة، مستشهدا ان من أسرته من يخرج للمظاهرات، متناسيا أن فلذات اكباده أيضا جزءا من النظام فلا يصح هنا الإستشهاد، وبذات المبرر الذي يقول انه لايتدخل في خياراتهم، فهذا لا يبين انه مع المظاهرات، لانه تحدث مستشهدا بافراد من أسرته، لا مبينا موقفه الشخصي المربك والمحير والذي كما يقول اهل الكرة اعطيت له مقشرة، فابي الا ان يهدرها، او كما يقول الأثر الشعبي
(أباها مملحة واخشي ان يكوس لها الامام قروض)
او كما يقول المثل.

فاروق عثمان
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..