مقالات سياسية

الدرس

ما زال قادة الحزب الحاكم (إن أنكر ذلك) يحاولون فصل قضية المطالب الاحتجاجية من المطالب السياسية بتبريرات أبرزها أن الشعب السوداني خرج لتدهور الأوضاع الاقتصادية –
والتي يجري إصلاحها وإبطال الخلل الذي أصابها – ولم يخرج للشارع معبراً عن قضايا سياسية.

يتوهم من يظن أن قضية الاقتصاد السوداني تنفصل عن الواقع السياسي السوداني المأزوم والعلة في السودان في المقام الأول علة سياسية قبل أن تكون علة اقتصادية، ولذلك فالأمر يتطلب إصلاحاً سياسياً مؤلماً وهذا هو المفقود لدى الحكومة، فهي لا ترى الأزمات إلا بمنظار ما يحقق لها البقاء بصرف النظر عن الضريبة التي يدفعها الآخرون من أفراد الشعب السوداني في سبيل ذلك.

وإذا كانت هذه الاحتجاجات خرجت بسبب تداعيات اقتصادية مست الشعب السوداني ولم تمس الحكومة أو منسوبيها، هذا هو الذي جعلها هذه المرة لا تتوقف عند المطالب الاقتصادية ولم تعر الإنفراجة النسبية التي حدثت بالنسبة للخبز اهتماماً وزادت المطالب سقفها للمطالبة برحيل النظام.

ولكن الحكومة وحزبها في ذات الوقت يبحثون عن حلول للأزمات الاقتصادية في ظل الفيل وليس الفيل، فيتحاشيان الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية ولذلك لن يصلان للحل لأنهما يريدان شراء الوقت بحلول على الورق.

الدرس البليغ في هذه الأحداث أن الحكومة في سابق عهدها قبل (ديسمبر) لا تريد أن يمسها سوء من أي إجراء اقتصادي تتخذه، لأنها غير آبهة بما يترتب على المواطن من هذه الإجراءات السياسية قبل الاقتصادية، ولكنها الآن لن تستطيع أن تفعل ومحاولات استدرار عواطف الشعب السوداني بالثناء على صبره وتحمله للمحن ما عادت تجدي و(حنك بيش)!!

ستزيد العزلة الشعبية والقطيعة بين جماهير الشعب السوداني بعد هذه الأحداث مع الحزب الحاكم خاصة وأن وعود قياداته المتكررة بشأن إيجاد حلول للأزمة ظلت تسقط الواحدة تلو الأخرى.. هذه الأحداث أيضاً ستغير في ديموغرافيا السياسة في الجامعات ووفرت مكان خصب لقوى المعارضة للاستقطاب..

وكذلك أكدت أن واجهات الوطني الطلابية والشبابية أصبحت منتهية الصلاحية ولن تقدم له شيئاً فغالب جيل المستقبل حتى أبناء الإسلاميين باتوا يقفون في الصف الذي ينادي بذهاب الإنقاذ.

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..