أخبار السودان

نهار: الإهتمام الزائد بالمؤتمر الوطني سيقل … المُظاهرات في أي مكان بالعالم تُقابل بالإعتقالات وضرب الرصاص في الهواء

الأمين السياسي لحركة "العدل والمساواة" ... شخصنة القضايا واحدة من أمراض السياسي بالسودان

يوماً ما كان نهار عثمان نهار،الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة جناح دبجو من أقوى المُعارضين للنظام الحالي، لم يكتفِ بقيادة التظاهرات المُناهضة له، بل حمل السلاح ودخل ميادين الحروب مدافعاً عن حقوق أبناء الهامش ـ كما قال ـ . ولكنه اليوم يرى عن قناعة راسخة بأن لا سبيل لكافة الأطراف المُتنازعة سوى مائدة الحوار السلمي . “سودان تايمز ” جلست إليه في حوار مُطول لم يكتفِ فيه بالإجابة فقط ، بل دعمها بالوضح التام .
حَاورته : سلمى عبدالعزيز

~السياسة مهنة معقدة تحتاج لوعي وإدراك بمفاتيحها ؟
الوعي السياسي عرفته مُبكراً ، قرأت الصحف وتابعت الإذاعة بالمرحلة الإبتدائية ـ وأذكر أني كُنت أمتلك ” راديو ” لازمني مُنذ الصغر ، وهذا مرده يعود للوالد ، فبالرغم من أنه لم يتلقى تعليم نظامي ، قرأ ” خَلوة ” ، لكنه كان رجل عصامي في حياته المهنية والفكرية ، ثقف نفسه بنفسه ، وقد كان شغوفاً بالسياسة العالمية .
~ يبدو أن الذاكرة تختزن بالعديد من الحَكايا للوالد ؟
الوالد خلفيته ” أنصارية “، حفظ القران بالجزيرة أبا ثم ذهب لنيالا ، ومن الأشياء التي لن أنساها ، أنه في اليوم الذي أُعدم فيه محمود محمد طه ـ كُنت وقتها طفلاً ـ لم يتجاوز الحادي عشر من عمره ، سمعته يقول إنه قُتلاً بالخطأ وإن إعدامه غير صحيح ، في ذاك الوقت شكل ماقاله تشويش ذهني لدي لأن الإعلام كان يقول إنه “مرتد ” بينما يُصر أبي على أنه “متدين وحافظ للتفسير والقران”،هذه الحرب التي دارت بذهني أنذاك وضحت لي تفاصيلها لاحقاً ، إذ تبين أن إعدامه كان لإسباب سياسية أكثر من جانب الردة .
~أول مُحاولةً استقطاب سياسي ؟
أول مُحاولةً كانت من قبل الجبهة الإسلامية أبان فترة الديمقراطية الثانية بالثمانينات، قادني أحد الإخوة لمعسكر بالمهندسين ـ في ذاك الوقت كانت المنطقة شبه خالية ـ مكسنا هُناك عُدة أيام ، شهدت هذه الفترة أيضاً أول دخول لي للمجلس الوطني،بغرض حضور محاضرة لدكتور أمين حسن أمين ، لكن لم استمر بعدها .
~إذاً البداية كانت من الجبهة الإسلامية ؟
قال نافياً ، أبداً ، لكن فلنقل أنّه احتكاك مع الجبهة الإسلامية ، القراءة وكثرة الإطلاع منعتني من دخول في هذه ” القوالب الضيقة ” .
~متى كانت نُقطة الإنطلاق الفعلية ؟
من الجزائر التي درست فيها المرحلة الجامعية عبر التحالف الفيدرالي وقد أصبحت ناشطاً سياسياً في العام “97”، بعدها إنتقلت إلى هولندا مواصلاً فيها عملي السياسي .
~والعمل المسلح؟
إنطلق العمل المسلح تحت مظلة ” تحرير السودان ” ، التي انضممت إليها بعد حدوث شد وجذب داخل التنظيم الفيدرالي ، حيث كُنت وبمعيتي أخرون نرى أن العمل المسلح والثورى “أخوان” فقمنا بتأسيس المكاتب،وبدأتُ بقيادة التظاهرات ومُقابلة وزراء الخارجية في هولندا ، إضافة إلى أنني كُنت أحضر للميدان والمشاركة في الجولات التفاوضية،استمريت على هذا المنوال حتى التوقيع على ” أبوجا ” .
~بعد ” أبوجا ” كُنت أرى أن العمل المُسلح أدى رسالته ، وبالرغم من خروج زعيم الحركة ” مناوي ” دون مشاورتنا ، قررت الإلتحاق ” بالعدل والمساواة “.
~الإنسلاخات لعنة تُلاحق الحركات والتنظيمات السياسية بدارفور ؟
ليست بدارفور فقط،الإنشقاقات طالت كافة الأحزاب بدايةً بالمؤتمر الوطني والحزب الإتحادي مروراً بالحزب الشيوعي والبعثي.أما فيما يتعلق بالحركات فقد بدأت بحركتين هما ” تحرير السودان والعدل والمساواة “،بدأت الإنشقاقات بالأخيرة لخلافات حول الشخصيات القياديةوقدأتسمت الانشقاقات بالطابع العسكري أكثر من السياسي .
أما حركة تحرير السودان فقد شهدت أول خلاف بمؤتمر “حسكنيتا” الذي قاد إلى إنشطارها إلى حركتين الأولى بقيادة أحمد حمد النور والأُخرى بقيادة مناوي.أستمرت بعد ذلك الإنشقاقات التي كان الإختلاف في الرؤى وأدب إدراة الخلاف يأتيان في مقدمة اسبابها.وهذه واحدة من أمراض السياسية السودانية
~ هل تُوجد ” شخصنة ” للقضايا ؟
نعم ، وهذه واحدة من مساوي الممارسة السياسية في السودان .
~يمر السُودان بمرحلة صعبة للغاية ، كيف تقرأ الأحداث ؟
القرارات التي اتخذها الرئيس وضعت البلد في منصة جديدة ، في الفترة الماضية شهدنا العديد من الأزمات الإقتصادية والسياسية أوصلت البلد لحالة من الاختناق واقتربت من المجهول،إضافة لذلك الإحتجاجات المشروعة التي قام بها الشباب فكان يجب على أي قيادة رشيدة القيام بالعديد من الإجراءات حتى لا تقود البلد إلى مزبلة التاريخ .
~هذه ليست المرة الأُولى التي تتخذ فيها القيادة قرار لإنتشال البلد من مزبلة التاريخ ـ التي ذكرت ـ ؟
نعم ، كان ” الحوار الوطني ” ولكن مايحدث الآن أكبر من سقف الحوار ، وقد كُنت عضو في لجنة قضايا الحكم ، ولكن مخرجاته وترتيب تنفيذها ، إضافة لأنه لم تُشارك فيه كافة القوى السياسية داخلياً وخارجياً منعه من القيام بدوره كاملاً .
~هل فشل ” الحوار الوطني ” في تنفيذ ما خُلق لأجله رغم ذاك الزخم حوله ؟
ليس فشل كامل ، ولكن هُناك بطؤ وعدم ترتيب أولويات ، لذلك لا يمكن أن نحكم عليه بالفشل ، ولكنه لم يكن قدر الطموح
~إلى ماذا تعزي التدهور الإقتصادي المريع الذي تشهده البلاد الآن ؟
موارد الدولة انحسرت بعد الإنفصال ويمكن أن نُطلق على ماأسلفت سبب خارجي ، أما داخلياً فإن الاستعمال غير الراشد ” تهريب ، تخزين ، مضاربات ” وهذه تحتاج لقرارات قوية للقضاء عليها .
~هُناك من يُطلق على الإحتجاجات الشعبية ” ثورة جياع ” ؟
الشباب خرجوا للشارع نظراً لإنسداد الأفق ، القصة لا تقتصر على المعيشة والخُبز فقط ، إنهم يحتاجون لتوفير فرص في العمل والحياة السياسية والثقافية.
~البعض يقول إن تسليم الحُكم للعساكر أشبه بـ”الإنقلاب العسكري ” ؟
تسليم الحُكم بالولايات للعساكر أعاد هيبة الدولة وقوتها وفعاليتها ،نظراً لقومية القوات المسلحة ، والدليل على ماذكرت تلك الإستقبالات العفوية في الولايات للقادة العسكرين .
~ أسباب فرض حالة الطوارئ ؟
نعم الأزمة الإقتصادية قد تقود لتدهور سياسي امني من شأنه أن يؤدي لمحاولات انقلاب على نظام الحكم ، وأعتقد أن السيد الرئيس قد قرأ الوضع جيداً قبل أتخاذ هذا القرار .
~ماذا كان يعني الرئيس بقوله ” سنكون على مسافة واحدة من الجميع ” ؟
أظن أنه يعني أن الإهتمام الزائد بالمؤتمر الوطني ، أو التداخل بينه والدولة سوف يقل ، إضافة إلى أنه لن ينال نصيب الأسد في التكوين السياسي بالولايات والمركز .
~ هي تُعتبر هذه المقولة بمثابة الإعتراف بأن المؤتمر الوطني كان “حزب مدلل ” ؟
ممكن يكون ، لأنه وفقاً للقوى الإنتخابية المؤتمر الوطني يعد حزب الأغلبية ، ولكنك عندما تكون في بلد يمر ببعض الظروف ، لا يعني أن الحزب الأقوي يستحوذ على الحكم .
صحيح أن الحوار الوطني أدخل بعض الأحزاب ، ولكننا ما زلنا نحتاج لتكبير ” الكوم ” ، مثلاً حملة السلاح يجب أن تجلس معهم الحكومة وتضمينهم في الخطط المستقبلية للدولة .
~بالعودة للوراء قليلاً ، هل توجدة خطوة لتحويل حركة ” العدل والمساواة ” لحزب بُغية المٌشاركة في الإنتخابات القادمة ؟
نسعى جدياً للمضي نحو هذه الخطوة ، لأن واحد من اشكاليات الحركة اهتمامها بالجانب العسكري أكثر السياسي حيث أدخلنا أكثر من ألف وخمسمائة مقاتل في القوات المسلحة ،
~أوصلتم صوتكم بالسلاح ، والأن هُناك من يُردد ” سلمية ” ؟
نحن كشباب هامش وصلنا أصواتنا بالسلاح وجينا جلسنا للسلام ، ولكن نتمنى من شباب المدن بعد أن أوصلوا اصواتهم بالهتافات والإحتجاجات أن تصتحبهم الدولة معها في عملية الإصلاح .
~من يهتفون يُطالبون بتغير نظام الحكم وليس المُشاركة فيه ؟
ده ما الهدف ، هل ستُحل مشاكل البلاد بتغيير الحكم ؟ ، فلنقل إن الرئيس ذهب اليوم ، هل يُعتبر حل ؟ ، وبالمقابل هل إستمراره في الحُكم رغماً عن المواطنيين يُعتبر حل ؟ ، يجب الوصول إلى خيار وسطي يُعطي من يُطالبون بالإسقاط حقوقهم وفي الوقت ذاته نحفظ شرعية البلد .
~مُقابلة الإحتجاجات السلمية بالعنف المُفرط الذي نُشاهدة الآن بماذا تُفسره ؟
لأكون أميناً للإجابة على هذه النقطة ، يجب أن أُشير إلى أن السودان توجد به ثمانية عشر ولاية ، هُناك ولايات حتى هذا اليوم لم تخرج في مظاهرات ، ليس لأنه لا يُعانون من المشاكل ولكنها تختلف عن المركز وكذلك وسائل تعبيرهم عنها مختلفة .
مثلاً مواطن في “كورنوي” لا يملك فرن عيش أو عربية تحتاج لبنزين أويحتاج لوسيلة نقل ، ولكنه يُعاني من مشكلة في مياه الشُرب أو يحتاج لمركز صحي ، السودان مشاكله متنوعة ، صحيح من يقطنون المدن الحياة ” ضغطتهم ” لذلك خرجوا . يجب النظر لمشاكل وقضايا الجميع من أجل حلها وليس مواطني المركز فقط .
~لماذا العنف ؟
المُظاهرات في أي مكان بالعالم سوا بالولايات المتحدة أو فرنسا ، يطلق رجال الأمن الغاز المسيل للدموع ووقد تتطور لإعتقال المتظاهرين ، واطلاق الرصاص في الهوا ، مثل هذه الأشياء تحدث في مثل هذه الظروف .
~ماذا تقول عن الأتية أسمائهم ؟
العميد بخيت دبجو : هو من مؤسسي العمل المُسلح ، يُعد ضمن سبعة عشر شخص بدأو العمل المسلح في دارفور ، بالرغم من صغر سنه إلا أنه يتمتع بزكاء فطري وفطنة ، كان القائد العام لحركة تحرير السودان بقيادة مناوي ، وقائداً عاماً لحركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم ، لكنه إنحاز للسلام بصدق عندما أحس بأن الحرب لا طائل منها . يُمكننا أن نقول إنه واحداً من الشباب الذين حاربو بصدق وإنضموا للسلام بالصدق ذاته .
د. جبريل ابراهيم
الكلام عنه صعب ، فقد أعد كمين أُغتيل بمُوجبه رئيس العدل والمساواة أنذاك المرحوم محمد بشر وبمعية إحدى عشر من أبناء الحركة لإنحيازهم لعملية السلام ، لذلك فإن حديثي عنه لن يكون عقلاني ومقبول ، فقد إرتكب جريمة يرفض الإعتراف بها حتى الآن ، بالرغم من سعيه للإلتحاق بالعملية السلمية ، أقول له إن أي شخص يُخطئ ولكن يجب أن يُكون شُجاعاً ويعترف بأخطائه .
المرحوم محمد بشر
رجل حكيم ، كانت ستكون له بصمة في الواقع السياسي السوداني لولا قدر الله .
المشير عمر البشير
أي شخص يراه من زاويا مُختلفة ، ولكن الجميع يتفق على أنه ” زول ود بلد ” ، ورجل يفكر خارج الصندوق .
سودان تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..