مقالات سياسية

يا ما في الخلاوي.. بلاوي..!!

@ الخبر المؤسف الذي تناولته جميع الصحف اليومية ومواقع التواصل الاجتماعي والمرفق بصور تعذيب دامي لطلاب خلاوي الفتح مربع ۲٤ بأم درمان كشف المسكوت عنه في مؤسسة خلاوي القرآن والتي تمارس في غالبيتها أفعال يندي لها الجبين لجهة أنها أضحت معسكرات خارجة عن سلطة القانون ورقابة الدولة وباسم القرآن الكريم أصبح شيوخ تلك الخلاوي يقومون باستغلال هؤلاء الطلاب في الكثير من الاعمال المحطة من قدرهم بإجبارهم العمل الشاق في الزراعة والبناء وفي أعمال الاحتطاب والنقل والتحميل والرعي وكخدم بالمنازل في النظافة والغسيل في كل الاوقات واستغلالهم في تكبير كوم الحشود الحكومية وتلك التي يقف عليها حزب المؤتمر الحاكم واللجان الشعبية وربما استخدامهم كأصوات انتخابية لترجيح كفة الحكومة بمقابل مادي وعيني يستأثر به الشيوخ او من يقوم مقامهم . أصبحت الخلاوي في زمن الانقاذ من أكثر أنواع البيزينس نجاحا بسوء استخدام الطلاب في الاعمال الشاقة والقاسية عائدها للشيخ وفي أيام الجمع والعطلات الدينية يدفع بطلاب الخلاوي الى تسول الاموال والطعام في الاسواق.

@ وأنا أطالع هذا الخبر المؤلم تذكرت مسودة قام بإعدادها الاخ الصديق عباس محمد سليمان الشهير (بعباس شي) الموظف بمركز دراسات الفلكلور ببحري والذي كان يعمل به كوكبة من المبدعين على رأسهم الاستاذ الطيب محمد الطيب والاستاذة (الراحلة) زينب عبدالمجيد حسن القاضي والمبدعة خبيرة تصميم الازياء دار السلام عبدالرحيم والأستاذ حسن عباس عجب. تدور المسودة حول (أمن دولة الخليفة عبد الله التعايشي) وكيف سخر الخليفة أفراد يعملون في الخفاء للرصد والتعقب وجلب المعلومات ومن طائفة (البصاصين) تلك كان يغلب عليهم الموالون للخليفة من بني جلدته كان يستغل مهنة بائعي (الترمس والكبكبيه) المتجولون حصريا لأفراد جلب المعلومة والرصد. من ضمن ما جاء في المسودة أن الخليفة وظف مؤسسة الخلوة لجهاز تابع لأمنه لأن من ضمن العقوبات التي يوقعها الخليفة هي حفظ بعض اجزاء من المصحف وتنفيذ عقوبة الجلد بواسطة الشيوخ وبعض أشكال من التعذيب والاعمال الشاقة.

@ ما يحدث في الخلاوي الآن يبدو أنه ارث مستمد منذ عهد الخليفة عبدلله ونظرا لأن الخلوة مؤسسة ضُربت عليها العزلة خصيصا لتصبح عالم لسطوة الشيخ، يمارس فيها ما شاء له من استبداد وتسلط باسم الدين وتربية السلف الصالح على الخشونة والاعتزال. غالبية شيوخ الخلاوي يقومون بإرسال مناديب لهم، يقومون بإحضار ابناء الفقراء والايتام من القرى النائية والمتفرقة في أصقاع كردفان ودارفور ومناطق الشرق الذين يمثلون قوام طلاب تلك الخلاوي التي يقع معظمها في الجزيرة وفي الريف الشمالي والغربي لأم درمان. الخلاوي الآن اصبحت مصدر ثراء وجاه لغالبية شيوخ الخلاوي الذين يعتمدون على عدد الطلاب للتسول باسمهم لدى السلطات والخيرين والمنظمات الانسانية وتلقي دعم ديوان الزكاة و(أموال وزروع وقطعان) غير الزكاة الفطرة والصدقات المادية والعينية من المكلفين والمتبرعين علاوة على ان هنالك أوقاف وهبات لبعض الخلاوي تصبح ارصدة لأولئك الشيوخ الاثرياء بجانب الدعم الحكومي المحلي والولائي الشهري لتلك الخلاوي.

@ في عهد الانقاذ أصبحت الخلوة تشكل داعما حقيقيا لكل مناشط الحكومة في الحشود الجماهيرية لاستقبال المسئولين والمشاركة في الحملات والمتحركات المختلفة وكتائب متحركة جاهزة لحسم أي انتخابات عامة او على مستوى اللجان الشعبية او حتى النقابات. باسم طلاب الخلاوي أثرى شيوخها ثراء فاحشا خاصة من كانت لهم خطوط مفتوحة مع النظام الحاكم سواء شخصيات نافذة أو عبر الحزب ومؤسساته. هنالك عدد من الخلاوي استطاعت أن تكون لها مركزا ماليا مرموقا قوامه أسطول من العربات والبكاسي والشاحنات نصف نقل المعفية من الجمارك والضرائب والتي تمتلك مكانة مرموقة في سوق (الكرين) ولهم يد طولى في سوق العملة والعقارات واستغلال السلطات المحلية بالتصديقات لحيازة مواقع أراضي استراتيجية في عدد من المدن باسم الخلوة إلا أنها في الواقع بأسماء الشيخ وأسرته.

@ الغالبية العظمى من طلاب الخلاوي يعيشون في ظروف مأساوية تتمثل في رداءة الطعام الذي يتناولونه والذي يعتبر مجرد حفظ حياة لا تتوفر فيه المكونات الغذائية التي يحتاجها الجسم على الرغم من أن الدعم المادي والعيني الذي تتلقاه تلك الخلاوي كفيل بأن يجعل من مائدة اولئك الطلاب مطعم خمسة نجوم مع التحلية والمشروبات والمكيفات. سوء التغذية ترتبت عليه الاوضاع الصحية المتردية لطلاب الخلاوي الذين تنتشر وسطهم الحميات (الملاريا والتيفويد) والالتهابات الباطنية والدم الامراض الجلدية المعدية. معظم تلك الخلاوي يختلط فيها الاطفال مع من هم في سن المراهقة ويفترشون الارض ويتعرض صغار السن منهم لظاهرة التحرش الجنسي والاغتصاب والاعتداءات الجسمانية مما أدى لهروب اعداد من الطلاب وشقي الحال من يقع في القيد ويتعرض لأسوا أنواع التعذيب وتسبيب العاهات والعجز. ما يحدث في هذه الخلاوي لا يحتاج للجنة متابعة أحوال الطلاب تبعا للقرار الصادر من د. جابر ادريس عويشة رئيس المجلس الأعلى للدعوى والارشاد بولاية الخرطوم، كل خلاوي السودان تحتاج لإعادة نظر وتطويرها واعتبارها تعليم نظامي حكومي (خاص) يتبع لوزارة التربية وفك ارتباط هؤلاء الطلاب من ظلم الشيوخ.

الجريدة

تعليق واحد

  1. Avatar photo يقول عزوز (الاول) المناكف الذي لن يهدأ له بال حتى يصبح الكيزان الى زوال و ينضربوا على مؤخراتهم بالنعال وبعدها ينصلح الحال:

    لا أدري في أي عصر نعيش نحن؟؟؟!! لقد كان نظام الخلاوي مطلباً فيما مضى ولكن بعد انتشار التعليم النظامي صارت الخلاوي علامة تجارية للتخلف والجهل.

    إن هؤلاء الصبية الذين يدرسون في الخلاوي كلهم من الفقراء الذين عجز ذووهم حتى من توفير لقمة العيش لهم، ولذلك يركلونهم الى تلك الخرائب التي تسمى الخلاوي بغرض تحفيظهم كلاماً لا يفقهونه، ويمضون طفولتهم يعيشون على الكفاف وينامون في الارض ويجلدون ويصفدون بالسلاسل كالمجرمين،اذا تأخروا في حفظ القرآن حسب ما يريد الشيخ، ويمضون سحابة نهارهم في جمع الحطب وزراعة وحصد المحاصيل ورعي أغنام المسيد.

    منظر بشع أن تجد طفلاً يحمل لوحاً خشبياً ممسكاً بقلم من البوص يغمسه في دواة حبرها من (السكن) ليكتب ويحفظ ويمحو وكأننا في العصور الوسطى، شيئ يقطع نياط القلب حزناً على هؤلاء البؤساء، في الوقت الذي نرى العالم من حولنا قد وفر (لابتوب) لكل طفل، فماذا ننتظر من هؤلاء البؤساء من ابداع يساهموا به في رفعة وطنهم، مقارنة بأطفال يدرسون على (اللابتوب)؟؟

    كثيراً ما اسائل نفسي: هل نحن السودانيين أصحاب الدين الاسلامي؟ هل نحن اشد غيرةً على الاسلام من المصريين والسعوديين والمغاربة والباكستانيين والماليزيين والاندونيسيين وغيرهم من المسلمين، لماذا لا توجد خلاوي قي تلك الدول تفرض على أطفالها حفظ القرآن على ألواح الخشب وهم يكتبون جالسين القرفصاء ؟؟ ثم بعد ذلك ترميهم الخلاوي لا سلاح لديهم الا ما حفظوه من القرآن والحديث، فيعيشون عطالى عالةً على المجتمع ولا يساهمون بأي قدر في تنميته.

    أن تعليم الصبية السباكة والميكانيكا والنجارة والحدادة وغيرها من المهن أفضل من حشو رؤوسهم بالقرآن والحديث وقال ابن تيمية وقال الحسن البصري وقال النخشبندي وقال العسقلاني والفلاني والفرتكاني وما الى ذلك من حديث صار مكروراً حد الملل.

    ان سباكاً ماهراً أو نجاراً مبدعاً أو ميكانيكياً شاطراً أفضل من أي شخص يحفظ القرآن ويعتاش منه وهو ذليل، غاية ما يتمناه ان يجد مسجداً يؤم المصلين فيه ويقرأ عليهم يوم الجمعة خطبة حفظها الناس من كثرة التكرار.

    ثم ما الفائدة الآن من حفظ القرآن وبإمكانك ان تسمعه مجوداً ومقروءاً بأعذب الاصوات من خلال جهاز الموبايل الذي تحمله في جيبك؟

    إني اضم صوتي للكاتب المحترم واقول: اتقوا الله ايها الناس في هؤلاء الأطفال البؤساء وأقفلوا هذه الأوكار التي تسمى الخلاوي (البلاوي) وخذوا الصبية للمدارس أو حتى للورش ليتعلموا شيئاً ينفعهم وينفع اسرهم ووطنهم، بدلاً من هذه المذلة التي تقتل الطفولة فيهم فينشأون أناساً غير أسوياء ويعانون من العلل النفسية التى تدمر حياتهم.
    الاستاذ/ حسن وراق
    الاستاذة/ اخلاص نمر
    الاستاذة/ سامية جمعة
    لنضع نصب أعيننا هدفاً سامياُ شعاره : (انقذوا الطفولة وأغلقوا الخلاوي): تُغلق بس.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..