السودان الوطن الممكن: يا شُرفة التاريخ

يا راية منسوجة من شموخ النساء كبرياء الرجال
محمد الفيتوري ومحمد وردي
د. عبدالله جلاب
**فوق فوق سودانا فوق
بكل الفخار نقول وبالصوت العالي والعالم (كلوا) بيسمع “نحن شعب السودان”. وان هذه هي ثورتنا. هي ثورة كونية بإعتبار أنها أحد تجليات القرن الواحد وعشرين. لذلك فإن الأمر المهم الأول هو اننا الآن نصنع هذه الثورة كمشروع حديث قائم على مفهوم الحداثة والثورة معا ومن اجل بناء سودان جديد. والحداثة والثورة هنا تعني كل منهما مواجهة العنف بالا عنف. فالعنف هو احد مقومات واساليب ولغة العالم القديم. اذ ان القدم هو ابشع ركائز تلك الطلول وكما قال ابو نواس وصف الطلول بلاغة الفدم.
لذلك فقد أعطى هذا المشروع الثورى للعالم اجمع قيمته الانسانية الكبري بانه مشروع سلمي وبذلك كان وسيظل نداء الشارع: “سلمية سلمية” وأيضا “حرية سلام وعدالة والثورة طريق الشعب” وكذلك “سلمية سلمية ضد الحرامية”. وذلك من باب التأكيد. وتلك هي اعلى قيمة وانبل مقصد في ثلاثة من وجوه الثورة:
الوجه الأول أن القائمين بأمر الثورة يفهمون جيدا بانهم لا يستهدفون أولئك المواطنين الذين يسومونهم العذاب ليبادلوهم عنفا بعنف. وان ظلوا يواصلون بإرادتهم الحرة مواجهة ذلك العنف المفرط على مدي عمر الثورة، وعمر عنف الانقاذ بمثل ذلك التوجه السلمي النبيل. اذ ان ذلك النفر من المواطنين ليسوا هم المستهدفين بالثورة. لان الثورة كانت وستظل من اجلهم كمواطنين سودانيين وان الثورة لكل المواطنيين فالهدف الأساسي من الثورة هو إسقاط وتغيير النظام. ولقد سمعنا ذلك من الشباب وكل الثوار المرة تلو المرة. لذلك فقد ظل اولئك الثوار يواجهون تلك الجماعات المكلفة بالعنف بقولهم “سلمية” باننا نسعى بثورتنا هذه من اجلكم. وان ثورتنا سلمية أولا وضد الحرامية ثانيا و وضد الحكم المستبد لى الاصل وليست ضد المواطنيين السودانيين. لذلك فقط ظلوا يقولون:
***نحن مرقنا مرقنا
الوجه الثاني هو هذا الفهم العميق لما قام عليه هذا النظام حينما حول منذ يومه الأول “شعار الإسلام هو الحل” إلي “العنف هو الحل.” لذلك لم يجد أهل النظام لأنفسهم خلاصا من ذلك العنف إلا بالمزيد من العنف. تلك بلا شك هي تفاهة الشر. وان سودان الثورة يسعى الى قيام وبناء سودان اساسه “نحن شعب السودان” الذي تقوم قواعده على السلام والحرية والعدالة وبذلك فان مسعانا يتناقض منذ المبتدأ و المنتهى مع نظام الاسلامويين القائم على العنف منذ بدايته والى نهايته. وذلك هو ما عبر عنه حتى اولئك الاطفال وعم القرى والحضر والعالم ليلبس ثوبا موسيقيا جذابا:
***قوة البشير قوة فاسدة
ثالثا إن أكبر الدروس التي قدمناها لأنفسنا وللعالم اجمع هو أن الإسلاموية تقوم في الأساس على ما يناقض والدين الذي يدعو فيه الكريم العليم الى “تجارة تنجى من عذاب اليم” وهي تجارة الفكر والتفكير التي تدفع الى قيم النفس اللوامة التي ساواى بها حين اقسم بذلك الله جل جلاله بيوم القيامة. هنا يتجلى لنا عواقب الجهل المقدس الذي يحمل فيه أمثال اولئك الداعين بالدين ما قاله الله أيضا انهم كالحمار يحمل أسفارا. لذك فان العاملين علي دولة الاسلامويين وعنفها هم الذين لا يدركون تفاهة الشر الذي كلفوا به. تلك واحدة من مميزات الدولة الدينية التي هي اللواحة للبشر باعتبار ان دعائم وجودها يقوم باعتبار انها الموكلة بالحاكمية من عندالله. هكذا قدم إسلامويوا السودان نموذجا للشر باسم الدين. والآن يقدم شعب السودان للعالم نموذجا لتحرير الدين من تفاهة العنف اضافة الى القيم العليا التي ميزت انسانية القرن العشرين حينما تحررت بها شعوب العالم من النظم القائمة بالشر المتمثل في شموليات النازية والفاشية والاستالينية والإسلاموية وما شابهها من النظم القائمة بالشر. عربية كانت او آسيوية او غيرها.
***يا عنصري مغرور كل البلد دارفور
*** يا عنصري وسفاح وين الجنوب وين راح
الان يخرج فصيل من السودانيين رجالا ونساءا وفق أعمارهم المتعددة وفي مدنهم وقراهم على مستوى العالم أجمع يحولون من ثورتهم هذه الى ظاهرة كونية تحمل في سماتها اهم علامات القرن الواحد وعشرين حيث تقترن الثورة بالسلام والعدالة بإعتبار ان ذلك يرد في أقيم ما جاء في قول هذه الجماعه ان الثورة، هو خيار الشعب. يبذلون فيها أغلى ما يبذله الانسان من دماء وأرواح ويحتملون آلام من اجل ذلك. وذلك امر مهم. والامر المهم انهم بذلك يعبدون الطريق نحو سودان جديد.
لذلك نقول فان “نحن شعب السودان” هي المدخل الأساسي للثورة التي تمثل اكبر تلك النهايات الكبري التي انتهت بها نهاية منظومة دولة ونجت عمر البشير ومن ثم تفتح الباب واسعا نحو البدايات الاكبر نحو ‘نحن شعب السودان’ للدخول في مجال البدايات الاكبر تلك التي تمثل الانتقال من ثورتنا هذه في عظمتها وحداثتها ونبلها الى دولة السودان الجديد في سعته من اجل شعب السودان وفي قيمته الاكبر في كونه الجامع لنا في سلام ومودة وعدالة وديمقراطية مستدامة ومتطورة. اذ من واقع روح هذه الثورة العظمى وتطورها نحو مقصدها الاكبر باسقاط النظام تنمو وتتصاعد روح التواداد والتراحم وتتطور روح الجماعة لتكون عَصّب التكوينات التي تؤسس للمجتمع المدني وتتصاعد اكثر في أشكال اطر خلاقة ومتقدمة لتوطد بها هذا المجتمع السوداني في عقد اجتماعي جديد. وعن طريق الممارسات التي تتمخض عنها الحركة العامة لمجتمع–نحن شعب السودان–وبذلك ومن ذلكوتنمو وتتطور المنابر السياسية والاجتماعية والثقافية المتعددة والمتنوعة ويقوى عودنا ليكون هذا السودان الجديد ذلك هو الموئل لإدارة الحوار التي يتحول عن طريقه الاختلاف لا الخلاف وحتي الصراع الى قوة بنائية لا مدخلا للعنف او النهج الشمولي وإنما شكلا ومنهجا أساسيا يتجدد به الفكر وتتسع به معاني ووسائل الدخول في رحابة نحن شعب السودان اجتماعيا وسياسيا تكتسب المواطنة معانيها السامية احتراما لإنسانيتنا ووجودنا المشترك وقيمة كل ذلك في المعاني السامية لقيم الحياة وبناء دولة تكون هي الأساس في الحافظ لكرامتنا وحريتنا وتقدمنا وحياة اجيالنا القادمة. ومن ذلك نقول:
**** “نحن شعب السودان”. نحن البديل.
ها هنا نجتمع رجالا ونساءا شيبا وشبابا حول السودان في تعظيمة: السودان الذي هو شرفة التاريخ حيث تنتظم فيها النساء في شموخهن و ينتظم فيها الرجال في كبريائهم. الان يتخذ العلم ونشيد العلم وكل نشيد وطنى مجدا جديدا ويتخذ ثوب المرأة السودانية رونقا وجمالا وكل ما يتعلق بالسودان مساحة اكبر على على العالم بعتبار اننا النموذج الجديد للقرن الواحد وعشرين.
****الآن نقول: يا شرفة التاريخ
الآن تتواتر اللحظات. كل لحظة اكثر امتلاءاً من الاخري. وهكذا وفي كل لحظة نستعيد فيها السودان من قبضة نظام الاسلامويين الغاشم نستعيد فيها سودايتنا ونتعافى. وهكذا نفخر بان هذا السودان المزروع فينا والذي ظل الاسلامويون يحاولون انتزاعه منا لنصبح اجسادا خاوية من اجل السيطرة عليها كأساس للحكم. لذلك ليس هناك دواءا ناجعا اكثر من الثورة. فالثورة تعني في المقام الاول موعدنا مع علاقتنا النبيلة نحن الشعب السوداني في أسمى غايات تلك العلاقة. هي موعدنا مع صناعة التاريخ. وهي ذلك الفعل المبتكر الذي يهزم تفاهة الشر وذلك برفع صوت “سلمية” عاليا مناديا بالحرية والسلام والعدالة. رغما عن الغضب الجارف والحزن العميق على فقدان أولئك الشباب الذين حصدهم رصاص الشر فان من فخارنا كأمة هو استعدادنا الدائم لتقديم الخير لنهزم به الشر. ونقول (بنادق مين بتمنعنا العديل والزين) اذ كلما تقدمنا بالخير تزايدت روح العزة والكرامة فينا كأفراد وكجماعة. ومن هنا يتصاعد الحوار الودود بيننا لوجه الأمة ووجه الوطن. ولعل من اكبر الدروس التي تعلمناها الآن هي انه كل ما تضاءلت روح الإحساس بالوطن وتقديم الاكتفاء بالذات كما تمثل ذلك بجلاء عند الاسلامويين الذين تعالت روح الشر في تفاهته كلما تعالت روح الاستبداد. لذلك سنظل من واقع تاريخنا الذي ظل يقهر الاستبداد عن طريق “السلمية” نظل نمثل نموذجا طليعا في هذ المجال. لذلك لنا ان نقول دائما:
**** كان أسمها أمدرمان وكان جنوبيا هواها
جامعة ولاية اريزونا
[email protected]