أخبار السودان

حكومة الطوارئ بجنرالات حريق دارفور

مني أركو مناوي

قرارات الجمعة 22 فبراير 2019م بعد انسداد الأفق وتصاعد موجة الضغوط الشعبية والسياسية والاقتصادية، تحايل الحزب الحاكم بقراراته جرّ عقارب الساعة إلى الأمام مستغلاً تودد البعض بالجيش كأنما في القبة يرقد الفكي مع احترامي للمؤسسة المنكوبة.

أقوم باضاءة بعض النقاط في الجسم المظلم علّ وعسى تتيّسر للقارئ رؤية المسكوت ونبدأ بتساؤلات التالية:-

* من هم القادة العسكريون في مؤسسات قواتنا النظامية؟ هل هم غير *هؤلاء القائمين الان بأمر البلاد الذين آلت إليهم ما تبقت من المسئوليات؟
* الا يكفي العبث والمجون فى البلد وشعبه باسم الدين والعروبة مستغلّين السلاح من حر أموال ضريبة الشعب على مدى ستين سنة عجاف؟
* هل بات أمر القتل والاغتصاب والتنكيل على المواطن السوداني واستباحة أعراضه تحت البزة العسكرية والمشي بالبوت فوق القانون شئ طبيعي ومثالي حتى نلجأ إليه لنبحث عن الدواء من نفس الداء؟.
* ما هي الخطوط الحمراء التي تلزم الذين ينظرون لانفسهم اصحاب الحق الأعظم والمسلّم به بمجرد انتمائهم لمؤسسة القوات النظامية وهم يتقاعسون من أدنى واجباتهم تجاه الوطن؟

ان الضباط الذين زج بهم البشير في واجهة حكومته الصفرية هم اغلبهم أبناء الحركة الإسلامية التي أوصلت البلاد الي ما نحن فيه واغلبهم من العسكر اعتمد عليهم في ليالي السكاكين الطويلة في حرب دارفور افرغوا فيها كل ما في صدورهم من الغل والأحقاد والكراهية وبوسائل شتى بحكم طبيعة مؤسساتهم الأمنية التي ينتمى إليها كل فرد ،الا انهم في تطبيق تعليمات (المسح والكسح وما تجيب حي) هو معيارهم الوحيد للخدمة في دارفور، عدا قليل جدا نفذوا التعليمات الشبيهة في مناطق السودان الأخرى، جنوب كردفان والنيل الأزرق وروح الانتقام فيهم هي هي.

مؤسسة وطنية مشروخة العقيدة القتالية همها حروب الداخلية وارتكاب جرائم الحرب، قادتها استمرأت على نيل الأوسمة والنياشين على حساب القرى المحروقة، وقتل المواطنين واغتصابهم ، وتهجيرهم وتفتيت البنية الاجتماعية في حرب استمرت للستة عقود ونيف لم تقع رصاصتها الا في جسد المواطن ولم تطلق كلمة العدو الا علي سوداني في الوقت الذي يُحرم استقدام تلك مفردة في الحروب الداخلية.

الجنرال يعقوب قاوون Yakubu Gowon الرئيس العسكري الأسبق لنيجيريا منع استخدام مفردة العدو لجيشه إبان حرب بيافرا (Biafra) برر ذلك، لإختلاف معسكرات النيجيريا الفكرية حتى لا يمس في المساواة بينهم مع اختلافي معه في مبدأ الحرب التي قادها.

ندخل فى لب الموضوع، لنبدأ بتناول اثنين من الضباط من مؤسستين مختلفتين. من الجيش و الأمن كنماذج لضباط سودانيين في حكومة البشير هما يشغلان الان أعلى مناصب في الدولة من نصيب مسرحية حكومة الكفاءات.

الجدير بالذكر ان موقفي المبدئي من هذه المؤسسات الأمنية السودانية لم يتغير بعد ، وفق ما أوردته في مقال سابق بعنوان (الشيطان في مؤسساتنا الأمنية) كلنا يشهد اليوم الشيطان يفعل فعلته علي اجساد الابناء والامهات و الأساتذة في مدن السودان وفي العاصمة أمام مرأى الجميع وجيشنا يتفرج ولسان حاله يقول: ((لا مواطن لا زفت، البشير ويقعد بس)).

هو مجرد تأكيد على المؤكد على أنّ هذه الأجهزة لا تعدو سوي انها دُمية تحت إرادة مشوهة سُميت زوراً بالوطنية تنقاد خلفها جيوش صم بكم وعمى حتى لو كان من يقودهم معتلاً عقلياً.

الشخصية الأولى أبدا بها؛ هو النائب الأول ووزير الدفاع عوض بن عوف الذي شوهد يؤدي دور الزبير محمد صالح النائب الأول الاسبق للبشير. الرجل في محاولة محاكاته بنبرات صوت وطريقة كلامه وفي حركاته، ذلك في أول ظهور له بعد توليه منصب النائب الاول، وكان تقلده ومحاكاته *للمرحوم الزبير في الآتي:

أولاً: يبدو أن الرجل تأثر بالمرحوم الزبير وشخصيته البطولية تأثيراً بالغاً ويحفظ له الإعجاب. ولا عجب ولا عيب في ذلك.

ثانياً: ربما يفعل ذلك كمحاولة لإقناع نفسه أنه فعلاً النائب الأول وليس هذا من وحي الخيال ولا خواطر ليلية وكان يبحث لنفسه الثبات أثناء المخاطبة الجماهيرية على شاكلة (مالي أراك تكرهين اللمة) بإصدار الأصوات والحركات تعطي الطمأنينة هو شأن لكل مبتدئ.

ثالثاً: ربما افتقد الموضوع والموضوعية، بحكم الأعباء الجديدة المختلفة تماماً من الواجب السابق المنحصر في حدود التنصت والمسح والكسح واللحس، وصل هذا الرجل إلى حيث هو الآن بحظوظه على حساب السودانيين بكونه ضابط في القوات الشعب المسلحة (الجيش السوداني).

هذه الوضعية معروفة في داخل الخلل البنيوي تصنعها المحطة الأخيرة من إجراءات قبول الفرد للكلية العسكرية وهي محطة ما يسمى (بمقابلة القائد) فيها تحترق كل المراحل السابقة من تفوق الامتحانات والمقابلات بما في ذلك كشوفات طبية كلها *ينقلب رأساً على عقب في خانة القبيلة التي تبقي مقياسا وحيدا لدخول الكلية الحربية (مستحيلة وبعيد المنال)، وفي مقابلة القائد، (الطيش) هو من يفوز بمرتبة مرموقة والمتفوق يحتل مرتبة (الطيش) بجريمة هويته.

هو الشاكلة من يتلبس العنصرية بمقدار يثقل حتي علي نفسه لدرجة ان في إمكانه ان يعادي ظله طالما يخالفه لوناً وشكلاً، هذه الصفة يتباري فيها أولائك الضباط يختتمون دوراتهم الطبيعية في سلك الجيش دون أن تمسهم آفة من آفات الإنقاذ مثل الصالح العام والطرد الجماعي ومحاكمات بتلفيق التهم وغيرها، اما هذا الرجل أتقن هذا الأداء ربما لدرجة تفوق حداً فوق الامتياز.

مع أني مكثت ما يقارب الأربعة أعوام في الخرطوم لم أتذكر *متى جمعنا القدر معه، إلا لقاء مصادفة في صالة كبار الزوار بمطار الخرطوم وأنا في طريقي إلي دارفور.

وبالرغم من أن متابعته كانت إحدي اهتماماتي واجزم يقيناً هو أيضاً يعمل بدقة أكثر مما أقوم بها بما توفرت لديه من الإمكانات في متابعتنا.

حفظت ملامحه بالرغم من قصر فترة اللقاء أما اسمه طغى على علامات الصلاة في جبهته ونال شهرته من دهاليز العنصرية حينما كان يتولى رئاسة هيئة الاستخبارات العسكرية هي أكثر الأقسام بطشاً في مؤسسة الجيش اتقنت على صناعة ماكينة الموت وكانت وروائح العنصرية تفوح من تصريحات مجالسه الخاصة التي يعتبرونها مغلقة وحصينة تحجب الأقوال.

حتماً هي أمينة من حيث الحضور وربما حصينة تخفي الأجساد والأصوات لكنها لن تحجب الأسرار كما هو حال مجلس أداء القسم المغلظ الذي تخللت عبر ثقوبه كلمتان (الاغتصاب والغرباوية) لحظة أداء القسم، والغريب حتى أداء القسم على كتاب الله لم يستر حالهم.

فوق كل الذي فيه، لا أشك أنه ابن لهذا الوطن العظيم مما يحمل فى مظهره الخلقي تقاطيع في غاية الدقة تتجلى فيها سودانيته منها البشرة ولون العيون، الشعر، الشفتين، النخرة. أما اللغة هي الوحيدة المكتسبة كحالنا الجميع.

لكن الحيرة تأتي من باب عيوبه السلوكية الغريبة مع إخوته السودانيين انعكست في استغلاله السيئ للسلطة وصل إلى درجة التطهير العرقي، كما لا ينتابني أدنى شك في أفريقيته الطاغية، في مظهره والتي تكاد تكون مطابقة تماما بأهل الدين والكرم والعطاء من أبناء ولاية سوكوتو النيجريةً الذين لهم امتدادات واسعة في أفريقيا عامة وفي السودان، حيث يتواجدون فى رقعة واسعة ولهم اسهامات اجتماعية واقتصادية كبيرة جداً هم أهلنا مايرنو وغيرها من المناطق في السودان، فقط يخالفهم الرجل في الخلق السيئ الذي اقترن به والعنف المفرط المغرم بدماء السودانيين.

إزاء تلك الجرائم الكبيرة التى وقعت فى مناطق عزيزة فى الوطن يلزم علينا إرساء ثقافة إحياء الذكريات لتبقى الذاكرة متقدة وحية تتذكر الجرائم الكبيرة كالإبادة الجماعية لمنع تكرارها ولمحاسبة الجرائم التي وقعت وهي تتبع مرتكبيها كما يتبع الكلب صاحبه وعلينا ربط أسماء المجرمين بالجرائم التي اقترفوها هو واجب أخلاقي.

فالرجل صاحب الفضل في تأسيس مليشيا (الجنحويد) وظل مشرفاً عليها بكل فصائلها، الشرطة الظاعنة وحرس الحدود وأبو طيرة ملازماً معها حجل برجل في كل مراحلها من حرس الحدود إلى أن تحورت أخيراً إلى الدعم السريع هو الحافز الوحيد في تصاعده للقمة.

يرافقونه الزملاء له على رأسهم عبد الرحيم محمد حسين الذي سانده في سن قانون الاستخبارات العسكرية بموجبه يمنع ويبعد أبناء بعض القبائل من الانضمام للاستخبارات العسكرية.

بمناسبة ذكر الاستخبارات استشهد بموقف يخص بند في اتفاق أبوجا في باب الترتيبات الأمنية فيما يخص التمييز الإيجابي في الأجهزة الأمنية ينص على قبول عدد ثلاثة آلاف من أبناء دارفور من ذوي حملة الشهادات الجامعية والعامة للكليات العسكرية كأساس للمشاركة.

لتنفيذ هذا البند قد قمت بتكوين لجنة أمنية من ضباط معاشين ومفصولين بدأت بدراسة ميدانية لجمع معلومات أولوية تمهيداً للبدء وكانت في لقاءاتها المباشرة مع المسؤولين أوصلتهم في الآتي:

* كل الوحدات الأمنية قدمت تعاوناً نسبياً عدا الجيش لم يتعاون بتدخل مباشر من عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع وعوض بن عوف رئيس هيئة الاستخبارات.
* القبول فى الكلية الحربية، تبدأ الإجراءات بالطريقة الروتينية قبل اللقاء يقوم به أربعة ضباط كبار ينسبون إلى أربع إثنيات يتقاسمون (الكعكة) كما تحلو لهم الكلمة لا أريد ذكر أياً من القبائل، لكنها كانت هي المحطة الأخيرة يجني المرء فيها ثمار مكافأة أو جزاءً *لانتمائه القبلي حلوة كانت أو مرة.
* النقطة المهمة التي تحصلت عليها اللجنة هي عبارة (مفز) هذه الكلمة إحدى مؤلفات المبدع بن عوف سرت في داخل المؤسسة التي تسمي بقوات (الشعب المسلحة)، وهي مصطلح ثلاثي الأحرف كل حرف منها ترمز لقبيلة من قبائل دارفور مُنْع منها حق الانضمام للاستخبارات العسكرية.
الحرف (م) يرمز إلى قبيلة اسمها يبدأ بها والحرف (ف) يرمز إلى قبيلة اسمها يبدأ به والأخيرة حرف (ز) ترمز إلي قبيلة يبدأ بها.

وهكذا برع النائب الأول ووزير الدفاع في خدمة أجندة الإنقاذ العنصرية عبر مؤسسة القوات المسلحة التي يجب الانتماء لها بمجرد أن يكون أحد سوداني الجنسية، لا أنوي ذكر هذه طفشات سوى أن في الأمر غاية من الخطورة يجب أن يهتم الشعب السوداني بهذه المؤسسة التي تُخرّج لسيت العشرات بل الالاف*كتلك النماذج تحت غطاء خدمة السودان ونتباكى الآن في اختيار الجنوب للانفصال دون أن نبحث عن الأسباب. يجب أن يُسال أين المؤسسات الأمنية من الأمن؟

هنا، يجب الإشادة بالتصريح الشجاع الذي أدلي به رئيس الأركان الأسبق الجنرال عماد عدوي وهو لا يزال في الخدمة آنذاك، حين صرح قائلاً: (إن قوات الشعب المسلحة السودانية في حاجة لإعادة الهيكلة).

أما الشخصية النموذجية الأخرى أردت تخصيص لها بعض السطور هو الجنرال دخري الزمان شقيق أنس والي شرق دارفور الذي صرح بأن (الرصاصة) أغلى من روح المتمرد واليوم كل السودان يلتحق بالتمرد بمعايير أنس بن زمان للتمرد.

دخري الزمان يقال عنه هو أغلى أسير دفعت الحكومة السودانية فدية قدرها (…) لتحريره من الحركة الشعبية. لا أحمل دليلاً على ذلك لكن الشائعة باتت قوية وأخذت حيزاً في الأحاجي السودانية ربما يكتبها غيري أكثر تفصيلاً في يوم من الأيام.

أما قصتي معه بدأت منذ وصولي الخرطوم في أغسطس 2006 وعندما *تعاركنا مع النظام من أول المؤتمر الصحفي الذي عقدته في القصر. الأسئلة فيه معدة للغرض والصحفيون يغلب عليهم الطابع أحباب سجادة القيصر.

السؤال الجوهري بعد كلمات الترحيب هو ما موقفنا من القوات الدولية المراد دخولها دارفور آنذاك؟ فيتذكر القارئ الصراع بين البشير السوداني وبوش الأمريكي والقسم المغلظ لكل منهما.

البشير كان يرفض نشر القوات إلا على جثته أو يختار لنفسه لقباً (قائد المقاومة) فداءً للدين بديلاً لرئاسة الجمهورية المذلة إن هو قَبِلَ بالقوات الأممية فى دارفور.

وبوش أقسم بنشرها طوعاً أو كرهاً (by hook or crook) إلى أن انتهى فيلم الآكشن مقابل سلامة البطل.

علي كل، كان ردي للسؤال هو، ترحيب بالقوات لتأمين حياة الملايين بدارفور في الوقت الذي تفتقد الحكومة مبادرات لسلامتهم.

بهذا أيقنت الحكومة بأن التمرد باقٍ ولم ينته بمجرد الاتفاق الذي لا ينوي له التنفيذ. كما أدركوا قد أساءوا الظن للتحرير في قيادتنا لن تذوب في المؤتمر الوطني حسب آمالهم، فمن هنا بدأت مخططات حرب المتاريس بالوكالة بالعناصر من عضويتنا.

أبرز ما في الخطة هو تغيير القيادة أو المضي في اغتيالي بدأ بإطلاق الشائعات ودعم الانشقاقات داخل الحركة وبث التهم وروح الكراهية وسط أعضاء التحرير لأجل الفتن ذلك لتهيئة الرأي العام بالتزامن مع ماراثون الاجتماعات تارة في القيادة العامة و تارة أخرى في مكاتب الأمن وفي الشقق المفروشة حسب اللزوم.

ومكتب نافع علي نافع يكتظ حينها بالضيوف الكرام من نسور الجيّف يخرج هذا بجرابه ويدخل ذاك باسطاً كفيه، رحلات مكوكية تجوب دارفور لغرض إقناع الجيش في الدمج الفوري وتحريضهم من الأجهزة الرسمية لهروب إلى جبهة الخلاص آملاً على تجفيف الحركة.

كل ذلك النشاط يصحبه الإعلام المكثف حيث المداد الأحمر الداكن يتعالى الصفحات الرئيسية للصحف الصفراء يكتب مضخماً بخط غليظ (انشقاقات تضرب حركة تحرير). هكذا أعدت أركان الحبكة وتهيأت الناس لسماع أي فاجعة بلا صدمة فأوكل امر التنفيذ للسيد دخري الزمان بصحبته عدد من البلهاء في عضوية حركة التحرير وبعض المدعيين لها بالأنساب والآخرين يشغلون ظهير لهم.

مستبعدين تماماً اي تسريب للمخطط قبيل تنفيذ المهمة في الزمان والمكان محُددين بعد إحضارهم تربيزة الرمل.! ينتظر (الكابو) رئيس العصابة ساعة الصفر حسب ما خُططت لها وتنتظر من خلفه نجوم العملية لحظة إطلاق الصافرة من الجهة الأخرى ننتظرهم نحن كذلك.

سرعان ما أُحبطت المحاولة بمجرد استعادة (الكابو) وعيه بأن للحيّط أذان وليس كل من يشتهي المال مغامراً.

هذه القصة أدليتها في دورة أسبوعية لمجلس الوزراء أثناء حديثي عن الاتفاق وكنت أسرد خلاله وقائع ومؤامرات وتلكؤ المؤتمر الوطني عن تنفيذ الاتفاق ليتخذ بدلاً له أقصر الطرق يجنبه الاستحقاقات هو التخلص مني طالبت استدعاء صلاح قوش للمثول أمام المجلس لهذا الشأن… وإلخ.

ربما وصل الخبر إليه قبل ختام الاجتماع، عند عودتي للبيت حوالي ثلاثة بعد الظهر زارني صلاح قوش معاتباً بأن طريقة العلاج ليست هكذا حتى ولو صح الإدعاء حسب قوله. فحسمت أمري معه بالرد؛ هل دخري الزمان يتبع إليك أم لا؟ فأجاب أجل إنه كذلك. وجهته قائلاً اضبطه معك أما بقية فلول التحرير اتركهم لي. فسكت قليلاً وختم بقوله سنبحث عن ذلك إن شاء الله.

علمت لاحقاً تم تحويل الضابط إلي جنوب دارفور حيث فعل هناك كل المستحيل بيده ولسانه.

الأمر الآخر شأن هذا الرجل، في العام 2015 تحدث الرجل في جلسة جمعته بعدد من أبناء دارفور وثق بخلو المجلس من أي فرد يتبع لقبيلة محددة *فأخذ راحته كافية متناولاً تصريحات غاية الخطورة، مفادها أن الحكومة قدمت لهذه القبيلة اللعينة أكثر مما تستحقها معبراً عن أسفه أنها لم تقلع عن التمرد فأقسم قائلاً والله هؤلاء لا ينفع معهم سوى القتل ونحن جاهزون لهم.

بالرغم عن سلامة الجلسة من أي لعين لكن الله أعمى بصره لم يلحظ معالم الذهول والحيرة في وجوه الجالسين مصابون بتصريحه الذي يعتبر أمراً للدولة.

لم يطل الزمن فجمعنا القدر المكتوب في مدينة دبر زيت الإثيوبية في مطلع 2016 جاء ضمن الوفد الحكومي للتفاوض، بعد انتهاء إحدى جلساتنا وفي طريقنا إلى الغرف جمعنا الدرب الحسود (بلمك بقاتل أبوك)، فأوقفته سائلاً ذات التصريح بدأ بالنكران، فدعمت الاتهام بعنوان الجلسة والوقت والمكان وعندما رأى لا مفر ولا حيلة عكف يبرر بالذات الكلام النتن الذي تفوه فيه عبد الرحيم محمد حسين في مطلع 2007 في لحظة الاشتباك بيني وبينه تلفظنا فيها أعنف الألفاظ عندما ثبت بأنه يدعم القبائل ضد الأخرى، عرضت أمامه أكثر من مئة بطاقة وأرقام الأسلحة ممضاة من الاستخبارات وتواريخ استخراجها لا تتجاوز مدة أربع وعشرين ساعة فقط من تاريخ ضبطها من مليشيات أثناء قيامهم بمهمة إحراق قرى امسعونا وانقابو ومتورت في شرق دارفور.

قد أشعلت إجابته المثيرة للغضب حقاً اللقاء بعد أن رديت إليه مغاضباً وصاباً في وجهه كل النعوت كدت أتحسس مسدسي لولا اقتحام الحرس للباب واقتياده خارج المكتب.

فالسؤال هو لماذا تستمتعون هكذا بموت أبناء دارفور بتوزيعكم العشوائي للسلاح؟

سأترك الإجابة في أية مناسبات أخرى ستأتي إن أمد الله الآجال ولكن يهمني هنا إجابة دخري الزمان التي تشبه إلى حد كبير موقف عبد الرحيم محمد حسين.

أجاب بقوله: بأن المشكلة في أبناء دارفور في بعضهم على بعضهم وعجزهم في التغلب على أبسط مشاكلهم لأن القبلية طاغية على كل شيء.

استدل ذلك بالمثل الهش حكاه لي يقول، كان له ضابط من أبناء الفلاتة قد عينه مديراً للأمن في عاصمة الولاية نيالا اتفق معه بألا يفصح بهويته لأهل البلد متحججاً بذات السبب، في يوم من الأيام عُثرتْ على*جثة قاتلها مجهول!! طبعا التهمة عادة تُشار إلى الأمن ولكن أهل القتيل بدأوا معنا هادئين جداً في إجراءات التتبع والتعاون منهم كان كبير باعتقاد أن مدير الأمن غير دارفوري.

تسربت معلومة عن دارفوريته من منطقة تلس، انفجرت العاطفة القبلية أدخلتنا في تهديدات أمنية حتي قمنا بنقله خارج دارفور لإيجاد أرضية صالحة لحل المشكلة وكان الرجل من أنجح الضباط في أدائه خارج دارفور. وختم مكرراً بأن المشكلة في الشخص الدارفوري.

هذان الضابطان عبارة عن وجه للمؤسسات الأمنية السودانية، لا أريد القول بأن هذا سلوك الجميع بل سلوك الأغلب في السودان إنما الحاجة للعقيدة الوطنية الجديدة ملحة وإلا الوطن في مهب الريح. ليس من السهل أن تستمر ما تبقت من الوحدة الهشة بهذا المحك.

هنالك من يقول هؤلاء لا يمثلون الجيش أو الأمن السوداني إنما يمثلون الإنقاذ.

لن ينطلي عليّ هذا الهراء لأن كل الذين احطأوا بقدر السودان، السياسيون والعسكريون ليسوا من تربية الإنقاذ. بما يوحي أنه اذا حُكم السودان بواسطة أية مجموعة *أخرى سيواجه نفس المصير النحس طالما المدرسة واحدة لذلك يجب تبديلها من خلال منهج تربوي آخر أكثر استقامة بالرغم من ضراوة التيار وطول المشوار؛ ونقول (تسقط بس)..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..