من أدبيات الصفوف وإفرازات الوقوف

من أدبيات الصفوف وإفرازات الوقوف

عشنا في الأيام الفائتة ? وربما لا زال البعض يعاني ويعيش ? ندرة في غاز الطبخ والجازولين والبنزين، وهم ثلاثي ضروري لتسيير عجلة الحياة، ظل يتعزز علينا كل فترة، أحياناً بإيقاع فردي وأحياناً أخرى بإيقاع ثنائي أو ثلاثي الأبعاد وهو الأكثر تأثيراً كما حدث مؤخراً ليعيدنا لذكرى أيام خلت حين كان الناس ينامون وعيونهم مفتوحة إلى جوار عرباتهم في الطرقات وعند محطات الوقود. هذه المرة لا أدري تفسيراً لما نراه في ذات الوقت في شوارعنا من اختناقات مرورية في الكباري والطرقات النائية وخاصة في الشوارع المؤدية لمحطات الوقود التي على كثرتها تصطف عندها مئات المركبات بالساعات الطوال بانتظار قدوم المدد من المستودعات دون سماع إجابة شافية من وكلاء المحطات وعمالهم الذين يتبخترون أمامنا ويسفهون تساؤلاتنا ثم حين يتوفر الوقود يفرضون أساليبهم المزاجية لمباشرة البيع مع احتفاظهم بحق الإغلاق متى شاءوا لكي يذهبوا لتناول الفطور أو الغداء بتأن واستمتاع أو لأداء الصلاة بنوافلها التي أكاد أجزم أنهم لا يؤدونها في أوقاتها بهذا الحرص الجماعي عندما لا تكون هناك عملية بيع.

تنشأ في مثل هذا المناخ الاجتماعي علاقات بين المصطفين وتدور حوارات وانتقادات قد تطال الماسكين بزمام الأمور ذماً، وقد تعلو نبرة عنتريات التحدي والمغالطات والمشاجرات حول أحقية كل واحد في الحصول على مبتغاه قبل الآخر. أما إذا لم يكن هناك ما يشرخ أدب التراضي والقبول بالأسبقيات، فقد يتحقق المراد ولكن بعد صبر ومصابرة ووهن لسائر أعضاء البدن. وقد تلحظ أن بعض الذين لا يحتملون الصبر أو الذين تنتفخ جيوبهم، يقفون بعرباتهم بعيداً خارج منظومة الصف ويعتمدون في تزويدها بكميات يتم شراؤها بأعلى من سعرها من سائقي الركشات وأصحابهم الذين يحصلون على عبوة أبريق الصب مباشرة، وبدلاً من ملء ركشاتهم يبيعون العبوة أو يفرغونها في باقات كبيرة ثم يعودون للحصول مرة أخرى من صفهم الذي يمضي سريعاً لقلة كمياتهم وهكذا دواليك حتى يحققوا دخلاً دون أن يتجولوا لخدمة المواطنين والبحث عن الرزق الحلال. ولما كانت ماكينات الركشات تدور بعد مزج نسبة من الزيت مع مقدار معين من البنزين فقد سمعت بعض عمال المحطات يطلبون من كل سائق ركشة أن يصب الزيت في الأبريق أمامهم قبل صب البنزين وذلك للتأكد من أنه لن يبيعه لأصحاب السيارات النائية وإنما سيستخدمه. هذا الإجراء وضع حداً للتلاعب إذ انسحب البعض ولكن بعد أن ارتفعت الأصوات سباً وتشابكت الأيدي ضرباً. ألا تلاحظون أن كثيراً من الممارسات الخاطئة بما في ذلك القيادة والترخيص والحوادث يكون وراءها بعض سائقي الركشات؟!

في إحدى محطات الوقود قرر العامل الوحيد التوقف لعدم التزام هذه الفئة من السائقين بالضوابط ولكنه لم يقل ذلك صراحة بل تعلل بانتهاء كمية المخزون من الوقود وغادر المحطة، فتفرق البعض وأصر البعض الآخر على الاحتفاظ بأحقيتهم التي زحفوا من أجلها لساعات. كنت من بين هؤلاء ولعل ما حفزني على الوقوف رؤية (التانكر) يفرغ بالمحطة عبوة كبيرة لا يعقل نفادها في سويعات، ولقد كان ذلك التوقف الفجائي محور حديثنا نحن الذين قررنا الانتظار حيث فكر البعض في الاتصال بإدارة الشركة لمراجعة المخزون. ويبدو أنه نتيجة لخوف العامل من العاقبة بعد أن علم بتصعيد الأمر ولتوقف سياراتنا في مكانها وذهاب أرباب الفوضى، عاد العامل وباشر البيع فأرضى جميع المصطفين وكذلك الذين جاءوا بعدهم على مدى ساعتين مما يؤكد كذب ادعائه الأول بنفاذ كمية البنزين. فمن يا تري يحمينا من مزاجية العاملين ويضع أسساً تحد من الأنانية وتكبح جماح الفوقية السلطوية التي يحاول البعض أن يفرض بها رأيه على الآخرين ليفسحوا له الطريق؟

صلاح يوسف
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا صلاح يا خوى إن داير الحق فالخرطوم خططهاالمستعمر ورسم شوارعها فقط لتمر عليها خيول الانجليز ” التى لم تعلف اللحى كما تمنى شاعرنا التنى” والحناطير والبغال والحمير وعربات الكارو وغيرها من الدواب. واليوم يعيش الخرطوميون وضيوفهم الاخرون الزاحفون اليها عيشة ضنكة. فالخرطوم بفقرها وعوز اهلها ليست المدينة التى فى مقدورها استيعاب هذاالعدد المهول من العربات والرقشات وغيرها من وسائل النقل و الترحال. وكأننا فى بلاد بها وزارة للترفيه بعد أن تجاوزنا مرحلة الاكتفاء من مطلوبات الحياة الحيوية كلهازفأبك ياوطنى الحبيب.

  2. يا صلاح يا خوى إن داير الحق فالخرطوم خططهاالمستعمر ورسم شوارعها فقط لتمر عليها خيول الانجليز ” التى لم تعلف اللحى كما تمنى شاعرنا التنى” والحناطير والبغال والحمير وعربات الكارو وغيرها من الدواب. واليوم يعيش الخرطوميون وضيوفهم الاخرون الزاحفون اليها عيشة ضنكة. فالخرطوم بفقرها وعوز اهلها ليست المدينة التى فى مقدورها استيعاب هذاالعدد المهول من العربات والرقشات وغيرها من وسائل النقل و الترحال. وكأننا فى بلاد بها وزارة للترفيه بعد أن تجاوزنا مرحلة الاكتفاء من مطلوبات الحياة الحيوية كلهازفأبك ياوطنى الحبيب.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..