أخبار السودان

فرحوا ولكن ناموا بعيون مفتوحة

جعفر عباس

سجل نحنا، برغم جرحنا
اجتزنا المحنة
ونحنا الليلة أشد ثبات
ونحن بخير ولسه واراكم في الجايات
ولسه ولسه على استعداد
وشعبنا واقف بالمرصاد
سجل وسجل لا أغلال مع استقلال
ولا حرية بلا استبسال.

الحمد لله: يمشي أهلنا اليوم في الشوارع وهم يلعنون خاش البشير وكلاب وذئاب وذباب البشير دون خوف من الكجر، بل إن الكجراويين هم من يبادرون بالفرار عندما يسمعون صوت الثوار، وأصحاب اللحى التي كانت مكانس في بلاط البشير، ما عادوا قادرين على إلباس الضلال ثياب الحق، فما وقف واحد منهم في مسجد ناثرا ضلاله، وهو يذرف دموع التماسيح على الإسلام، بينما هو في واقع الأمر يبكي امتيازاته في ظل حكم الملك الضليل، هب الثوار في وجهه وأسكتوه ومنعوه من الاستمرار في تلويث بيوت الله بأحاديث الإفك والفتنة، ومن حق فقهاء السلطان ان يخافوا، ومن حق عبد الحي يوسف الذي ما أدان يوما الظلم واللصوصية وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وما خرج يوما في موكب لنصرة مظلوم سوداني أن يتباكى على نظام البشير لأنه يعرف ان محكمة الشعب ستسأله من اين لك هذا الكرش المتخم بالكاش والباسطة.

امشوا برؤوس مرفوعة واهتفوا ملء حناجركم بما تريدونه قائما وما تريدونه زائلا، فقد حققت ثورتكم نصرا يصعب انتزاعه، ويتمثل في الإطاحة بزعيم مافيا الإنقاذ الذي ظل يرقص فوق أشلاء الوطن، وتسبب في غرغرينا أدت الى بتر الجزء الأسفل من جسم الوطن، وتسربها الى أجزاء أخرى منه، فقد خلعناه وهو الآن محبوس وراء جدران سميكة، لا يسمع فيها صوت المنافقين الذين نصبوه أميرا للمؤمنين بينما أثبتت أفعاله أنه لا يؤمن الا بنفسه، وأحاط نفسه ب”آل بيته” وبنفر غلاظ الأكباد، وذوي وجوه عليها غبرة وترهقها قترة.

من حقنا ان نفرح بما حققته ثورتنا من انتصار، ولكن حذار من الغفلة وحذار من أولئك الذين يزعمون ان قلوبهم على الثورة ويقولون إن كل شيء صار تمام التمام وأن العتبة قزاز والسلم نايلو في نايلو بدخول البشير السجن!! كل شيء ليس “تمام” فمطلب الثورة هو اسقاط البشير وإزالة جميع مقومات وأسس حكمه مجرد وسيلة لنقيم حكما وطنيا نظيفا ننعم في ظله بالعيش الكريم والكرامة.

قوتنا ووقودنا وسلاحنا الحاسم تكمن في مرابطتنا في الشارع، فالثوار لم يصلوا بعد الى مفاصل الحكم لتطهيرها من الممارسات الفاسدة وتقويم اعوجاجها، بل إن دولاب الدولة بأكمله ما زال في قبضة السوس الذين مكّنهم البشير من النخر في جسد الوطن والمواطن مقابل ان يلتفوا حوله ويطبلوا له ليرقص حتى تآكلت ركبتاه فحصل على اسبيرات مارس بها رقصه الأشتر.

لا تبارحوا ميدان الاعتصام حتى تطمئنوا تماما الى أن السلطة المدنية التي تريدون تسلمت مقاليد الأمور ثم اخضعوا رموز السلطة الجديدة للرقابة الشعبية واشهروا سلاح “تسقط بس” في وجه كل من يقصر في أداء خدمة الوطن الموكلة إليه.

لا تفرطوا في هذه الثورة الفريدة بتصديق أقاويل المتخاذلين الذين يقولون إن ما تحقق من انتصار يكفي، وان قيادة الجيش ينبغي ان تكون محل ثقتكم المطلقة!! نحن لا نريد تهميش الجيش، فلولا الجنود البواسل وصغار الضباط الذين ردوا على نيران كتائب الظل وعصائب قوش، وقدموا أربعة شهداء وعدد من الجرحى لجرى الدم أنهارا في ساحة الاعتصام يومي 7 و8 إبريل، ولا ننكر ان قيادة الجيش جنبت الثوار المزيد من الدماء بقرارها خلع البشير.

ولكن دور الجيش في كل بلد هو حماية أمنه وسيادته وليس دخول مجال السياسة والتغول على العمل المدني، ونعترف هنا بأن السياسيين المدنيين في السودان هم من زجوا بالجيش في العمل السياسي (عبد الله خليل رئيس الوزراء عن حزب الأمة سلم عبود الحكم في 17 نوفمبر 1958 والضباط الشيوعيون نفذوا انقلابا قصير العمر ضد نميري في 19 يوليو 1971 والاسلاميون استدرجوا الجيش لانقلابهم الكارثي في 30 يونيو 1989)، وما من مرة حكم فيها العسكر البلاد الا وارتكبوا جرائم في حق الوطن فعبود باع حلفا وارض النوبة بلا مقابل لمصر وجعفر نميري ارهق البلاد بتقلباته المذهبية فتارة اشتراكي ماركسي وتارة ناصري وتارة امريكي ثم نصبه الكيزان اميرا للمؤمنين وكان اول رئيس مسلم يتعاون مع إسرائيل بان رتب معها تهريب يهود اثيوبيا (الفلاشا) ثم جاء البشير وفات الكبار والقدرو ودخل التاريخ وخرج منه كشخص مجرم وقاتل ولص وكذاب.

لا ينبغي ان نستنسخ عسكر الماضي ولا ان نعرض ثورتنا لما تعرضت له الثورة المصرية عندما سرقها الجنرال (برضو) عبد الفتاح السيسي ممتطيا صهوة احتجاجات شعبية فزعم انه المنقذ والمخلص للبلاد والعباد ثم صار فرعونا يريد ان يحكم حتى عام 2030.

الثورة مستمرة واعتصام الخرطوم مسنود باعتصامات في المدن الكبرى حيث الحاميات العسكرية فليواصل الثوار الضغط على المجلس العسكري وقوى اعلان الحرية والتغيير ليعجلوا بالتغيير المنشود ليتحقق حلم رمضان بدون كيزان او خلل في الميزان.

فقوموا الى اعتصامكم يرحمكم الله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..