المحتجون السودانيون يهددون بـ «اعتصام مفتوح»..
تضارب حول مكان احتجاز البشير.. ووالدته تطلب زيارته بعد تقارير عن تدهور حالته

فى الوقت الذى تتضارب فيه الأنباء بشأن مكان وجود الرئيس السودانى المخلوع عمر البشير، والكشف عما إذا كان فى سجن كوبر، أم جرى نقله إلى مكان آخر غير معروف «لأسباب أمنية»، تقدمت والدته هدية محمد زين، بطلب عاجل للمجلس العسكرى لزيارة ابنها، فى وقت تؤكد فيه تقارير طبية تدهور حالة البشير (75 عاما) الصحية، وأنه تعرض لـ «جلطة خفيفة»، وفق ما ذكرت صحيفة «آخر لحظة» المحلية.
كما طالب محتجون سودانيون فى ساحات الاعتصام وعبر وسائل التواصل الاجتماعى بنشر صورة للبشير لإزالة اللبس، وكشف الحقيقة عن مكان وجوده، وحسم ما يتردد بأنه خارج السجن. وأكدت مصادر أن عدم إظهار صورة للبشير، وتحديد مكانه، يعود لأسباب أمنية، خوفاً من التظاهرات الغاضبة والمستمرة، التى قد تحمل الجماهير للتوجه إلى مكان حبسه وإحداث فوضى لا يمكن السيطرة عليها.
وفى الوقت نفسه، هدد آلاف المحتجين السودانيين أمام مقر قيادة الجيش بأن اعتصاماتهم «مفتوحة ولا سقف زمنيا لها»، كما أعلنت قوى «الحرية والتغيير» فى السودان أنها شكلت بالفعل وفداً للتفاوض بشأن المرحلة الانتقالية مع المجلس العسكرى يتكون من 15 عضوا بينهم 3 يمثلون الحركات المسلحة فى البلاد. يأتى ذلك فى وقت أعلن فيه المجلس العسكرى أنه استكمل دراسة الرؤى المقدمة من القوى السياسية فى البلاد بشأن ترتيبات المرحلة الانتقالية.
وفى غضون ذلك، دعا رئيس حزب الأمة السودانى والمعارض البارز الصادق المهدى إلى استمرار الاعتصام حتى تكتمل أهداف الشعب، مضيفاً: «نسعى للاتفاق مع المجلس العسكرى على إعلان دستورى وسرعة انضمام السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية».
وقال المهدى فى مؤتمر صحفى أمس: «الآن، لا مانع من الاستجابة لمطالبها (المحكمة) وينبغى فورا الانضمام لها»، مشيرا فى الوقت نفسه إلى أن هذا الموقف يجب أن ينسق مع المجلس العسكرى الذى تولى السلطة بعد الإطاحة بالبشير.
بينما نقلت صحيفة «الراكوبة» عن مصادر أن المجلس العسكرى يجب أن يقدم البشير للمحاكمة فى أسرع وقت ممكن حتى لا يزيد الاحتقان فى الشارع السوداني، وأكدت مصادر أخرى أن الأفضل للمجلس العسكري، أن يبحث عن حل عاجل لامتصاص غضب الشارع بعد أن عاد مجدداً للمظاهرات فى الخرطوم وولايات أخري.
وفى إسطنبول، نفت الخارجية التركية أنباء حول إمكان إلغاء الاتفاق المبرم مع السودان حول جزيرة سواكن. وقال المتحدث باسم الوزارة، حامى أكسوي، إن «الأعمال مستمرة هناك»، وذلك وفقا لوكالة «الأناضول» التركية. وكان العمل قد توقف فى جزيرة سواكن عقب الاحتجاجات التى اندلعت ضد البشير. ويعد ميناء سواكن الأقدم فى السودان ويستخدم فى الغالب لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة فى السعودية، وهو الميناء الثانى للسودان بعد بور سودان الذى يبعد 60 كيلو مترا إلى الشمال منه.
الأهرام المصرية
هذا المجلس العسكري الانتقالي إما أنه انقلاب قصر وامتداد للنظام السابق لأنه يحكم بقوانين النظام السابق رغم تعليقه للدستور أو لأنهم جهلاء بحقيقة الوضع الذي خلقوه بتعليق الدستور وليس لهم أو فيهم مستشار قانوني يبصرهم بأن شرعيتهم ليست من النظام السابق وإنما من الشعب إذا صح انحيازهم إليه، ومن ثم لا اعتداد بأي قانون سابق بعد تعليق الدستور إلا ما قاموا هم باستثنائه في بيانهم الاول وهو بيان قدمه من قدمه بوصفه وزير دفاع ورئيس للجنة الأمنية العليا التي أقامها راس النظام المخلوع حسب تعبير البيان. وما تلى من استقالة وزير الدفاع وتعيينه لرئيس المجلس العسكري الحالي لم يخرج مهمة وغرض الانقلاب عن كونه انقلاب قصر خلع راس النظام فقط بينما استمر يحكم بقوانينه رغم الادعاء بتعليق الدستور. وتظهر هذه المفارقة في عدم قدرة المجلس العسكري على إنفاذ قراراته وكأنه لا يرتكز فيها على شرعية إرادة الشعب الذي انحاز إليه نظريا. فإذا كان رئيس القضاء لم ينعزل لأنه معين بمفوضية عينها راس النظام المخلوع فهل سنعيد المخلوع ليعزل المفوضية أو رئيس القضاء إذا رفضت تلك المفوضية عزل رئيس القضاء؟ ولماذا لم يشر المستشار القانوني للمجلس عليه بحل هذه المفوضية اللهم إلا إذا كانوا جميعهم ينطلقون من مفهوم عزل الرئيس فقط مع بقاء نظامه بقوانينه وشخوصه! الخلاصة لابد من ذهاب هذا المجلس العسكري فوراً أو إعادة تشكيله بأغلبية مدنية فوراً حتى يتسنى إتخاذ القرارات والأوامر النافذة في اسرع وقت وإلا فيجب إعلان عدم الاعتراف به واخطار الأطراف الإقليمية والدولية بذلك فوراً مع استمرار الاعتصام وحشد الجماهير له من كل مدن السودان.
استلام المجلس العسكري الانتقالي ما هو إلا تعبير على إنحياز الجيش لإرادة الشعب.
والمنحاز لإرادة الشعب يعتبر عمله مشروعا استنادا على قبول الشعب لأطروحته من حيث المدة والهدف، فهي مرهونة بقبول الشعب. ولاشك في أن إرادة الشعب تمثلها هذه القوى التي خرجت وعبرت عنها في إعلان تجمع المهنيين وقوى التغيير المشاركة له والجماهير المعتصمة أمام قيادات الجيش في كل المدن والتي تملأ شوارعها ليل نهار. وهذه الإرادة للتغيير تقضي بأن تشكل سلطة انتقالية بمجلس سيادي وحكومة تنفيذية لمدة أربع سنوات تزيد ولا تنقص بغرض تهيئة الظروف السياسية لانتخابات نزيهة لمن يحق له العمل السياسي في السودان الجديد وفق دستوره الجديد الذي يعبر عن روح إعلان الحرية والتغيير التي عبرت عنها قوى التغيير التي حركت الشارع ومنحت الشرعية للجيش بالتدخل لعزل النظام السابق. وحيث أن الجيش ممثلا في شرفائه هو جزء من تطلعات الشعب فيمكن إشراكه في السلطة الانتقالية مع مراعاة أن السلطة هي للشعب وما الجيش إلا جزء منه وليس حاكما عليه على غرار النظام السابق. فحتى ذلك النظام كان يستند على شرعية زائفة ينسبها للشعب من خلال انتخاباته الأحادية المخجوجة. وبزوال ذلك الزيف فقد استرد الشعب سلطته الحقيقية ولكن المجلس العسكري الانتقالي لا يزال يعتقد أن شرعيته مستمدة من النظام السابق رغم إدعائه بتعليق الدستور وذلك واضح من إبقائه لمؤسسات النظام السابق المؤسسة على هذا الدستور المعلق. في اعتقادي يجب على قوى التغيير أن يفهم المجلس العسكري الانتقالي من أين يستمد الشرعية كأول خطوة في مفاوضات إعلان المبادئ لأن الفهم الصحيح لهذا المنطلق هو الذي يملي بقية الخطوات التي يجب الاتفاق على تنفيذها ومنها محدودية إشراك المجلس العسكري الانتقالي في مجلس السيادة أو الرئاسة الانتقالي ووضع كافة إمكانات الجيش وتعاونه المطلق في إنفاذ مقررات المجلس الرئاسي أو السيادي الانتقالي المشترك. ولكن من الواضح أن وفد التفاوض لم يناقش مع المجلس العسكري الانتقالي أساس شرعيته وانخرط معه مباشرة في قسمة عضوية المجلس فأصر العسكر على أن تكون لهم السيادة باسم ( ويا ريت باسم الشعب!) ولكن باسم النظام السابق الذي عينهم وزير دفاعه قبل أن يستقيل أو باسم مواقعهم في اللجنة الأمنية العليا للنظام السابق. وهذا واضح من تصرفاتهم وأقوالهم مثل من الذي فوض الشباب الثوار في وضع المتاريس وقفل الطرق والتفتيش!؟ وكأني بهم سيحاكمونهم بانتحال شخصية رجال الشرطة إذا تمكنوا من ذلك ناسين أن الشعب في ثورته يمارس سلطته في اتخاذ كلما يلزمه لحماية ثورته وأنه لا يحتاج لتفويض من أي مؤسسة أو جهة قائمة على قوانين النظام السابق. وما زال ناطقهم الرسمي يردد مقولة أننا اتفقتا على أننا شركاء هكذا دون الإشارة إلى حجم هذه الشراكة! فهم يظنون أنهم هم الذين أشركوا المدنيين معهم ولم يفهموا أبدأ أن العكس هو الصحيح وإلا فإن الشعب لو سحب اعترافه بهذا المجلس فلن تكون لهم أي شرعية للاستمرار أكثر من المدة التي منحها لهم السيسي وذلك على الصعيد الخارجي، أما بالنسبة للشعب فيكفي إعلان قوى الحرية والتغيير عدم الاعتراف بالمجلس العسكري وإعلان السلطة الانتقالية في ذات الوقت متضمنة منح وزارة الدفاع للجيش و نشوف بعد ذلك من الذي سيصمد.