أهم الأخبار والمقالات

العقيد يونس محمود – نون النرجسية

لن ينسى الكثيرون من بنات وابناء شعبنا خطب العقيد يونس عند قيام الانقاذ. لقد كانت خطبه الصباحية تلون يومنا بشعور لا تصفه الكلمات. كانت الخطبة تلو الأخرى تبشر بدولة العدل وتربط الانقاذ وصفات قادتها من الصبر والطهارة والأمانة والعمل لا لدنيا بل لوجه اللة بمجتمع الصحابة المتقشفين الذين حافظوا على المال العام وأقاموا دولة العدل فى زمانهم. ومع ان الاسلاميين يقدمون صورة مزيفة للتاريخ الإسلامي لغرض استخدامه للتجنيد لخدمة اهدافهم فقد فاقوا كل فظاعات ذلك الواقع ولم يعيشوا عصره الذهبي الا فى خطبهم وكتاباتهم.
تمكنت الانقاذ وخاضت حروبا ضروسا لا لإقامة مجتمع الصحابة كما كان يسميه العقيد يونس بل دولة عتاة الإرهابيين من داخل التنظيم ومن خارج الحدود للحد الذى وجد كارلوس وأسامة بن لادن ملاذا امنا فى بلادنا. لقد كان الفارق بين الطهارة والأمانة فى خطب يونس وبين واقع الاسلاميين ودولتهم فارقا لا يصيب بالدهشة بل بالجنون.
لقد أقيمت بيوت الاشباح وعذب كل من اشتبه فى معارضته لنظامهم ولكن الأدهى والأمر ان أصابعهم التى كانت تشير الى السماء كانت تنهب وطننا وتفسد حياته السياسية والاجتماعية والأخلاقية.
على هذه الخلفية بدأت المقاومة لنظامهم فكانت محاولات الانقلاب على نظامهم وكانت المظاهرات ثم المبادرات ثم محاولات التفاوض والتى باعوا فيها جنوب السودان من اجل المحافظة على القوانين القمعية لحماية فسادهم ونهبهم.
فى ظل هذه المقاومة نشطت المعارضة فى استخدام وسائط التواصل الاجتماعي من فيس بوك ووتس اب وغيرها وولد معها بعض الخطباء الذين لا يختلفون كثيرا عن العقيد يونس فكانت تسجيلات داعيات النضال النارية التى لا تعرف حدودا ولا تراعى قيما. ولكن والحق يقال فقد لقيت بعض ان لم يكن كل تلك التسجيلات رواجا لانها تشتم قادة الانقاذ شتما يشفى غليل البعض رغم انحطاط لغتها ومستوى خطابها.
ولكن ولدهشة البعض لم تكن تلك التسجيلات ولا ذلك الهجوم ولا الوقوف المزعوم فى صف الغلابة الا وسيلة لالتقاط بعض الفتات من مائدة الانقاذ، فهرعت عند اول إشارة أتتها لقطف ثمار رحلة نضالها التى فى جوهرها الوقوف مع نفسها والنضال من اجل نفسها. ينطبق ذات القول على حسن طرحة وامثاله بل ينسحب على الذين يلمعون أنفسهم هذه الأيام فيقترح احدهم انه سيكون وزير الوزارة الفلانية بنشر مقال كتب عنه فى كل الوسائط.هناك ايضا من سارعوا بزيارة الاعتصام والتقطوا الصور بل وقابلوا المجلس العسكرى ليزكرونة انهم تحت الخدمة.
هؤلاء وببساطة يبصقون على شعبنا وشبابنا وعلى الشهداء والجرحى . وما الشعب وما الشهداء وما الجرحى فى كتاب هؤلاء؟
انهم أدوات ووسائل ووقود حتى ياتى هؤلاء القادة المسخ ليقودوننا.
لقد اتاحت تلك الوسائط ايضا حيزا هاما لمن كانوا فى صفوف الاسلاميين لوقت قريب ثم اختلفوا معهم. ولعلنا نذكر ان اغلب الذين اختلفوا مع الانقاذ من الاسلاميين لم يكن محور اختلافهم حقوق الانسان ولا الوقوف ضد الفساد ولا الظلم. بل كان ولا زال السلطة والقيادة والصراع على الغنائم . فترك بعضهم التنظيم وكتب الكتب وانتقد التجربة واظهر احتراما لنفسه بالابتعاد عن العمل السياسى اليومى ليراجعوا مواقفهم السابقة وليعطون اذهانهم وأرواحهم متسعا من الوقت لتشفى وتتعافى. فالحالة الذهنية لا تتغير بكتابة ورقة والاستقالة من هذا الحزب او ذاك. انها تحتاج الى وقت ومراقبة صارمة للنفس.
ولكن البعض قفز من صف الاسلام السياسى شكليا وعارضهم لفظيا بذات التعالى واحتقار الاخر والتعامل معه كوقود للجهاد وطاعة الأوامر. ومن هؤلاء الذين انتظموا فى المخاطبة على اللايفات المدعو ذوالنون. عندما كثر الحديث حوله من المعجبين والباغضين قررت الاستماع لبعض لايفاته ثم البحث فى سيرته. وأود ان أقول وغض النظر عن تاريخه الإخوانى وركونه للعنف الجسدي ثم اللفظي وأسباب خروجه من التنظيم وهروبه المزعوم ان الرجل لا يصلح الا لقيادة مجموعة من المتطرفين الذين يسبحون بحمده كقائد ويطيعون أوامره دون تساوءل.
وما يمارسه الرجل فى لايفاته وان كان مصدر إعجاب لمريديه فهو مصدر ضعف يكشف مدى نرجسية الرجل وحبه لنفسه وعدم أهليته للقيادة. فالرجل ورغم عبارات عدم اليقين المصطنعة يؤمن بانه الوحيد الذى يصدح بالحق. ينظر الرجل الى الكاميرا فى هدوء مصطنع وحكمة يفضحها الإدعاء بامتلاك الحقيقة والتشنج وضرب الطاولة او الصدر احيانا. يحلل الأحداث السياسية بلغة وحماس العالم ببواطن الأمور. لم استغرب اطلاقا حين علمت انه حل بارض الاعتصام. ففى داخله ايمان قاطع ان “القطيع” الذى قاده بتلك الخطب فى انتظاره لتتويجه.
ان ثورة هؤلاء الشباب ثورة مختلفة اكاد لا اغالى ان قلت انهم يقودونها جميعا. انها ثورة على رأسها مجموعة من بنات وابناء شعبنا العقلاء والثوار فعلا لا قولا. قيادة أفقية لا راسية ولا مكان فيها للزعيم الأوحد الذى يظن هذا الرجل أنه هو ولا احد سواه.لقد دفع شعبنا الكثير وعانى الأمرين من بلطجية بعض المثقفين والقادة الذين يفتقدون الى الحد الأدنى من الذكاء الاجتماعى ولا اظنه سيسير خلف من يرون فيه أدوات لتحقيق طموحاتهم.
تمسكوا بوحدتكم وبتجمع المهنيين الذى اثبت انه جدير بالقيادة. وليتمسك تجمع المهنيين بالشفافية وتمليك الشارع كل
الحقائق ودون تردد.

احمد الفكي
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..