الثورة المضادة لن تهزم إرادة الشعب

شئ من حتى
د. صديق تاور كافي
* لم ينقطع التواصل بين المجلس العسكرى الإنتقالى و قوى إعلان الحرية و التغيير، برغم التعثر الذى أصاب المفاوضات فى حلقتها الأخيرة منذ أكثر من أسبوع. تخللت هذه المدة أحداث كثيرة، و لكن ظلت السكرتارية المشتركة و لجنة التفاوض على تواصل و إتصال وهو الأهم، لأن ما تحقق من توافق خلال الجولات السابقة ليس قليلا، و بحسب الطرفين يصل ل ٩٠% من المهمة. كما أكد الطرفان على الإلتزام بما أنجز.
* على صعيد قوى إعلان الحرية و التغيير، فقد حرصت على تنفيذ ما طلبه المجلس العسكرى من إزالة لمظاهر التصعيد كشرط لإستكمال التفاوض، حددها بثلاث أيام. فقد تمت إزالة المتاريس، و فتح المعابر و تنظيف الشوارع، و تسهيل مرور القطارات و هكذا. و فى نفس الوقت الإحتفاظ بوسائل الضغط الشعبى حاضرة لحين الانتهاء من المداولات، ليس آخرها إضراب يومى ٢٨ و ٢٩ مايو الجارى.
* المجلس العسكرى إنشغل خلال هذه الفترة بتحركات عربية و أفريقية، بدأها بزيارة نائب رئيس المجلس و الناطق الرسمى، للمملكة العربية السعودية، و زيارة رئيس المجلس لمصر ثم الإمارات فجنوب السودان و أثيوبيا. خارطة هذه الجولات هى محور حرب اليمن من جهة، و الإتحاد الأفريقى من جهة اخرى. و هى تحركات لا بد أن لها صلة بالمخرجات النهائية لعملية التفاوض ما بين التطمينات و الضمانات لكل حسب الحالة. و فى ذات الحين مشى المجلس خطوات نحو بقايا النظام الساقط، بفك تجميد النقابات و الإتحادات، و الإفراج عن الأرصدة الخاصة ببعض الواجهات القديمة، و التلويح بإنتخابات خلال ثلاثة أشهر..إلخ.
* الإضراب السياسى الذى دعت له قوى الحرية و التغيير، و وجد تجاوبا من قطاعات واسعة جدا فى مختلف المرافق العامة و الخاصة، كشف عن إستعداد كبير للدخول فى إضراب مفتوح فى كل البلاد. ردة الفعل على هذه الخطوة جاءت متباينة من داخل المجلس العسكرى.. فالفريق شمس الدين كباشى الناطق الرسمي للمجلس، إعتبرها حق مشروع و خيار يخص قوى الحرية و التغيير، و إن كان قد أبدى أسفه للجوء إليها، فى ظل تواصل اللجان و المناقشات. و قد أكد الكباشى ذلك أكثر من مرة قبل و بعد تنفيذ الإضراب. و هذا خطاب عقلانى جدير الإحترام.
على الجانب الآخر إندفع نائب رئيس المجلس، قائد قوات الدعم السريع، فى تصريحات عدائية شديدة ضد الإضراب و المضربين، و نصب من نفسه حكما فى تحديد خيارات الناس و هذا ما إستفز الكثيرين. و الواضح أن الرجل قد وقع تحت تأثير الثورة المضادة، لدرجة أنه كان يتحدث بلسان الكيزان الذين ثار عليهم الشعب أكثر من حديثه بلسان المجلس العسكرى الذى أوجدته الثورة. و دخلت عناصر من قواته فى إحتكاكات مع بعض العاملين فى الكهرباء و البنك المركزي أثناء تنفيذهم للإضراب.
* فى كل الأحوال فإن حراك الأيام الفائته يشير بوضوح إلى أن قوى الثورة المضادة لن تدخر جهدا لعرقلة الخطوة الأخيرة من التفاوض، بين المجلس العسكرى و قوى الحرية و التغيير. و لكن الواضح أيضا أن هناك إرادة قوية لدى الطرفين لإستكمال هذه الخطوة المفصلية، من الممكن أن تغنى الناس عن معارك فى غير معترك.