حميدتي هل هو قلق وخائف أم طامع

(الزول بونسو غرضو) مثل دارفوري يلخص كل علوم الدبلوماسية والتسويق والإدارة ، أرجح أن الفريق حميدتي هو قلق و متوتر من ملفات الماضي أكثر منه طامع في السلطة ، هو خائف من موقف قوى الحرية والتغير من الملفات للمشاركين في تداعيات أزمة و حرب دارفور السابقة في حين ليس هو وحده من ارتكب أخطاء هناك ، من لم يرتكب أخطاء هناك فليرمنا بحجر ، الحركات المسلحة ارتكبت أخطاء و بعضها عاد وانضم لركب نظام البشير ولم تكن بعض هذه الحركات في موقف أخلاقي او سياسي أفضل من البشير وحزبه ونظامه ، والمخطئ الأكبر هو البشير وحزبه المؤتمر الوطني بلا شك و بطبيعة الحال.
الآن و لقد التقى وفد قوى الحرية و التغيير أعضاء المجلس العسكري و منهم نائبه حميدتي عدة مرات ، وبما أن وفد قوى الحرية والتغيير هم شباب مثقفون فانا استغرب كيف وهم يحاورونه إما مباشرة أو في حوارات جانبية أو حتى في زيارات شخصية ، كيف لم يقرؤوا لغة جسده ولم يستشفوا عقله الباطن ليصلوا الى هواجس و مخاوف هذا الرجل ، وهي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ، الرجل لغة جسده وشحوب عينيه ينبئك عن قلق عميق ، كان عليهم سبر غور هذا الرجل و تحييده وطمأنته بأن ما يدور في رأسه هو محض مخاوف وظنون لا تستند على قرائن ووقائع ستتمثل على الأرض غدا . كان عليهم طمأنته أن الستة شهور الأولى هي للسلام وأولى خطوات هذا السلام ستبدأ بالمكون الدارفوري الدارفوري عبر برنامج للحقيقة والمصالحة يشمله هو والحركات والآخرين عدا المؤتمر الوطني لأن تلك تجاوزات أفراد ومجموعات أما جرم المؤتمر الوطني فهو جرم دولة يسأل عنه ويحاسب.
إن من قتل لا يمكن إعادته إلى الحياة ولكن يجب التعويض العادل للضحايا وإعادة النازحين و التنمية المتوازنة هي التي ستنسي الناس آثار هذه الحروب.
الآن بدا حميدتي لوحده دون بقية عضوية المجلس العسكري وهو يصرح يوميا وبدا كحاطب ليل وهو يزور الوحدات العسكرية للجيش محدثهم بحلو الكلام وفي نفس الوقت واضعا بجوارهم و حول مناطقهم العسكرية سيارات التاتشر التابعة له مطبقا المثل الأمريكي تحدث بلطف وأنت تحمل عصا غليظة! ، قوى الحرية والتغيير عليها أيضا مع رفعها عصا العصيان المدني الغليظة في وجه المجلس عليها أن تتحدث بلطف لتجني ثمار ذلك ، وأمامها فرصة توسيع الطيف المعارض بكسب قوى أخرى لزيادة لحمة الصف الوطني.
أما إن كان الأمر غير ذلك ، أي ليست مخاوف و هواجس وظنون تلعب به وكان السيد الفريق حميدتي طامعا في الحكم خاصة وقد بدأ يتحدث في مخاطباته ببعض الآيات و قصار الأحاديث النبوية و محاولة لحديث ديني عاطفي ، يا أخي الكريم البشير الكذوب كان اشطر في مثل هذه الأحاديث و ما أغناك عن هذا ، أنت يكفيك انك لم تقتل المتظاهرين عندما أمرك البشير بذلك و هذا موقف شكره لك الشعب السوداني ، أما إذا كنت وقعت تحت سطوة الإعلام والانبهار بالأضواء التي يضعف الكثيرون حيالها فلا تذهب بعيدا و رحم الله امرئ عرف قدر نفسه ، التزم بالدعم السريع و دوركم وطني و مقدر في حماية الحدود من حلايب والفشقة الى جبل عوينات وابيي وبالتنسيق الكامل مع ما يراه الجيش و هذا عمل وطني عظيم في حد ذاته والتزم بإجماع الشعب السوداني.
وبالأخير ، و في النهاية ، لا يظنن احد ، أو يدور بخلده ، أن الناس بعد معاناة ثلاثين عاما سترضى بمن يقودها دون أن يكون قادرا على تحقيق أحلامها و دون أن يكون أكاديميا وإداريا وثقافة وافق وبعد خيال لقيادة بلد هام كالسودان ، ثري بتجاربه و غني بشعبه ، و النهوض بالسودان يحتاج الى كفاءة كبيرة اليوم و سعة أفق سياسي والناس تريد في الفترة الانتقالية الخروج من حكم العسكريين للخروج من العزلة و التوأمة والتطبيع مع المجتمع الدولي ، سيد حميدتي إذا كنت تريد ان تطرح نفسك مرشحا على السودانيين عليك ان تخلع بدلتك العسكرية أولا ثم تترشح في اقرب فرصة انتخابات قادمة و ذلك بعد فترة انتقالية تتعافى فيها البلاد من آثار الحرب و الحصار و عليك ان تتحدث الى الناس بالحسنى ولا تكرر لغة لحس الكوع و إذا كانت رغبة الشعب السوداني في قبول بقوى الحرية والتغيير لتحكمه انتقاليا في هذه المرحلة وكانت هذه رغبة أغلبية أعضاء المجلس العسكري فلماذا تعارض أنت ذلك ؟ لماذا هذا الحقد تجاههم وأنت لم تكن تعرفهم شخصيا حتى قبل أربعة أشهر مضت.
اطرد عنك الشيطان يا أخي وقبل ذلك اطرد شياطين الإنس الذين هم حولك من سدنة النظام الفاسد القديم.
طارق عبد الهادي
[email protected]