أخبار السودان

المخلوع إلى الجنائية !!

مناظير – زهير السراج
* إذا كان البرهان يرفض تسليم المخلوع للمحكمة الجنائية الدولية، كما كرر قبل يومين، فإنني أيضا أرفض وبشدة، فالجنائية أرحم له بكثير من السودان، من حيث كمية التهم الموجهة إليه، ونوع الإقامة أثناء فترة المحاكمة، وطبيعة السجن الذى سيحتضنه إذا ثبتت عليه التهم، ونوع العقوبة التي لا تتجاوز السجن المؤبد (حسب القوانين الأوروبية) في مكان أنيق أشبه بغرف الفنادق (4 نجوم) به كل انواع الخدمات والترفيه إلخ !!

* في السودان المسألة صعبة جدا، فالقانون يجيز الإعدام (في القصاص والحدود بعد سن السبعين)، بالإضافة الى التهم الإضافية التي ستُوجه إليه فوق التي وجهتها إليه المحكمة الجنائية له بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية. خذ (كمثال فقط) تهمة تقويض الدستور في يونيو 1989، وهى وحدها كفيلة بجره الى المشنقة.

* مثال آخر: تهمة حيازة وتخزين أموال خارج البنوك التي يُحقَق فيها معه الآن (فاتحة خير فقط)، وتصل عقوبتها القصوى الى السجن عشرة أعوام. من سخرية الأقدار انها لم تكن توجد في القانون السوداني حتى قبل سقوط المخلوع بثلاثة اسابيع فقط، وهو الذى سنها بموجب أمر الطوارئ (رقم 6 ) في الحادي والعشرين من مارس، 2019، لإرغام الناس على إيداع أموالهم بالقوة في البنوك لتستولي عليها الدولة وتعطيها لهم بالقطارة، فيصبح هو أول شخص يُحاكم بموجبها. يحظر الأمر(6 ) على أي شخص حيازة أو تخزين عملة وطنية تجاوز مليون جنيه، وخمسة أضعافها على أية شخصية اعتبارية (5 مليون ج). عندما ألقى القبض عليه صبيحة يوم الحادي عشر من أبريل، وُجد بحوزته أضعاف هذا المبلغ، فوقع ضحية لفساده وقوانينه التعسفية !!

* لم ولن أثق في (البرهان) وفى مجلسه العسكري، وفى الممثلين الذين سيفرضونهم على الشعب في المجلس السيادي المرتقب، ولا شك في أنهم سيكونون مصدر مشاكل وإزعاج مستمر طيلة الفترة الانتقالية، ولا تدخل في عقلي مزاعمهم الكاذبة في أنهم سيوافقون على محاكمة المخلوع أمام المحاكم السودانية على التهم التي وجهتها إليه المحكمة الجنائية مع توابعه عبدالرحيم محمد حسين، وأحمد هرون، والجنجويدى (على كوشيب)، أو أية تهمة أخرى، بل سيضعون مليون عقبة أمام النائب العام الذى سيتولى مهمة النيابة خلال الفترة الانتقالية لتعطيل محاكمتهم، وسيخترعون من الحجج ما تشيب له رؤوس الولدان اعتمادا على نظرية شراء الوقت التي يمكن ان تتمخض عن حل سحري (يدور في مخيلتهم فقط) للتحلل من اتفاقهم مع قوى الحرية والتغيير وفض الشراكة القائمة بينهم، والتصرف بما يحلو لهم في كل شيء بما في ذلك قضية المخلوع والعفو عنه، رغم أنه لو خرج اليوم من السجن سيقطع رقابهم فورا بتهمة الخيانة العظمى، ولقد ظل يردد عندما ذهبوا للقبض عليه (خونة، خونة) حتى حسب البعض انه فقد عقله. ما يغشوك ويقولوا ليك قال ليهم (على بركة الله .. خلوا بالكم من السودان، ومن الشريعة) .. سودان شنو، وشريعة شنو البعرفهم المخلوع ؟!

* أقترح، وحتى لا ندخل في الجرجرة ومماطلات العسس، وما ينجم عن ذلك من تعطيل العدالة وتشظية النسيج الاجتماعي، والوقوع في أزمة مع المحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولي تتضرر منها مصالح السودان إذا ظل المخلوع بعيدا عن أيدى العدالة، أن تشرع الحكومة الانتقالية فور تكوينها في إجراءات تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية مقابل أن يتخلى عن كل الأموال والممتلكات التي نهبها من الشعب ووضعها في الداخل والخارج، وأراهنكم أنه إذا خُيّر بين لاهاى والخرطوم، لن يتردد في اختيار الأولى، بل سيكون سعيدا بذلك !!
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..