أخبار السودان

(خفافيش الظلام).. امتصاص دماء ضحايا الاعتصام “1”

* مصدر : إنتاج الفيلم تم خارج مباني التلفزيون
* شركة أمنية معروفة أحضرت الفيلم في (فلاش) وأمرت ببثه
* خطأ قاتل يُظهر شعار قناة ” هسة” (المصريسودانية) في الفيلم
* العاملون بالتلفزيون يصدرون بيان يستنكر الإساءة للشعب السوداني وعِرضه
العاملون بالتلفزيون
بخُطى مُتسارعة اقتحم مبنى القناة المُطل على النيل، يلهث وكأنّه يُسباق الزمن، فشلت نظارته الشمسية عن مُوارة ماجاء لأجله فـ” الموضوع خطير ” ، وسيف الوقت يكاد يقطع حِبال ما قاموا به من مجهود. تجاوز من كان يُجاور المبعوث إليه وكأنه لا يراه، إتجه إليه مُباشرةً، وقف أمامه مُخاطباً بلهجة آمرة (خُذ هذا الفلاش)، سكت لبُرهة ثم أضاف ( دِي أفلام رسلا ليك ” ش ، م ” ) وخرج .

تحقيق: سلمى عبدالعزيز
فلاش ـ باك

في حديثه لـ( الجريدة ) أكد مصدر من داخل التلفزيون إنه قُبيل بث الفيلم بأيام، جاء فرد يتبع لأحدى القوات النظامية حاملاً (فلاش)، مُضيفاً: كُنت وقتها داخل غُرفة تحرير الأخبار مُنغمس في عملي، سمعته يُخاطب زميل لي ّ قائلاً: (هذه الفلاشة تحتوي على أفلام أرسلها ” ش، م ” ) .
يُعد (ش،م) ـ حسب افادات مصدرنا ـ واحد من أهم قيادات الإعلام بحزب المؤتمر الوطني البائد، عمل مُديراً سابقاً لشركة اعلامية أمنية لا يبعد مقرها عن التلفزيون كثيراً، هذا اضافة لعمله مُلحقاً اعلامياً في واحدة من الدول العربية القريبة، لافتاً إلى أن جُل العاملين بالتلفزيون القومي يعرفونه نظراً لتردده المستمر لمباني القناة .

من أنتج فيلم ( خفافيش الظلام ) ؟
سُؤال مُباشرة وجهته (الجريدة) للمصدر الذي قال أنّ كافة الأفلام الوثائقية التيّ تم بثها عقب أحداث فض اعتصام القيادة العامة، والبالغ عددها أربعة أفلام وهي (خفافيش الظلام، الخرطوم تنتحب، الربيع السوداني، وتحت القيادة ) لم يتم إنتاجها داخل مباني التلفزيون القومي، وأضاف العاملون فيّ القناة بمختلف تخصصاتهم ” مصورين، منتجين، مهندسين، مذيعين … ” الخ لم يُشاركوا فيّ صناعة هذه الأعمال المسيئة للشعب السوداني.
وقال بما لا يدع مجالاً للشك مُعدات القناة القومية والعاملين به لم تتورط فيّ إنتاج اعمال تتعرض للشعب السُوداني وشرف بناته. مُشيراً إلى أنّه تم استجلاب هذه الأفلام (جااااهزة) من خارج القناة.

خطأ قاتل
جلستُ مع عُدة مهندسين يعملون بالقناة وخارجها، كان الهدف مِنها تحليل ” فيلم خفافيش الظلام ” من حيث جودة الصور المستخدمة، الإضاءة، المُونتاج وما إلى ذلك، الافادات قادتنا لاكتشاف ” خطأ قاتل ” وقع فيه الفريق المُعد لهذا العمل، حيث أنه فيّ جزء من الثانية، أو كما يطلق عليه المصورين ” فريم ” يُظهر وبشكل واضح (لوقو) ” قناة ” هسا” ذات الشراكة المصرية السودانية، اللقطة تُظَهر تماماً قُبيل اللقاء الذي أجراه الإعلامي السُوداني حازم حلمي مع أيقونة الثورة ” دسيس ـ مان “.

قناة ( هسا ) المصريسودانية
هل تذكرون هذه القناة ؟ .
خواتيم العام ( 2015 ) برزت إلى السطح قناة متخصصة في مجال الموسيقى والغناء، لفتت انتباه الناس ببثها أغاني “صعيد مصر” والقليل من الأغاني السودانية المأخوذة من قنوات محلية، الشيء الذي أدخل ادراتها فيّ دوامة من البلاغات والإجراءات القانونية والإتهامات المباشرة بسرقة محتوى غيرها مما جعلها فيّ مواجهة مباشرة مع الملكية الفكرية.
القناة التي أعتلت ” فضائحها ” (مانشيتات) الصحافة الفنية آنذاك، قادنا التبحر فيها إلى معلومات في غاية الأهمية حول هويتها ومن يقف خلفها .
وبحسب صحيفة ” حكايات ” الصادرة في ( 31/ 10/ 2015 ) فإن هذه القناة كانت تبث من مصر لمالك مصري محب للغناء السوداني، اضافة إلى أنها لم تحصل على تصديق من هيئة البث السوداني، ولا توجد ضمن منظومة القنوات المصرية، ليس هذا فحسب فقد ذكرت الصحيفة أنها أكتشفت لاحقاً أن القناة تبث من “قبرص ” وتم تسجيلها باسم شخص متوفي، وكما ظهرت فجاءة أختفت قناة ” هسا ” فيّ ظروف غامضة ، تاركة حزمة من الاستفاهات حولها.
فيّ رحلة بحث عن (التيم) العامل في هذه القناة ، توصلت (الجريدة) لشخصين عملوا بها كمُتعاونين لفترات مُتفاوتة، أولهما فني مونتاج يُدعى (ب ، م) وهو أحد كوادر المؤتمر الوطني النشطين جداً ـ حسب ما أكد زميل عمل له ـ لافتاً إلى أنه التحق بقناة (انغام) الفضائية لفترة ثم تم فصله ـ عُرف بتشدده للحزب البائد ومازال متمسك بإنتمائه له. وهُناك أيضاً المخرج التلفزيوني (ح ، م)، بيد أنّ أصابع الإتهام تُشير لـ(ب ، م ) .

رفض قاطع
بعد سُقوط نظام الإنقاذ والذي كان يلف حبال سيطرته بشكل تام حول عُنق التلفزيون، حيث ارتفعت الأصوات المُطالبة باستعادة (الحوش)، القناة الأم التي ظلت لثلاثين عاماً أبنائها.
كُثر التنبؤ بمرحلته القادمة، غيوم من التفاؤل غطت على سحب المتشائمين حذراً، وقد برزت بعض الملامح لبرامج أٌستضيف فيها قيادات لقوى الحُرية والتغيير، أُسر الشُهداء، أيقونات الثورة المجيدة … ألخ .
بيد أنّ هذا الأمر لم يستمر طويلاً، بصورة مٌفاجئة أٌقيل مدير التلفزيون القومي جمال مصطفى من منصبه، إقالة حوت فيّ باطنها الكثير، وشكلت فيما بعد معالم لمرحلة قادمة، مرحلة وصفها المصور بالتلفزيون القومي نادر الطيب خلف الله لـ(الجريدة) بالمظلمة .

يروى ” نادر ” فيّ رده على إجابة الشارع السُوداني الذي غشيته مُوجة من الغبن الممزوجة بحزن شديد على ضحايا فض الإعتصام، ومن ثم مُحاولة الإساءة التي طالت ابنائه الآن، كيف سمح العاملون بالتلفزيون القومي تمرير هذا الفيلم، أليسُ من ابناء هذا الشعب الذي سفك دمه وتهان كرامة ابنائه وبناته الآن ؟.
فقال: التيم الذي يعمل معه رفض رفضاً قاطعاً المُشاركة فيّ هذا ” العبث “، وهُناك مُصورون قالوها ليّ مُباشرة (تاني ما تطلعنا شُغل زيّ ده)، وهُناك من قرر ترك الوظيفة وملازمة منزله، وعندما سألته أجاب (ما داير شغل معاكم) ، ولم يأتِ إلا بعد أنّ أخبرته ووعدته بعدم إرساله لأيّ عمل يخص الجهة الجديدة التيّ باتت تُوجه وتقود خارطة العمل بالقناة .

اهانة المرأة السودانية
مُضيفاً ـ والحديث مازال لـ( نادر ) بعد بث (خفافيش الظلام) أول مرة ، ونظراً لمدته القصيرة إذ لا يتجاوز الـ(12) دقيقة، عمدت القناة على تكرار بثه خلال اليوم أكثر من مرة، بُغية ترسيخه فيّ أذهان المُشاهدين. لم يكتفوا بذلك، فقد كان يتم بث (قُصاصات اخبارية) غير صحيحة، بل لم تحدث على الإطلاق، على الشريط أسفل الشاشة.
يقول ” نادر ” محتوى هذا الفيلم وتعليقاته المُخطوطة باللون الأحمر المتضمنة ألفاظ مسيئة للمرأة السُودانية خاصةً، والشعب السوداني عامةً ” مستفز ” للغاية.

بيان إدانة
من جهتهم أصدر بعض العاملين فيّ التلفزيون القومي بياناً ممهوراً بتوقيع أحرار العاملون بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون أوضح رفضهم التام لما حدث .
البيان الذي تحصلنا على نسخة منه أشار بوضوح للأفلام التي بُثت عبر شاشة القناة القومية (…. إن الذي يقوم التلفزيون ببثه عبر شاشته هذه الأيام من غثاء لا يصنف مهنيا تحت أيّ مسمى إلا السقوط الأخلاقي، ولا يعبر عن العقيدة الصحيحة ولا الفطرة السليمة، وأخلاق وفكر ومهنية الشرفاء الأحرار من العاملين بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، الذين يربأون بأنفسهم عن انتاج هكذا مواد تلفزيوينة تسيئ لشعب السودان وثورته المجيدة).
واستنكر العاملون بالتلفزيون هذه المواد التي بثت عبر شاشتهم وتم انتاجها خارج مباني التلفزيون، واصفين ما حدث تآمر على الثورة المجيدة وسعيا لتشويه صورتها الزاهية بالكذب والتلفيق والتدليس والقذف .
كاشفين عن محاولات لاقصاء كل قوى الثورة عن الظهور عبر شاشة التلفزيون وإيقاف كل ما يشير ويعكس الحراك الثوري . مُؤكدين رفض الغالبية لما حدث عدا فئة بسيطة معروفة بإنتمائها لحزب المؤتمر الوطني .

فيّ الحلقة الثانية
* هل تلقى التلفزيون مبالغ مالية مُقابل بثه الفيلم ؟
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..