المجلس أمام امتحان العدالة

لا شك أن الشعب السوداني ما زال مصدوما من جريمة فض الاعتصام التي يُسأل عنها المجلس العسكري الانتقالي وحده، وهو رغم إنكاره لها إلا أنه كل يوم يدين نفسه بتصرف جديد يجعل الناس يشعرون بالظلم والغضب وخيبة الأمل في أن يحقق العدالة.
اليوم ستعلن نتيجة التحقيق التي قامت بها اللجنة التي شكلها المجلس بعد مرور شهرين تقريبا على الحادثة، ولا أحد يتوقع أن تاتي النتيجة منصفة أو أنها ستكشف الحقائق كاملة، إذ أنه ليس من المعقول ولا المنطق أن يكون هو المتهم والمحقق، وسيكون القاضي أيضا، وبلا شك هذا ليس من الإنصاف، فالعدالة تحتِّم أن يكون الحكم مستقلًّا.
المجلس العسكري من البداية كان قاسيا مع الجماهير، فهو من عقَّد الأمور فلم يكن مستعدا حتى للتعاطف معهم، ولم يسارع إلى وقف المجزرة التي أخذت زمنا طويلا في ذاك اليوم، ولم يكلِّف أحدهم نفسه بزيارة موقع الأحداث فور وقوعها، بل لم يسهِّلوا حتى عملية إنقاذ الجرحى واحترام القتلى من باب الواجب.
ما يجدر ذكره أن أحداث فض الاعتصام لم تنتهِ بعد وما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة، فالمواطنون يكشفون يوميا عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت السودان كالبيت الواحد، الكثير من الأخبار الغريبة والمثيرة للحيرة والدهشة والاسئلة، وإن لم يجِب عليها التحقيق ويكشف حقيقتها، فلا شك أنه لا فائدة منه تماما.
ما زال الأهالي يبحثون عن عشرات المفقودين و لم يعثروا عليهم حتى الآن، أين اختفوا؟ ويقال أن بعضهم كان مسجونا، من سجنهم ولماذا؟ وآخرون وُجِدوا مقتولين إما في المشارح أو طفَوْا على سطح النيل، من فعل بهم ذلك؟ والأغرب من هذا قيل أنه تم العثور على بعضهم فاقدين للذاكرة ولا أحد يعرف كيف حدث لهم هذا؟ ولم نرَ جهة رسمية تحدثت عن هذا الأمر إثباتا أو نفيا من باب المسؤولية، فكيف ستقنعون بنتيجة التحقيق؟
منذ أن أعلنت لجنة التحري التحقيق التابعة للمجلس تسليم النتيجة للنائب العام الأسبوع الماضي، أعلنت قوى الحرية والتغيير رفضها للنتائج وعدم اعترافها بها أيًّا كانت، وقالت أنها لن تعترف إلا بنتائج لجنة التحقيق المستقلة التي ستتكون وفق ما تم الاتفاق عليه في الإعلان السياسي، بعد تكوين الحكومة المدنية.
عموما اليوم يضع المجلس العسكري الانتقالي نفسه أمام امتحان بمحض إرادته، ورغم أنه امتحان مكشوف تماما إلا أن الجميع يتوقَّع عدم نجاحه كما حدث في فض الاعتصام نفسه. و”الله يكضِّب الشينة!”.
التيار