بأي حال يعود عيدنا؟

هل يا ترى نصبح اليوم ونسمع أخبارا سارة لعيد التضحية والفداء الأسبوع القادم فنرى فداءا وتضحية من المتفاوضين بأنه تم الاتفاق حول الإعلان الدستوري الذي سيحكم الفترة الانتقالية؟ أم يا ترى سنسمع مزيدا من الخلافات بتمسك كل طرف بأجندته الخاصة فنرى المزيد من الدماء والفوضى؟
اني لأرجو الله أن يهدي الطرفين بل باقي القوي السياسية خاصة الحزب الشيوعي الذي آثر الخروج من المعادلة رافضا أي اتفاق بل مقاوما لها كما ذكر فيقدم مصلحة الوطن على مصالحه وأجندته الحزبية ويشارك في المجلس التشريعي ويطرح أفكاره ورؤاه مثل بقية الأحزاب.. وكذلك يهدي الحركات المسلحة جميعا بأن تتداعي إلى الدخول في عملية السلام وتعود إلى حديقة الوطن لتشارك في عملية السلام وتنتهي إلى غير رجعة قعقعة السلاح وتكون القوات المسلحة بكل إداراتها هي الجهة الوحيدة التي تمتلك السلاح..
هذا السودان يسع الجميع ولا توجد جهة واحدة تستطيع أن تتحكم فيه ولا أن تحقق كل أهدافها مهما كانت قوتها وإمكاناتها وتخطيطاتها.. هكذا تعلَّمنا من التاريخ وقد فشل كل من حاول إقصاء الآخرين..
نريد الفترة الانتقالية أن تمر بسلاسة عبر الديمقراطية التوافقية خلال الثلاثة أعوام القادمة تتمكن فيها كل القوى السياسية أن تعيد بناء نفسها وتضع برنامجها وتمارس المؤسسية والديمقراطية داخلها وتأخذ حقوقها كاملة لتؤدي واجباتها تجاه وطنها وشعبها الذي سيأتي بها فتكون أحزابا حقيقية وقوية وناضجة تستحق أن يعطيها الشعب ثقته في الديمقراطية التنافسية عبر الانتخابات الحرة النزيهة فتحكم بالكفاءة اللازمة ولا تكرر أخطاء الماضي عندما مارست الحكم منذ الاستقلال دون برامج ولا كفاءة ولا استقلالية من التأثير الخارجي، بل كان الائتلاف الحزبي المرتبك الذي يفشل عادة يأتي عقب كل تغيير متسارعا نحو السلطة دون استعداد ولا خطط ولا استراتيجية.
لقد سئم الشعب من طول الخلافات والصراعات والتدخلات الخارجية التي لا تهدف إلا تحقيق مصالحها وأهدافها وأجندتها الخاصة التي من المؤكد لا تتوافق مع مصالحنا العليا ولعلنا الآن نشهد آخر فرصة لتحقيق الحرية والاستقرار والسلام والديمقراطية المستدامة والحكم الراشد ودولة المؤسسات وسيادة حكم القانون، فإذا فرطنا في هذه الفرصة فلن يندهش أحد إذا حدثت الفوضي وأصبحنا مثل ليبيا واليمن حين استغل الشاويش علي عبد الله صالح في اليمن و الجنرال المتقاعد حفتر في ليبا الخلافات ليحاولا إعادة بلديهما إلى بيت الطاعة الديكتاتوري الذي أذاق اليمن وليبيا الويلات والموت الزؤام..
نتمنى ألا يحدث ذلك في بلادنا التي قدم شعبها مثالا لثورة سلمية وللتسامح السياسي الذي لولاه لما شهدنا هذا الاستقرار النسبي حيث لا زال شعبنا يمارس حياته بشكل طبيعي وأفضل كثيرا مما يحدث في ثورات الربيع العربي..
التيار



