مقالات وآراء

اللعبة القذرة

في السياسة ليس هناك قاعدة معينه يمكن أن تبنى عليها او ان تكون أساسا للتعامل ، فأعداء اليوم قد يكونون هم اصدقاء الغد والعكس ، فلا و لاء ولا عداء ولا محبة دائمة،هناك مصالح مشتركة و اخر متضاربة.
وجود جاسوس داخل نظام ما هو بلا شك أمر خطير، وتزداد هذه الخطورة عندما يكون هذا الجاسوس الخائن من داخل المنظومة الحاكمة نفسها، وتبلغ الخطورة مداها عندما يستخدم هذا الشخص سلطته ونفوذه لتقويض النظام ومساعدة الأعداء في تنفيذ خطة للانقضاض على نظام لطالما ظل عصي عليهم ولم يكن لتتاح لهم فرصة الظفر به لولا ذلك الخائن، ولنا في التاريخ عبر وقصص كثيرة من هذه الشاكلة ،فلشبونة إحدى زواهر دولة الأندلس قدّمها بنو الأفطس أمراء بطليوس لألفونسو هديّةً، ليساعدهم في هزيمة يوسف بن تاشفين، الذي أنقذ الأندلس في معركة الزلاقة،والمعتمد بن عباد راسل ألفونسو أيضاً، ومنحه العديد من الحصون والأراضي الخاصة بالمسلمين، ليساعده ضد المرابطين ،وبغداد لم يُسْقِطها هولاكو وجيوش التتار الجرّارة، ولكن أسقطتها خيانة الوزير ابن العلقمي، وطليطلة لم يتم احتلالها واستباحتها إلا بخيانة ذي النون وتحالفه مع ألفونسو السادس لإسقاطها ومنحها له بعد ذلك ، فما أشبه الليلة بالبارحة.
الفريق اول صلاح عبدالله (الشهير بقوش)، و محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي) هما الشخصيتان الوحيدتان اللتان خانتا الرئيس البشير (ولأكثر من مرة) ، وللأسف برغم ذلك فلتتا من العقاب والمحاسبة، قوش بمجرد ان تمت إعادته مرة أخرى إلى سدة قيادة جهاز الامن والمخابرات (وكان ذلك هو الخطأ الفادح الذي ارتكبه الرئيس البشير) ما أن استلم منصبه مرة اخرى حتى سارع بالتجهيز لإنقلاب يطيح بالرئيس ،مستخدما علاقاته العميقة بامريكا و جهاز مخابراتها (سي.اي.ايه ، و اسرائيل و موسادها ،كيف لا والرجل يعتبر و احد من أفضل من تعاونت معه أجهزة الإستخبارات الغربية ، بعد المصري عمر سليمان مدير المخابرات المصرية العامة الاسبق.
دقلو تنبع اهميته من تزعمه لمليشيات الدعم السريع ودورها المعروف في دارفور ، ومن بعد ذلك مشاركتها في حرب اليمن إلى جانب السعودية و الامارات ،وكذلك محاربته (المزعومه) للهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر نيابة عن الإتحاد الأوربي، و تمدد هذا الجسم الهلامي(الدعم السريع) بسبب دعم الرئيس البشير أيضا، مما تسبب في اضعاف (ممنهج) لمؤسسات الدولة السودانية النظامية.
عندما ظهرت بودار الثورة على النظام القائم في ديسمبر من عام ٢٠١٨ لم تتدخل تدخل قوات حميدتي لمساندة الرئيس البشير ضد المحتجين، برغم دعمه اللامحدود لها،ورجحت تقارير ان ذلك تم باتفاق بين حميدتي و قوش،اللذان كانا يبدوان انهما متفقين (ظاهريا) ،إلى ان حدث الاختلاف الكبير بين الرئيس البشير وقوش في فبراير من العام الحالي ٢٠١٩ بسبب تدخل بعض القيادات النافذه(ومنهم الدكتور نافع علي نافع) لإيقاف خطة اتفق عليها الرئيس البشير وقوش لتعيين حكومة برئاسة قوش وأن يعلن عدم الترشح لانتخابات ٢٠٢٠م ،وبدلا من اعلان ما تم الاتفاق عليه بين الرجلين أعلن الرئيس البشير حالة الطوارئ ،برغم ترقب الشعب لذلك الخطاب ،مما اغضب قوش و بدأ من وقتها التنسيق بين قوش وحميدتي للانقلاب على النظام.
احتجب حميدتي عن المشهد ، بعد ان أعلن ان قوات الدعم السريع مهمتها الدفاع عن الحدود وانه ليس من مهامها ان تقمع التظاهرات ، مما عده الرئيس البشير خذلانا كبيرا له في وقت حساس جدا، وتوالت بعدها الأحداث بينما ظل قوش يهندس ويخطط لعملية الإطاحة بالبشير.
اول مجلس عسكري بعد الانقلاب على الرئيس البشير برئاسة عوض بن عوف و حتى مجلس عبدالفتاح البرهان لاحقا أعلنا ان قوش كان له القدح المعلى في الإطاحة بالرئيس البشير ، ولكنهما تفاجأآ بأن الشعب لا يريد قوش الذي كان يظن أن النظام قد آل اليه، فطلب منه أصدقائه الأمريكيين ان يتقدم بإستقالته و يتوارى عن المشهد مؤقتا إلى أن تنجلي الامور، فوافق و قدم استقالته و إختفى ميمما وجهه شطر واشنطن بعد ان توقف ليومين في لندن،و خلال الفترة سعت ملا من السعودية و الإمارات ليتولي رجلهما الاول في السودان حميدتي رئاسة البلاد بدلا عن قوش الذي تضاءلت حظوظه في الرئاسة بسبب ردة الفعل الشعبيه السلبيه ضده ،ولكن هذا التوجه من السعودية والامارات تضارب مع معارضة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي القوية لتولي حميدتي مقاليد السلطة في السودان.
استطاع طه عثمان الحسين ان يقنع حميدتي بأن قوش كان وراء محاولة اغتياله (المزعومه) في 21 أبريل،وأنه لكي يستطيع مواجهة قوش فلابد أن يتم إخراج عدو قوش اللدود اللواء عبد الغفار الشريف من سجنه، وفعلا تم ذلك، بل ومضى حميدتي ابعد من ذلك فإن أوكل إلى عبدالغفار مهمة قيادة إدارة الاستخبارات في قوات الدعم السريع،الأمر الذي أثار حفيظة قوش ، والأمر الآخر الذي اغضب قوش هو إعادة خدمة اللواء عباس عبد العزيز بل وترقيته وهناك حديث عن قرب تعيينه في منصب عسكري رفيع.
هذه الخطوات من قبل معسكر حميدتي/طه عثمان تكشفت الخطة والغرض من وراءها بسهولة لذئب متمرس في العمل الاستخباراتي مثل قوش، وبتنسيق مع أجهزة المخابرات الغربيه أوقف الإتحاد الأوربي دعمه لمكافحة الإتجار بالبشر و تبدلت لهجة الأوربيين مع حميدتي الذي خسر كثيرا بسبب توقف أحد روافد انهار ثروته المتنامية ، كما تم ايضا كشف الشركة الروسية التي كانت تهرب الذهب من جبل عامر لصالح حميدتي،وتم القبض على الطائرة المروحية المعبأة بالذهب والتي كانت في طريقها إلى الخارج،و نشر الخبر في مختلف وسائط ووسائل الإعلام ، و في نفس الوقت انتشرت فيديوهات خاصة لطه عثمان بصحبة بعض النساء بالخارج في تشويه متعمد لصورته في الوسائط الاعلاميه.
هذه الضربات السريعة والمتتاليه أشار اليها حميدتي في عدد من خطاباته ،حيث انه قال في احداها انه (لايمكن اللعب به)،لكن في نفس الوقت فإن الرسالة قد وصلته ، وفهم تماما غضب قوش وطبيعته ، و كذلك طه عثمان فهم الرساله ، وجاءت الرساله الأخرى الى حميدتي من البرهان حيث اخبره بعدم تقبل القاهرة لوجوده كقائد عسكري للقوات المسلحة بالسودان رغم تأييد السعودية والامارات ،إلا أن مصر رقم لا يمكن تجاوزه في المنطقة.
يتضح من كل ذلك ان قوش – و إن كان مختفيا عن الانظار- فهو ممسك بخيوط كتيرة كافية لعرقلة مشروع طموحات حميدتي وطه في السودان ،وعلاقاته مع دول مؤثرة مثل الولايات المتحدة ومصر قوية جدا، خصوصا بهذه الاخيرة ،فعند عودته لمنصبه في ٢٠١٨ كانت اول زيارة خارجيه لقوش الى مصر،وكانت زيارة لللسيسي شخصيا لتنسيق المواقف ،وبعدها مباشرة قام بإعادة الجنود المصريين المختطفين في الجنوب الليبي بعملية سرية ، أظهرت كفاءة و قدرة الرجل، و قوبل ذلك بتقدير كبير من المصريين لقوش ،فتمت مكافأته بلقاء مدير الموساد يوسي كوهين اثناء انعقاد مؤتمر الامن في برلين في فبراير ٢٠١٩ وكان هذا اللقاء برعاية السيسي شخصيا وبدون علم الرئيس البشير.
بعد هذا اللقاء اقتنعت إسرائيل و الغرب عموما ان قوش هو الرجل الأمثل لقيادة السودان في الفتره القادمه ،و إنه رجل المرحلة الذي يستطيع تنفيذ أهداف إسرائيل والولايات المتحدة والغرب في السودان والمنطقة ، فالرجل لديه خبرة كبيرة في التعامل مع الأسرار و إدارة الأزمات،كما ان علاقاته المتشعبة داخل الجيش و في اوساط الاسلاميين و حتى داخل المعارضة الحالية و قوى الحرية و التغيير تؤهله للعب دور محوري ومهم.
خلاصة القول ان قوش مازال يمسك بأوراق ضغط يمكن ان تحد من طموح حميدتي، ولكن المشكلة تكمن في انه ليس هناك أي ضمانات لعدم حدوث فوضى أمنيه واسعه في البلاد اذا ما حدثت مواجهات مباشرة بين الفريقين،ولكن من المؤكد أن قوش لا يرغب في الوصول إلى هذه النقطة تحديدا وذلك كيلا تتلاشي حظوظه وطموحاته في إدارة السودان حتى وإن صرح البرهان انه ليس هناك مكان لقوش في المجلس السيادي، فالرجل خان من إئتمنه على آمنه وامن البلاد،ولكنه لم يقبض ثمن الخيانة بعد، فهل سيهنأ قوش بثمن خيانته؟ أم أن الإسلاميين لديهم ما سيقض مضاجعه ويسفه أحلامه تلك؟ سنرى.

ود اسحق

في السياسة ليس هناك قاعدة معينه يمكن أن تبنى عليها او ان تكون أساسا للتعامل ، فأعداء اليوم قد يكونون هم اصدقاء الغد والعكس ، فلا و لاء ولا عداء ولا محبة دائمة،هناك مصالح مشتركة و اخر متضاربة.
وجود جاسوس داخل نظام ما هو بلا شك أمر خطير، وتزداد هذه الخطورة عندما يكون هذا الجاسوس الخائن من داخل المنظومة الحاكمة نفسها، وتبلغ الخطورة مداها عندما يستخدم هذا الشخص سلطته ونفوذه لتقويض النظام ومساعدة الأعداء في تنفيذ خطة للانقضاض على نظام لطالما ظل عصي عليهم ولم يكن لتتاح لهم فرصة الظفر به لولا ذلك الخائن، ولنا في التاريخ عبر وقصص كثيرة من هذه الشاكلة ،فلشبونة إحدى زواهر دولة الأندلس قدّمها بنو الأفطس أمراء بطليوس لألفونسو هديّةً، ليساعدهم في هزيمة يوسف بن تاشفين، الذي أنقذ الأندلس في معركة الزلاقة،والمعتمد بن عباد راسل ألفونسو أيضاً، ومنحه العديد من الحصون والأراضي الخاصة بالمسلمين، ليساعده ضد المرابطين ،وبغداد لم يُسْقِطها هولاكو وجيوش التتار الجرّارة، ولكن أسقطتها خيانة الوزير ابن العلقمي، وطليطلة لم يتم احتلالها واستباحتها إلا بخيانة ذي النون وتحالفه مع ألفونسو السادس لإسقاطها ومنحها له بعد ذلك ، فما أشبه الليلة بالبارحة.
الفريق اول صلاح عبدالله (الشهير بقوش)، و محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي) هما الشخصيتان الوحيدتان اللتان خانتا الرئيس البشير (ولأكثر من مرة) ، وللأسف برغم ذلك فلتتا من العقاب والمحاسبة، قوش بمجرد ان تمت إعادته مرة أخرى إلى سدة قيادة جهاز الامن والمخابرات (وكان ذلك هو الخطأ الفادح الذي ارتكبه الرئيس البشير) ما أن استلم منصبه مرة اخرى حتى سارع بالتجهيز لإنقلاب يطيح بالرئيس ،مستخدما علاقاته العميقة بامريكا و جهاز مخابراتها (سي.اي.ايه ، و اسرائيل و موسادها ،كيف لا والرجل يعتبر و احد من أفضل من تعاونت معه أجهزة الإستخبارات الغربية ، بعد المصري عمر سليمان مدير المخابرات المصرية العامة الاسبق.
دقلو تنبع اهميته من تزعمه لمليشيات الدعم السريع ودورها المعروف في دارفور ، ومن بعد ذلك مشاركتها في حرب اليمن إلى جانب السعودية و الامارات ،وكذلك محاربته (المزعومه) للهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر نيابة عن الإتحاد الأوربي، و تمدد هذا الجسم الهلامي(الدعم السريع) بسبب دعم الرئيس البشير أيضا، مما تسبب في اضعاف (ممنهج) لمؤسسات الدولة السودانية النظامية.
عندما ظهرت بودار الثورة على النظام القائم في ديسمبر من عام ٢٠١٨ لم تتدخل تدخل قوات حميدتي لمساندة الرئيس البشير ضد المحتجين، برغم دعمه اللامحدود لها،ورجحت تقارير ان ذلك تم باتفاق بين حميدتي و قوش،اللذان كانا يبدوان انهما متفقين (ظاهريا) ،إلى ان حدث الاختلاف الكبير بين الرئيس البشير وقوش في فبراير من العام الحالي ٢٠١٩ بسبب تدخل بعض القيادات النافذه(ومنهم الدكتور نافع علي نافع) لإيقاف خطة اتفق عليها الرئيس البشير وقوش لتعيين حكومة برئاسة قوش وأن يعلن عدم الترشح لانتخابات ٢٠٢٠م ،وبدلا من اعلان ما تم الاتفاق عليه بين الرجلين أعلن الرئيس البشير حالة الطوارئ ،برغم ترقب الشعب لذلك الخطاب ،مما اغضب قوش و بدأ من وقتها التنسيق بين قوش وحميدتي للانقلاب على النظام.
احتجب حميدتي عن المشهد ، بعد ان أعلن ان قوات الدعم السريع مهمتها الدفاع عن الحدود وانه ليس من مهامها ان تقمع التظاهرات ، مما عده الرئيس البشير خذلانا كبيرا له في وقت حساس جدا، وتوالت بعدها الأحداث بينما ظل قوش يهندس ويخطط لعملية الإطاحة بالبشير.
اول مجلس عسكري بعد الانقلاب على الرئيس البشير برئاسة عوض بن عوف و حتى مجلس عبدالفتاح البرهان لاحقا أعلنا ان قوش كان له القدح المعلى في الإطاحة بالرئيس البشير ، ولكنهما تفاجأآ بأن الشعب لا يريد قوش الذي كان يظن أن النظام قد آل اليه، فطلب منه أصدقائه الأمريكيين ان يتقدم بإستقالته و يتوارى عن المشهد مؤقتا إلى أن تنجلي الامور، فوافق و قدم استقالته و إختفى ميمما وجهه شطر واشنطن بعد ان توقف ليومين في لندن،و خلال الفترة سعت ملا من السعودية و الإمارات ليتولي رجلهما الاول في السودان حميدتي رئاسة البلاد بدلا عن قوش الذي تضاءلت حظوظه في الرئاسة بسبب ردة الفعل الشعبيه السلبيه ضده ،ولكن هذا التوجه من السعودية والامارات تضارب مع معارضة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي القوية لتولي حميدتي مقاليد السلطة في السودان.
استطاع طه عثمان الحسين ان يقنع حميدتي بأن قوش كان وراء محاولة اغتياله (المزعومه) في 21 أبريل،وأنه لكي يستطيع مواجهة قوش فلابد أن يتم إخراج عدو قوش اللدود اللواء عبد الغفار الشريف من سجنه، وفعلا تم ذلك، بل ومضى حميدتي ابعد من ذلك فإن أوكل إلى عبدالغفار مهمة قيادة إدارة الاستخبارات في قوات الدعم السريع،الأمر الذي أثار حفيظة قوش ، والأمر الآخر الذي اغضب قوش هو إعادة خدمة اللواء عباس عبد العزيز بل وترقيته وهناك حديث عن قرب تعيينه في منصب عسكري رفيع.
هذه الخطوات من قبل معسكر حميدتي/طه عثمان تكشفت الخطة والغرض من وراءها بسهولة لذئب متمرس في العمل الاستخباراتي مثل قوش، وبتنسيق مع أجهزة المخابرات الغربيه أوقف الإتحاد الأوربي دعمه لمكافحة الإتجار بالبشر و تبدلت لهجة الأوربيين مع حميدتي الذي خسر كثيرا بسبب توقف أحد روافد انهار ثروته المتنامية ، كما تم ايضا كشف الشركة الروسية التي كانت تهرب الذهب من جبل عامر لصالح حميدتي،وتم القبض على الطائرة المروحية المعبأة بالذهب والتي كانت في طريقها إلى الخارج،و نشر الخبر في مختلف وسائط ووسائل الإعلام ، و في نفس الوقت انتشرت فيديوهات خاصة لطه عثمان بصحبة بعض النساء بالخارج في تشويه متعمد لصورته في الوسائط الاعلاميه.
هذه الضربات السريعة والمتتاليه أشار اليها حميدتي في عدد من خطاباته ،حيث انه قال في احداها انه (لايمكن اللعب به)،لكن في نفس الوقت فإن الرسالة قد وصلته ، وفهم تماما غضب قوش وطبيعته ، و كذلك طه عثمان فهم الرساله ، وجاءت الرساله الأخرى الى حميدتي من البرهان حيث اخبره بعدم تقبل القاهرة لوجوده كقائد عسكري للقوات المسلحة بالسودان رغم تأييد السعودية والامارات ،إلا أن مصر رقم لا يمكن تجاوزه في المنطقة.
يتضح من كل ذلك ان قوش – و إن كان مختفيا عن الانظار- فهو ممسك بخيوط كتيرة كافية لعرقلة مشروع طموحات حميدتي وطه في السودان ،وعلاقاته مع دول مؤثرة مثل الولايات المتحدة ومصر قوية جدا، خصوصا بهذه الاخيرة ،فعند عودته لمنصبه في ٢٠١٨ كانت اول زيارة خارجيه لقوش الى مصر،وكانت زيارة لللسيسي شخصيا لتنسيق المواقف ،وبعدها مباشرة قام بإعادة الجنود المصريين المختطفين في الجنوب الليبي بعملية سرية ، أظهرت كفاءة و قدرة الرجل، و قوبل ذلك بتقدير كبير من المصريين لقوش ،فتمت مكافأته بلقاء مدير الموساد يوسي كوهين اثناء انعقاد مؤتمر الامن في برلين في فبراير ٢٠١٩ وكان هذا اللقاء برعاية السيسي شخصيا وبدون علم الرئيس البشير.
بعد هذا اللقاء اقتنعت إسرائيل و الغرب عموما ان قوش هو الرجل الأمثل لقيادة السودان في الفتره القادمه ،و إنه رجل المرحلة الذي يستطيع تنفيذ أهداف إسرائيل والولايات المتحدة والغرب في السودان والمنطقة ، فالرجل لديه خبرة كبيرة في التعامل مع الأسرار و إدارة الأزمات،كما ان علاقاته المتشعبة داخل الجيش و في اوساط الاسلاميين و حتى داخل المعارضة الحالية و قوى الحرية و التغيير تؤهله للعب دور محوري ومهم.
خلاصة القول ان قوش مازال يمسك بأوراق ضغط يمكن ان تحد من طموح حميدتي، ولكن المشكلة تكمن في انه ليس هناك أي ضمانات لعدم حدوث فوضى أمنيه واسعه في البلاد اذا ما حدثت مواجهات مباشرة بين الفريقين،ولكن من المؤكد أن قوش لا يرغب في الوصول إلى هذه النقطة تحديدا وذلك كيلا تتلاشي حظوظه وطموحاته في إدارة السودان حتى وإن صرح البرهان انه ليس هناك مكان لقوش في المجلس السيادي، فالرجل خان من إئتمنه على آمنه وامن البلاد،ولكنه لم يقبض ثمن الخيانة بعد، فهل سيهنأ قوش بثمن خيانته؟ أم أن الإسلاميين لديهم ما سيقض مضاجعه ويسفه أحلامه تلك؟ سنرى.

ود اسحق
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..