مقالات وآراء

كسلا لم تشيع رموز النظام البائد بعد

نجحت الثورة السودانية بامتياز في اقتلاع رأس نظام المؤتمر اللاوطني ‘ وشيعته إلى مزبلة التاريخ، ولكن مازالت رموزه الصدئة في بعض الأقاليم والمركز تتحكم في صنع القرارات وتدير دفة الدولة بنفس عقلية الاستبداد والاضطهاد والمحسوبية واللصوصية .

فما أن تطأ قدمك ولاية كسلا يبادرك كل من يلتقيك بأن الثورة السودانية الباسلة لم تمر من هنا ‘ فمديرو الوزارات والمصالح والأمانات والمحليات وكبار المسئولين هم نفس النظام في ثوبه البالي وهم نفس من خلقوا الفساد وشردوا العباد ونفس من اصطفاهم النظام البائد لتمكين قبضته في الماضي القريب .
كل الوجوه الاخوانية الاستعلائية للنظام البائد تصابحك كل يوم في دور الحكومة ‘ مما يجعلك لا تتفاءل عن أي أفق للإصلاحات ‘ فهي نفس الوجوه الكالحة التي أوصلتنا لهذا المنعرج وهم نفس عصابات الفساد التي ثار عليها الشعب السوداني الأبي .
فساد في فساد :
صار الكيد و استغلال النفوذ لقهر المواطن ظاهرة بائنة للعيان , وممارسة من قبل نافذين من أذيال النظام في أجهزة الدولة , و ما قضية خراف الاضاحي لهذا العام الا واحدة من أبشع صور هذا الابتزاز , وهذا القهر الذي يمارسه رموز النظام بحق الموظفين من الرجال والنساء , إذ لا يعقل أن تستجلب لهؤلاء خراف معظمها لم يكمل تمامه لجواز الأضحية وبمبالغ باهظة مستغلين الحوجة وقلة الرواتب التي مازالت تراوح مكانها ‘ أما حال المحليات يغني عن السؤال جمع للعوائد والضرائب والتحصيل المستمر من المواصلات والباعة مع تردي مريع لكافة الخدمات حولت كسلا جنة الإشراق إلي مزبلة من الأوساخ والأشواك .
فالفساد في الولاية يبدو واقعا يوميا معاشا، وحديث الشارع لا يهدأ حول زيادة ثروة المسؤولين والطبقة الطفيلية من أصحاب الولاءات التي مازالت الحاكمة بأمرها على حساب عامة المواطنين . والحديث يدور اليوم حول الأراضي السكنية والزراعية التي وزعت لصالح شخصيات مقربة من نظام المخلوع وكرشاوي وأتاوات .
صفوف في صفوف:
الجشع والطمع من الطبقات الطفيلية وبقايا الرموز التي لم تجتث بعد زاد الطين بلة في أمر السلع المعيشية الأساسية التي تهرب باستمرار مستغلة الفراغ الدستوري والحاكم المخلص ‘ والراعي الأمين لمصالح الشعب مما دفع الجميع تسمية كسلا مدينة الصفوف ‘ الصفوف في كل شئ الخبز والغاز والوقود ‘ أضف إلي ذلك صفوف السيارات والشاحنات داخل شوارع المدينة الضيقة والتي لم تطالها يد التحسين والتوسيع طيلة سنوات تالعهد الكئيب .
تقاعس في تقاعس :
ببقاء رموز النظام البائد في سدة صنع القرار بالولاية ‘ عاني القطاع الإداري والخدمي في الخدمة المدنية أسوأ لحظات حياته ‘ فالتعليم والصحة والمالية من اهم مرافق الدولة والتي مازالت تحت وطأة الطفيليين من رموز النظام السابق ‘ بنفس استبدادهم وتعنتهم المعهود ‘ وبالرغم من إنشاء ديوان للعدالة والمظالم بأمانة حكومة الولاية إلا أن الإجراءات ضد هؤلاء تسير بوتيرة بطيئة بل تكاد المحاسبة معدومة فكل رؤوس النظام يتسترون علي بعضهم البعض كسابق عهدهم.
مدينة كسلا وضواحيها حاليا في أسوأ أوضاعها ويبدو واقعها المحزن واقعا يوميا معاشا،
وليس من السهل حصر كافة القضايا التي تصاعدت روائحها وبلغت عنان السماء في هذه العجالة، وستظل عالقة كل تلك القضايا لحين تشييع كافة رموز النظام في الحياة السياسية والاقتصادية والعدلية إلي مزبلة التاريخ .
صلاح التوم كسلا
[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..