مقالات وآراء

 أين شباب نفير يا أمجد فريد

في خريف سابق قبل نحو ستة أعوام تقريبا، كانت الأمطار تهطل بمعدلات غير معتادة في الخرطوم مصحوبة بسيول وفيضانات جارفة، تسببت في محنة بالغة وأضرار جسيمة في الأنفس والممتلكات والمنازل، وازاء هذه الكارثة الانسانية تدافعت مجموعات من الشباب ونظمت نفسها تحت لافتة (شباب نفير)، وقدمت هذه المجموعة الشبابية أروع الأمثلة وأروع ما في الشعب السوداني المعروف بنجدة الملهوف والمكروب، وأبلت بلاءً عظيماً وكبيراً في درء آثار الكارثة حتى سحبت البساط تماماً من تحت أقدام الحكومة ومنظمات الحزب الحاكم الهلامية، (هم فاضين من اقتناء الفارهات وتكويش الدولارات)، فبيتوا النية للقضاء على المبادرة وإحباط هذا الشباب المتوثب وقتل روحه الوطنية، وكان لهم ما أرادوا بوضع جملة من المتاريس والإجراءات المتعسفة في طريقهم حتى عصفوا بها، وكان للدكتور الشاب أمجد فريد القيادي الحالي بقوى الحرية والتغيير، قصب السبق في الدعوة لهذه المبادرة بل يعتبر عرابها الأول، فقد كان للرسالة التي بعث بها دكتور أمجد لمجموعة من أصحابه وفحواها (ماذا نفعل لأهلنا المنكوبين)، فعل السحر فيهم فبدأت مبادرة نفير بهذه المجموعة التي حشدتها رسالة أمجد، ثم انداحت وتدافع اليها الشباب زرافات ووحدانا، وشمروا عن سواعد الجد وكفكفوا ملابسهم وغاصوا في المياه والطين يفتحون المجاري وينقلون المصابين والجرحى والموتى ويقدمون العون الغذائي والطبي، حتى (الحناكيش) تفاعلوا وانصهروا معهم في هذا العمل الوطني دون كلل أو ملل، وشاركهم أصحاب الضمائر الحية كل وفق ظروفه وطاقاته، منهم فنانون وفنانات ورأسمالية غاصوا معهم داخل المياه وخاضوا الوحل والطين، وكانت ظلال الأشجار وبعض المكاتب التي تبرع بها أصحابها هي الأمكنة التي ينطلقون منها لتقديم لغوث والنجدة، وكانوا يوميا يتعلمون دروسا جديدة في عمليات الرصد ووضع قواعد البيانات الدقيقه وتنظيم عمليات الطواف الميداني، وانتهجوا أساليبا غاية في الشفافيه والدقة والنزاهة، وظل البعض منهم يعملون ولعدة أيام متواصلة دون أن يغادروا أماكن عملهم في ثبات ونكران ذات وببساله نادرة. وما كانوا ينتظرون ثناء من أحد بل للمفارقة واجهتهم الحكومة وواجهاتها بالحسد والعداء..
الآن ومع خريف هذا العام الذي ما تزال أمطاره تهطل وسيوله تهدر، تواجه البلاد كارثة مماثلة لتلك التي أفرزت مبادرة نفير، فقد تضررت أجزاء واسعة من البلاد أضرارا بالغة، فقدنا فيها العشرات من الأنفس العزيزة في مناطق متفرقة، منهم من انهار عليه المنزل ومنهم من سقط في حفرة أو جرفته السيول، كما نفقت أعداد كبيرة من رؤوس الماشية، وانهارت الكثير من المنازل منها ما انهار جزئيا ومنها ما انهار كليا، وتهدمت العديد من المرافق بينها مساجد ومدارس ومراكز صحية ومؤسسات العامة، هذا الوضع المأساوي الذي تعيشه البلاد دون أن نلمس أي مجهود يذكر لا رسمي ولا شعبي نهض للتصدي له، هو ما جعلنا نتساءل يا أمجد (أين شباب نفير)، أخشى أن تكون السياسة قد صرفتكم عن مثل هذا الحراك المجتمعي المهم..

حيدر المكاشفى

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..