مقالات سياسية

رفقا بحمدوك

وصل إلى السودان قبل أيام قليلة رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك الذي ينتظره كثير من السودانيين ليخرجهم من ظلمات وزارات الانقاذ إلى نور وزارات الثورة ، و من حضيض الكيزان إلى نعيم الثوار .

فهل يخطيء الذين يحملون امالا عراضا في حمدوك ؟
أم ان معهم الحق في ذلك ؟

تعالوا نقيم الواقع ، و ننظر عن قرب إلى ( جزء مختصر ) من واقعنا المحطم الذي سيواجه حمدوك

على مستوى التعليم
سوف يجد حمدوك نسبة الأمية في البلاد وصلت ٥٠% بين النساء، و ٣١% بين الرجال ، و سيجد ٥٠% من أطفال دارفور في عمر المدرسة لا يذهبون إلى المدرسة .
سيجد ٢ مليون تلميذ يتلقون تعليمهم في مدارس من ( القش ) حيث لا حوائط و لا جدران ، و سيجد ٣٠% من طلاب الاساس في السودان يتلقون تعليمهم و هم يجلسون على الأرض حيث لا كنب و لا كراسي و لا شيء .
سيجد حمدوك ١٤٠ الف تلميذ بمرحلتي الاساس و الثانوي لا يتناولون وجبة الإفطار في ولاية الخرطوم فقط و هي العاصمة .
و سيجد اكثر من ٤٠% من طالبات الداخليات في ولاية الخرطوم لا يتناولن وجبة العشاء !!

هذا غير رواتب المعلمين التي لا تكفيهم و أسرهم لمدة أسبوع ، و مناهج التعليم التي لم يجر عليها اي تغيير لمدة ١٩ سنة بالتمام و الكمال .

فماذا يصنع حمدوك مع كارثة التعليم في بلادنا ؟

على مستوى الاقتصاد :
سيجد حمدوك ديون السودان الخارجية قد بلغت ٥٨ مليار دولار .
و سيجد ان الحد الأدنى للأجور لا يغطي سوى ٧% من حاجة الاسرة السودانية البسيطة .
سيجد تصنيف بلادنا في إطار فرص النمو و التطور يقع ضمن أسوا ٣ دول في العالم .

سيجد حمدوك ان بلادنا وصلت أعلى درجات التضخم، و سجلت عملتنا المحلية انحطاطا غير مسبوق .
و نتيجة لوجود السودان ضمن الدول الراعية للإرهاب سيجد بلادنا ممنوعة من الاستدانة بشروط ميسرة من صناديق التمويل العالمي ، و مصارفنا المحلية معزولة عن مصارف العالم ، و المغتربين السودانيين لا يمكنهم تحويل أموالهم عبر الجهاز المصرفي السوداني الرسمي .

هذا غير انهيار الصناعة ، و تأخر الزراعة ، و انتشار الفساد
فماذا يفعل حمدوك في ٣ سنين ؟!

على مستوى الصحة:
سيجد حمدوك ان ٦ ملايين طفل مصابين بسوء التغذية ، و ١٧ مليون سوداني يفتقرون لمصادر مياه الشرب الآمنة.
سيجد ان صحة البيئة و الصحة النفسية في السودان في الحضيض ، بينما سيجد ان اسعار الدواء و اسعار الخدمة الصحية عموما تفوق المقدرة الاقتصادية لأكثر من ٧٠ % من سكان السودان .
هذا غير تردي البيئة الصحية داخل المستشفيات و الذي كان مثار اضرابات متتالية للاطباء و الكوادر الصحية عبر سنوات حكم الانقاذ الكالح .

فماذا سيصنع حمدوك في سنينه الثلاث ؟

حمدوك تواجهه تركة ثقيلة ، و عظيمة، و هو لا يملك عصا موسى ، و لن يستطيع خلال فترة حكمه الوجيزه ان يحيل الحال من جحيم إلى نعيم و لن يستطيع رفع دخل الفرد و لا الناتج الإجمالي القومي لمدى تصبح فيه بلادنا في مصاف الدول المرفهه.

لذلك نصيحتي
لا تنتظروا من حمدوك المستحيل حتى لا تهزموه
و لا تنظروا اليه كنبي للتغيير حتى لا يتضعضع ايمانكم بالوطن و الثورة

انظروا اليه كبشر ، لا يملك الا عزيمة الثائر
و كمواطن غيور لا يملك الا الإيمان بشعبه و انتصاره

كل المطلوب من حمدوك أن يضع بلادنا على الطريق الصحيح ، أن يحقق السلام و يرفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب ، أن يعيد ترتيب الانفاق القومي من صرف بذخي على الأمن و الدفاع إلى صرف صحيح على التعليم و الصحة و الماء و الطرق و الكهرباء .

مطلوب منه أن يفكك قبضة التمكين ، و أن يستعيد قومية أجهزة الخدمة المدنية ، و أن يجعل الوظيفة لمن يستحقها بالكفاءة و العطاء لا بالولاء السياسي و لا الحسب و لا النسب و لا الواسطة .

لا نطلب من حمدوك سوى أن يجعل الحرية في الإعلام و التنقل و التعبير حقوق طبيعية لكل مواطن سوداني

لا نطلب من حمدوك سوى ثلاثية : السلام و العدالة و الحرية

فإذا اكتملت هذه الثلاثية خلال سنوات حمدوك الثلاثة ، فإننا على الطريق الصحيح نحو النهضة ، و ما هي إلا سنين معدودات في ظل الديمقراطية القادمة حتى تبدأ بلادنا الصعود المهيب في سلم النهضة و التطور

لا تضغطوا على حمدوك
ترفقوا به

الرفق يمن و الأناة سلامة ** فاستأن في رفق تلاق نجاحا

نحن قدامنا الصباح

يوسف السندي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..