مقالات وآراء

أحلف لي وأنا بحلف ليك..!!

من الغرائب و العجائب التي حدثت ولا تزال منذ بداية انهيار عهد الإنقاذ – في نسختها الأولى – وتغيير الوزراء و الحكومات مثل تغيير كروت الشحن، والإتيان بالوزير اليوم لتتم إقالته بعد شهر بعد أن يثبت أنه (زول ساي)، وكذلك تشكيل الحكومة بكل جحافلها من وزراء ووزراء دولة ونواب ومعتمدين وسفراء ووكلاء لتصل أعدادهم أحياناً إلى المائتين؛ وهذا بخلاف أحزاب التوالي والمتساقطين من حركات كفاح الهامش والشخصيات الهلامية التي أتت بها قريحة حزب شجرة الزقوم، والكثير المثير من كلاب السلطة الجائعة وبائعي المبادئ بأكياس البلاستيك ومقدمي أنسهم في سوق نخاسة الوالي السياسية وطمعا في الأموال والأزواج و الأرصدة البنكية هنا وفي الخارج.

على أن ما أثار خاطرتي هنا هو ذلك الكتاب المقدس والذي يقسم عليه هؤلاء اللصوص، وهو كتاب الله الذي أنزله من فوق سبع سموات طباقا وحفظه، قبل أن يتسخ من هذي الأيدي الآثمة التي دنسته بقذارتها وريحها المنتنةٌ ووجوها القميئة التى ترهقها القترة بكل وزراءها ووزيراتها الفجرةٌ.

فمن قام بالانقلاب المشؤوم و الذي أتانا به هؤلاء القوم قبل ثلاثين عاماً كان قد أقسم على صون تراب ودستور السودان قبل أن ينقلب عليه وبعدها أقسم له نوابه ومساعدوه على الولاء والطاعة في المنشط والمكره كما يزعمون قبل أن يقوم (بتركيبهم) التونسية التي يممت شطر اليم و ليلبثوا فيه إلى يوم يبعثون.

كما داوم بعض الوزراء المحظوظيين على القسم مرات و مرات بعد أن ظلوا في مناصبهم التي أجلسوا عليها سنوات عدة وهم يقسمون مع كل تعديل وتشكيل إلى درجة أن أحدهم أقسم عشر مرات نفس القسم وعلى نفس الكتاب والذي مسه هؤلاء مع أنه لا يمسه إلا المطهرون.

وبعد كل أداء للقسم يزداد السلب والنهب والفساد واللطش و السرقة، ليس للوزير فقط بل له ولأسرته وزوجاته وبناته وأولاده والذين أصبحوا لصوصا كذلك بامتياز ومضاربين في كل شيء من ذهب و دولار وحتى البشر وأخيرا جنسية بلادنا الحبيبة والتي أصبحت تعرض في السوق لمن يشاء بدراهم معددوة ولتنمو لحوم هذه الأسر الفاسدة من السحت ويصبح حقا على النار أن تلتهمها لأنها أولى بها وأصبحوا حقا لا يتزوجون ولا يلدون إلا فاجرا فاسدا و كفارا.

على أنه وبعد اندلاع ثورة ديسمبر الموؤودة معلنة نهاية النسخة الأولى من الإنقاذ، ومبشرة بالنسخة الثانية بوجوه جديدة من أهل الذكر و التمكين، برزت إلى السطح مجدداً موضوع الحليفة والقسم العظيم، فلجنة الوالي الأمنية و التي أقسمت أمامه لحمايته انقلبت عليه، لتقسم أمام نائبه والذي اقسم أمام الشعب، قبل أن ينقلب النائب و يقسم أمام القضاء والذي ذهب هو أيضاً ليأتي جديد يقسم أمام قديم وتتوالي الحليفة من لجان ووكلاء و سفراء ويعاني ذلك الكتاب ما يعاني مجددا من اليمين الغموس و شهادة الزور، ووضع من ليس لهم ذمة ولا ضمير، وأيادهم الدنسة عليه، و هم يهمهمون بما لا يفهمون ويحلفون من أجل الكراسي والمناصب و نيل الأوطار وإنه لقسم لو يعلمون عظيم.

هذا ولازالت ظاهرة حليفة الزور تتمدد في المحاكم والسجل المدني والهئيات والأراضي وحتى في أضابير من يجلسون بقوة السلاح ويجثمون على صدور البسطاء ومن غلبوا على أمرهم وهم يدعون بعضهم بعضاً (احلف لي وأنا بحلف ليك).

أما نحن فنقسم و أمام الكلٌ: قسمًا يا شفيع حقك ما بضيع، قسمًا جوزيف، حقك بالسيف كما أقسم الشعب كله في مسيراته الهادرة ومليونياته الكاسحة في شوارع كالجبال ولافتات كسفين ذي شراع أنه سيزيح المعتدي بجدار من رصاص و حبالٍ للقصاص من عدو الشعب في كل مكان و زمان و إلى الآن!

الجريدة

تعليق واحد

  1. الله يفتح عليك يا بروفيسور علي بلدو ويطول عمرك وعمر امثالك فعلا ثورة ديسمبر الموؤودة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..