أرضا الملابس – الروصيرص 2 ديسمبر 1908

كما الشيء بالشيء يذكر فقد تمت في الأيام الماضية إستعادة ذكري اللواء صديق الزيبق عندما كان يقود الكتيبة السودانية في الكويت في اداء مهمتها في المساعدة في صد الغزو العراقي على ايام الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم ضمن قوة عربية مشتركة وعندما اصطفت الكتيبة السودانية في المطار ليستقلوا طائرتهم عائدين تقدم احد امراء اسرة الصباح وسلم ةكل عسكري ظرفا ضخما محشوا بالمال والساعات الفاخرة , انتظر قائد القوة اللواء اركان حرب صديق الزيبق حتى انتهى سمو الأمير من توزيع المظاريف , عندها صاح بأعلى صوتهموجها النداء لضباطه وجنوده في الطابور, صفا إنتباه : ” ارضا ظرف ” اي وضع المظروفات على الأرض , ونفذ جميعهم الأمر ووضعوا المظروفات على الأرض بدون تذمر ” معتدل مارش ” وتحركوا وركبوا طائرتهم تاركين المظروفات والساعات على الأرض وكانت الرسالة التي اراد قائد القوة السودانية ان ينقلها للكويتيين , ان لاشكر أو مال على اجب . نحن لسنا مرتزقة).
هكذا كان ديدن الجيش السوداني وعقيدته القتالية في الكنغو ضمن قوات الأمم المتحدة وفي تل الزعتر ضمن قوات الردع العربية وفي قناة السويس مع الجيش المصري وتطوع العديد كافراد وجماعات في حرب فلسطين ولكن في العصر الحالي عصر الإنقاذ الرديء بلغ بنا التردي في الوقت الحالي الدفاع عن الحرم الشريف في تلال اليمن بثمن مدفوع مما يدرجه في خانة الإرتزاق فشتان ما بين عقيدتين .
وكما الشيء بالشيء يذكر فقد جاء في كتاب انجلترا في السودان England In The Sudan لمؤلفه يعقوب باشا آرتن Yacoub Basha Artin باللغة الفرنسية والذي قام بترجمته جورج روب George Robb الي الإنحليزية ,وهنا انقل بتصرف , يقول آرتن باشا ( وفي اثناء تناول الغداء مع السيد جورنج Gorringe تحدثنا عن قبيلة ( البرون ) وعلى الرغم من انهم متوجشون الإ انهم يتمتعون بصفات ممتازة وشجعان ولديه منهم بعض الخدم وهم قنوعون . ومؤخرا حلى لي قصصا مسلية عن هؤلا البرون .عندما قام الحاكم العام ( ونجت ) بجولة تفتيشية هنا في العام الماضي ومعه زوجته قام المدير العام في الروصيرص بدعوة القبائل العربية ومعهم شيوهم وايضا قام بدعوة البرون ومعهم ملوكهم ثم امر البرون بارتداء الملابس بأي شكل قبل ان يلتقوا بالحاكم العام وزوجته. وعندما تم اداء الرقص وبعد مغادرة السيد والسيدة ونجت الى المركب خلع البرون الملابس وطووها برفق ووضعوها امام اقدامهم في ساحة الإحتفال وعادوا الى قراهم عراة كما ولدتهم امهاتهم .( ألم يكن العرب في الجاهلية يطوفون عراة حول الكعبة !) واضاف محدثي من هذه تتضح امانتهم وعدم تطلعهم الى ما في ايدي الآخرين.
تتضح من هذه الرواية الفطرة السليمة لإنسان الغابة البسيط الذي لايعرف الحيازة وماذا يفعل بها في مجتمع لا يقيم وزنا للمقتنيات كما يقول الأمير عبد الرحمن النجومي ل ( ودهاوس ) عندما حاول استمالته في حال ان قبل النجومي وسوف يتم تعيينه حاكما على كردفان , اجاب النجومي في غضب (اذا ما قتلتك سوف احصل على الملك واذا ما قتلتني فلن تجد غير جبة متروزة وحربة مركوزة ).
هكذا كان ديدن الرجال قبل مجيء المشروع الحضاري الذي لم يراع فينا إلا ولا ذمة ولم نجن منه غير الحصرم وصرنا ( ملطشة) وموضع سخرية بين شعوب العالم الحر. كنا نرسل المعلمين الى اليمن لينشروا المعرفة والتنوير في الماضي والآن صرنا نرسل اليهم الجنود للإصطفاف مع جزء منهم لحرب الجزء الآخر تحت ذريعة حماية الكعبة الشريفة والأراضي المقدسة بالمقابل المادي يعني بالوضح ما بالدس من قاموس ثورة ديسمبر ( مرتزقة). ونستعير من الكاتب عثمان شبونة خاتمة مقالاته – اعوذ بالله.
دفع الله حماد حسين
[email protected]