مقالات سياسية

ياسر عرمان وصناعة الزعامات الوهمية 

د. زاهد زيد

نجيد احيانا صنع ( دِمِي ) من لحم ودم ونجلس نسبح بحمدها وندافع عن باطلها ، حتى تسقط وحدها ليتبين لنا خَطل ما وقعنا فيه وفي الغالب لا يأتي هذا الادراك إلا مؤخرا ، بعد أن تصدق هذه الدِمِي أنها فعلا من فصيلة الأبطال صانعة مجد الأمم .
وَهمٌ كبيرٌ يسيطرعلى هؤلاء ويصل لحد الهوس كما هي حالة عثمان ذي النون وأولاد الضى ولهم قصص تحكى صنعها اليوتيوب و (اللايفات ) ولهم ميقات معلوم للكلام عن هذه الظاهرة .
ولكن كلامنا سيكون حصرا عن ظاهرة اخذت ولاتزال مساحة إعلامية أكبر مما يجب ، وهي تتمثل في ياسر عرمان الذي وصفته إحدي النساء ( بياسر عرمان المن الفكر عدمان ) .
فياسر عرمان لم يكن أحد يعرفه قبل الحادث الشهير الذي اتهم فيه ليهرب بعدها منضما للحركة الشعبية بقيادة جون قرنق ليوصف هو وباقان أموم بأولاد قرنق ، لقربهم منه ولطاعتهم في تنفيذ كل طلباته طاعة الأبناء البررة بأبيهم الصالح .
فلما قَتلً قرنق في حادث الطائرة المشهور وفي أثناء الانتخابات الرئاسية التي أجريت خلالها ، رشح عرمان نفسه فيها ضد المخلوع عمر البشير وبدأ في تدشين حملته الانتخابية بزيارات لعدد من المدن ، وقد وجد استقبالا جيدا ، ليس بسبب معرفة الناس له ولكن لتمسكهم ولو ب ( قًشة ) للخلاص تماما كما يتعلق الغريق بها ، ولكنه كان فهلا تلك القشة .
سرعان ما نفض يده من الانتخابات خاضعا لضغوط مباشرة من خلف قرنق ( سلفاكير ) ومن كان خلفه لوقوفهم خلف البشير المتآمر معهم لفصل الجنوب .
هل كان ياسر عرمان يعلم بهذا المخطط أم أنه خضع للضغوط فقط ؟ سؤال مهم يعرف هو إجابته .
المهم أنه تخازل ولم يكمل مسيرته ، ثم انضم بعد الانفصال للحركة الشعبية قطاع الشمال التي ظلت إلى اليوم في حالة حرب ضد الحكومة حتى بعد ان سقط نظام الإنقاذ . نفس موقف والده وزعيمه قرنق من ثورة أبريل .
لا يمكن أن يمر هذا الحديث دون أن نذكر حضوره أيام الاعتصام واعتقاله مع زملائه من قبل المجلس العسكري ، ثم ترحيله إلى جوبا مكبلا معصوب العينين .
منذ البداية شارك عرمان في التفاوض لجانب حركته مع قحت وهم جزء منها وحتى آخر مفاوضاتها كان حضورا في القاهرة .
وهناك محطات نقف عندها في هذه السيرة ( النضالية ) لصناعة الزعامات الموهومة .
منها جولاته وزياراته لدولة الامارات العربية ، بالرغم من رفض الشارع لتدخل هذه الدويلة المشبوه في الثورة السودانية .
ومنها دفاعه عن أحد الكيزان المعتقلين ، لا لسبب إلا لمعرفته من خلال صداقة فيسبكية . هشاشة في المواقف وضحالة في معنى الدفاع عن الحق .
ومنها كلامه الذي لا يسمن ولا يغني من جوع حول الثورة وحقوق الهامش وتبنيه لها ، دون أن نعرف له موقف واحد وحقيقي مع المهمشين والمنسيين فى مسقط رأسه هو ؟
سأذكر فقط بما كتبته في هذه الصحيفة الغراء عندما خُدِعنا بترشحهه في تلك الانتخابات وانسحابه المفاجئ منها . وقلتُ بالحرف الواحد أنها صفقة ضد وحدة السودان ليفوز البشير لفصل الجنوب . وطالبته بالاستمرار لفضحهها ما دام قد تورط في خوضها .
ياسر عرمان لم يكن قياديا مَهما اجتهد المجتهدون في تلميعه ، ولن يرتق لمصاف المجاهدين والمناضلين الذين صبروا وصابروا ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا مواقفهم ولا لانوا ولا ضعفوا .
ليس في سيرة الرجل ما يجعله قياديا ولا حتى وصفه بالمناضل ، ولم أقرأ له ما ينبئ بموهبة استسنائية نرجو عموم خيرها في يوم من الأيام .
نُخطئ كثيرا في إعطاء أدوار كبرى لمن لا تؤهلهم مواقفهم ولا أعمالهم ليرتقوا إليها  .
كما نحارب الكيزان وحلفائهم كذلك نحارب الوهم وصناع الوهم .
كلام خارج النص :
حرب الكيزان بالاشاعات بدأت تأخذ طابعا جديدا للتشكيك في ذمة أعضاء المجلس السيادي وبث روح الفتنة بين مكونات قحت ، طالما لا توجد إلى الآن نية لحظرهم فعلى الأقل حاربوا الاشاعات بنشر الحقائق أولا بأول ولا تركنوا لموت الاشاعة بنفسها فمعظم النار من مستصغر الشرر .
كسرة ثابتة : اعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وحظرها ، واجب ديني وأخلاقي وضرورة سياسية لتطهير المجتمع وحمايته من فسادها .

د. زاهد زيد
[email protected]

 

‫15 تعليقات

  1. مقال رائع .
    نحن نصنع الوهمين بأنفسنا لأننا أناس سطحيين جدآ ، لا تمييز بين ما هو منطقي وموضوعي وما هو لا منطقي وذاتي والآخر هو ما يفسر إعجابنا لياسر عرمان وتلميعه ، لأننا أيضآ وهميين والوهم يصنع الوهم .
    سؤال أخير :
    هل المشكلة في الإسلاميين أم في الإسلام نفسه ؟
    هذا ما ذال يؤرقني جدآ.
    #كامل تقديري

    1. ليس في الإسلام مشكلة لو أن مقحمي فكرة الدولة في الدين أزالوا عن (ماء) الدين (زيت) الدولة .

  2. أولا لك خالص الشكر على مشاركتك بالتعليق وحالة ياسر عرمان كما قلت تصف حالة الزعامات المصنوعة وهما وهي كثيرة وانتشرت في هذه الأيام مع تنوع الوسائط الإعلامية . لى مقال نشر ولم اعثر عليه وهو عن الإسلام والمتاسلمين يجيب عن سؤالك وقريبا ساعيد مضمونه في مقال جديد ان شاء الله يجيب عن نساؤلك .

  3. مقالك يدل على عدم موضوعيتك , وعدم ألمامك بشكل كاف عن ياسر عرمان ، انصحك بقراءة المزيد عن سيرة ياسر عرمان وأسأل عن أخلافة من أعدائه قبل إصدقائة

  4. الدكتور زاهد رغم اختلافي مع ياسر عرمان الا انه قد جانبك التوفيق في هذا التقييم لان ياسر مناضل ونضاله لا يخفي علي احد ولكن ايضا نضاله لن يعفينا من مسائلته حول انفصال الجنوب وموامرة الانتخابات الرئاسية……….. وايضا لايمكن وصفه بالفاشل لانه ليس فاشلا وانما لا نتفق معه في بعض المواقف وعلي الاقل ياسر في صف الثورة يومن بما امن به الثوار لذلك فالاجدي تعرية الكيزان بدل الذين يشاركوننا الهم ………….مع التحاياء

  5. دكتور زاهد ، مع احترامى لك ، الا انه جانبك الصواب في ما قلته في الآتى :-
    1 قلت ( فياسر عرمان لم يكن أحد يعرفه قبل الحادث الشهير الذي اتهم فيه ليهرب بعدها منضما للحركة الشعبية )
    ياسر عرمان وقتها كان طالبا بجامعة القاهرة الفرع ، وهو كان كادرا خطابيا مشهورا بالجامعة وقتها ، وكان يناصب سلطة النميرى والاخوان المسلمين المتحافين معه العداء وكان دائما ما يعتقل ، وهو مناضل مشهور في تلك الأيام .
    لم يهرب بانضمامه للحركة الشعبية فقد اقتنع بأفكارها وبما تعمله ولذلك انضم اليها ، وقد انضم اليها في عام 1986 والحادث الذى كان بالجامعة ، وهو الصراع الذى حدث ومات على اثره شخصين الاقرع وبلل كان قبل انضمامه لجون قرنق او الحركة الشعبية .
    2 – قلت ( واعتقاله مع زملائه من قبل المجلس العسكري ، ثم ترحيله إلى جوبا مكبلا معصوب العينين .)
    لا يمكن ان تتحدث عن اعتقاله وترحيله بهذه الطريقة ، كان عليك ان تدين هذا الاعتقال وترحيله بهذه الطريقة المهينة والمذلة ، فهو لم يرتكب جرما ، بل الجرم قد ارتكبه المجلس العسكرى والمخابرات التي رحلته ، وقولك انه في حالة حرب مع الحكومة حتى الآن غير صحيح ، لا يمكن ان يكون شخص في حالة حرب مع الحكومة ويأتي اليها في قعر دارها ، بل قد اجتمع مع المجلس العسكرى ، هذا منطق متهافت منك .
    3 – قلت ( ليس في سيرة الرجل ما يجعله قياديا ولا حتى وصفه بالمناضل ، ولم أقرأ له ما ينبئ بموهبة استسنائية نرجو عموم خيرها في يوم من الأيام )
    اى سيرة تريد حتى يكون الرجل او المرأة عند قياديا ؟ هل المتصدرين المشهد الآن في مجلس السيادة او المفاوضات في سيرتهم ما اقنعك بأنهم قياديين ولهم مواهب استثنائية ( استثنائية وليست استسنائية ) فالرجل مناضل قديم وقيادى في تنظيمه وله اكثر من ثلاثين عاما مؤمنا بمبادىء اقتنعها وحارب من اجلها ودافع عنها في الجامعات وفى الغابات وفى الاعلام وفى المفاوضات وامام العالم في وسائل الاعلام المختلفة وامام المنظمات الدولية والدول الأجنبية .
    4 – انا شخصيا اختلف مع ياسر عرمان في أشياء واتفق معه في أشياء وارى انه قد جانبه الصواب في تقديرات ليست بالقليلة ولكنى بالطبع لا انكر نضاله الطويل ولا ينكره الا مكابر ، اختلافى في تقديراته يقع في خانة اختلاف الرأي فقط وفى التقديرات ولا يقع في مثل هذا الهجوم الخالى من الموضوعية في النظرة اليه .

  6. الذين يدافعون عن ياسر عرمان ويقولون عنه أنه مناضل .. عليهم هم عبء ان يثبتوا نضاله بمواقف واضحة ليس من بينها انتماؤه للحركات المسلحة فكثرون مثله انضموا إليها وليس منها اعتقاله وترحيله فكم من الشباب اعتقلوا وعذبوا وقتلوا أيضا . هذه لا تصنع منه زعيما . الزعامة فكر وموقف وقيادة واعية في الأزمات . ابحثوا عن تاريخ الرجل وقولوا أين هي فيه هذه الصفات . ثم لماذا يتبنى دائما مواقف غيره ولا يكون له موقفه الخاص ؟وأين هو من مشاكل منطقته التي خرج منها وهي تعاني الفقر والمرض والجهل فهو جنوبي مع مطالب الجنوبيين ونوبي مع مطالب النوبيين ولا تعرف له موقف من مشاكل الهامش التي هو منها . يجب إلا نصنع الوهم فضلا عن الترويج له

  7. بصراحه الكاتب لا يعلم من هو ياسر عرمان بل اندفاعه خلف تشويه صورة ياسر عرمان يعطيني انطباعين لا ثالث لهما
    الاول : له مشكله شخصيه او غبينه ضد ياسر عرمان
    الثاني: ان الكاتب حركه اسلاميه (كوز)

  8. هذا الكاتب (كوز) وله مشكلة شخصية مع ياسر عرمان ومما يأكد ذلك تكراره (وأين هو من مشاكل منطقته التي خرج منها)
    نختلف مع ياسر نتفق معه لا ننكر مجاهداته.

  9. أقول للأخوين محمد وسيد طاهر أنني لا أعرف ياسر عرمان شخصيا وليس لي معه أي موقف شخصي يكون سببا في النيل من ياسر عرمان . ولم أتعرض له في شخصه وإنما تكلمت عن مواقفه فقط . أما أن أكون كوزا فالواضح أنكما لم تتابعا مقالاتي التي أكبها ضد الكيزان منذ زمان طويل ولكم أن ترجعوا لها في أرشيف الراكوبة ، فهو وحده يكفي لتعلم من أنا . ومما يٍؤكد ذلك الحرب المستعرة بيني وبينهم منذ سنوات والتي لا أتكلم عنها ولا أريد صنع بطولات كما يفعل الآخرون لأني صاحب قضية وقضيتي هي الوطن وليس شخصي . ومما أحارب لأجله هو الحرية المسؤلة والرأي الآخر هو مكان التقدير والاحترام أما اطلاق الكلام وكيل التهم بلا دليل فلا مكان له عندي .

    1. أين الفكر ؟ لو افترضنا جدلاً أن ياسر عرمان خرج من أجل تحقيق هدف نبيل وهو الوطن فأي نجاح فكري تحقق في هذا المجال بل تلقي الوطن منه طعنه نجلاء أدت إلى ذهاب جزء عزيز من الوطن؟ فأين الفكر السياسي والنضال الذي يؤدي إلى تفتيت الوطن؟ رجاء احترموا عقولنا
      اما عن سقوط النظام السابق الفضل يرجع للشعب السوداني فقط ؟؟؟؟؟
      ولا ياسر عرمان ولا الحركات المسلحة ولا غيرهم ولا الانتهازيين الذين كانوا في نعيم المهجر لهم دور في سقوط النظام السابق ولا حتي نضال ولا كفاح المستهبلين

  10. تعليقي هذا ليس دفاعا عن البروف زاهد فهو فوق الدفاع وغني عن التعريف فقراء الراكوبة يعرفونه منافحا ومكافحا شرسا ضد الدكتاتورية وحكم الكيزان منذ زمان طويل ، وقد تعرض كثيرا لمضايقات ومكايدات الكيزان وأذاهم ولا يرضى أن يذكر ذلك عنه ، ومن المضحك جدا والمثير للسخرية أن يأتي من يتهم هذه القامة جزافا ودون معرفة بأنه من الكيزان الذين قضى البروف حياته في محاربتهم وكشفهم ، ومقالاته تشهد بذلك وآخرها دعوته لمسيرة مليونية لحظرهم واعتبارهم جماعة ارهابية . فكيف يدعو لحظر جماعة ينتمي إاليها على حسب بعض المعلقين ممن لا يعرف أقدار الناس ، وكيف لأدارة الراكوبة أن تسمح للإساءة لأحد رموزها وأبرز كتابها حتي في أحلك الأوقات ظل قلم البروف شعلة تنير طري الناس وتدعوهم للخلاص . حقيقة أشعر بالأسف لهذه المواقف الغير مسؤولة . وللأيتاذ القامة الدكتور زاهد العتبى حتى يرضى .

  11. إي واحد يقول كلمة يخالف بها رأي العوام ممن يأخذون الأمور بالظاهر ويمشون كالاعمي خلف الزعامات الوهمية يطلع له واحد جاهل ليصفه بانه كوز .. اختشوا يا هؤلاء فانتم في حضرة دكتور زاهد مجرد تلاميذ في مدرسة الديموقراطية. لا تلتفت لهؤلاء يا دكتور وواصل كشف الباطل أينما وجد

  12. رجعت لهذا الرابط من الخبر المنشور اليوم عن ياسر عرمان بعد شهور طويلة من نشر د. زاهد لمقاله هذا.
    الان ارجو ممن اساء للدكتور زاهد ان يوضح لنا رأيه في موقف ياسر عرمان من العسكر. هل فهمتم ان زاهد على حق

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..