مقالات سياسية

هنيئا بالإتفاق. . ولكن!!

خلف الله عبود الشريف

لا شك عندي أن الثورة الي أنطلقت رغم القهر والرصاص، سوف تنتصر آخر الأمر، ولكن لن بتم ذلك إلا بعد عدة معارك بين الشعب الثائر وبين بقايا النظام الفاسد الذي وحده يمتلك قوة السلاح ولتي أستعملها بشراية صد الثوار ليقمع قورتهم بعد ان نافقهم اول الأمر كسبا للوقت.. وهو القابض على مفاصل القرارات، حتى خلال الفترة  التي تلت أنتصار الثورة، والتي استمرت أكثر من سبعة أشهر، لعبت فيها أجهزة النظام المفترض نهايته، في مصائر الشعب السوداني لعبا، فأستمرت في سرقة ونهب ثروات البلاد من الذهب والنفط والثروة الحيوانية وغير ذلك.. مما زاد معاناة الناس بصورة غير مسبوقة فمازالت صفوف المواطنين تقف أمام المخابر في انتظار الحصول على بضعة أرغفة، وتزايدت أسعار الضروريات بمتوالية هندسة مستمرة، مما يدل دلالة واضحة على تحكم سماسرة نظام الإخوان المسلمين في السوق.
اليوم يحتفل المتفاوضون ومعهم افواج الشعب الثائر بالتوقيع على الوثيقة الدستورية.. ولا أريد أن أفسد عليهم بهجة يومهم كما قال المحجوب قديما للسادة المهدي ، ولكني أشعر بنقص الشعور بالأنصار، مما يجعل الأحتفال تشوبه منقصة ما.
ذكر الأستاذ محمود محمد طه عن الثورة، ما لو إصطحبناه معنا ونحن ثائرون، لبنينا القواعد المتينة
، فهو يرى ان الثورة عملية مستمرة وهي تطلب التقاء الفكر بالواقع.. وتصحح مسارها كل حين.. ولذلك فهو قد إعتبر أن بورة أكتوبر 1964 لم تكتمل بعد، وإنما تم فيها البعد العاكفي ووحدة السودانيين ضد إزالة الحكم العسكري بالسلمية، ولكنه نادى بأن الشعب يحتاج لاستكمالها بلاستكمالها بتحقيق البعد الفكري ببناء الصلاح مكان الفساد..
انا لا أستنكر على الثوار أن يحتفلوا مع الأحتفال الرسمي بتوقيع الوثيقة.. ولكن، بما أنني اتوقع، في الفترة القادمة، صراعا شديدا بين بقايا نظام جماعة الأخوان المسلمين التي تمارس الآن سلطتها في عرقلة قيام المؤسسات الشفافة والديمقراطية، وتمارس تخريب الإقتصاد الواضحة آثاره الآن، وبين قوى الثورة، ممثلة في مؤسساتها في القضاء ومجلس الوزراء..
فأنني لا أشعر بمتعة الإحتفال، مع هذا التوجس المشروع..
لقد سارت الامور بيورة جبدة من حيث تعيين مجلس السبادة و تسمية رئيس الوزراء والمضي في تعيين الوزراء.. ومع ذلك فإني سوف احتفل حينما يتم تعيين رئيس القصاء والنائب العام من المشهودين لهم بالكفاءة والأمانة و لم يضع نفسه يوما في خدمة النظام الفاسد.. حينما يستطيع مجلس الوزراء تنفيذ قراراته في مستوى القانون.. حينما يتم تنفيذ قرارات مجلس الوزراء على ارض الواقع.. حينما يكون لكل وزارة وكبلا وهيكلا وظيفيا يلتزم بتنفيذ مايتم من قرارات الوزارة المعنية تنفيذا حرفيا لا (لولوة ) فيه.. حينما تقوم الشرطة بعملها في القبض على المخربين ولصوص المال العام وسماسرة السوق.. حينما يستطيع مجلس الوزراء أن يشكل الشرطة تشكيلا جديدا يليق بالثورة.. حينما يكون لنا في الشارع جنودا من الشرطة يجيدون التعامل مع المدنيين. .جنودا من الشرطة في مستوى من الأخلاق والمسؤولية بخير يستطيعون تنفيذ القانون على كل من يخرج عنه غير هيابين ولا مجبرين على محاباة الخارجين على القانون كما كان يتم خلال العهد البائد الفاسد.. حينما لا يرفض المجلس العسكري (داخل المجلس السيادي) أن يسود القانون ويعاد تشكيل وهيكلة فصائل الشرطة الحالية والتي تم تشكيلها على أسس حزبية لخدمة نظام الإخوان المسلمين الذي حكم طوال الفترة الماضية فشوهت صورة العدل تشويها أبعده عن تحقيق أبسط حالات سيادة القانون.
سوف أحتفل حينما يتم للشرفاء الذين تقلدوا مناصب رئاسة القضاء والنيابة العامة أن تكونو كلمتهم هي العليا وألا يزايد عليهم بقايا النظام الأم المنهار أو يتدخلوا في أستقلال قراراتهم..
سوف احتفل حينما تعود سلطة مجلس الوزراء كما كان العهد بها في فجر الأستقلال..
أما الجيش وامن النظام السابق بفصائلها المختلفة والمتنافرة، فذلك حديث يطول شرحه.. وأكتفي الآن بضرورة العمل على تحييده وتأهيله ليكون جيشا قوميا كما العهد به قبل إنقلاب جماعة الإخوان المسلمين في 1989.. فالعمل في أصلاح هذه الأجهزة لتكون في مستوى الثورة الشعبية الديمقراطية سيكون عملا طويلا شاق ولكنه ليس بمستقبل ما دامت الثورة مستمرة وبقياداتها من الشرفاء.. ومجرد بداية هذا الإصلاح فهذا أمر حسن.. واتوقع، ولابد مما ليس منه بد، أن يتم تعيين الجنود في الجيش والشرطة على أسس غير ما كان يتم في الماضي من الولاء لجماعة الأخوان المسلمين الحاكم ، ولكن على أساس المواطنة الصالحة والمستوى الجيد من الكفاءة والمسؤولية.
وأخيرا فأن هذه الثورة قد أكتسبت مالم تكتسبه ثورتي أكتوبر وابريل من مهارات النضال السلمي.. والنضال من أجل المحافظة على مكتسبات الثورة.. وسيكون تمامها أمرا مقضيا، بأذن الله..

خلف الله عبود الشريف
[email protected]
17/8/2019

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..