المدينة المفقودة فى الثورة لماذا؟

الم تفتقدوا مدينة كادقلى فى هذه الثورة وهى الثائرة بأسمها كما يحلو لأهلها تسميتها كاد يغلى…..بل غلت؟؟وغلت واستعصمت…
تكاد تكون الوحيدة لم تخرج خلال عمر الثورة…
وهى المدينة الجريحة جرحا عميق قديم غاءرا وتتبعها بعض مدن دار فور.
لأنهم اول من فضت براءتهم وهم معتصميين بطيبتهم وكرامتهم والاعتزاز بمكانتهم وكسرت شهامتهم واخصيت شكيمتهم منذ ٣٥ سنة تحت مصطلح الطابور الخامس بسم هذا المصطلح المشؤوم وركوب القطر الموهوم دونت كادقلى فى سجل الخيانة القطرية ….واستأنست الكلمة بالمندسيين..
نتيجة هذا الإتهام الباطل وقع على شبابها ظلم غاشم وانتهاكات انسانية صارخة طيلة ٣٥ سنة كادقلى تلهث فى مضمار الحرب ومرثون التصفيات بل تقصوا أثر من آثر الهجرة الخروج منها …
لذلك يحتاجون لوقت لإلتقاط الانفاس وتهيأتهم لهذا التغيير واستيعابهم أن لهم حرية كاملة وسيادة مطلقة على قرارهم وخياراتهم وهم شعلة الصمود.
للوصول بهم الى تلك المحطة الآمنة يحتاجون ترميم للبنيان النفسي المشروخ من رجال ونساء كانوا وقتها اطفال يرتعشون رعبا فى ليالى حالكة السواد لا كهرباء لا حركة ولا نباح كلاب إلا أصوات الباعوض التى اشد رعبا لانك ستصاب بالملاريا المحورة….
و قعقعة السلاح وأزيز الأنتنوف وفحالات الإجحاض كثيرة من الرعب وحتى الحيوانات عند سماعها الطلق النارية تلوذ بالفرار.
سوق كادقلى تحول الى معكسر للجيش منظر حاملى السلاح لا تعرف لمن ينتمون نفس السحنة تقاتل بعض ….
اخوتى اهل كادقلى محتاجيين من يعيد إليهم الثقة بأنفسهم….والمرح لقسماتهم والفرح للياليهم ويعود جموع الشتات إليها بمهرجان يليق بجبر الخواطر وإحياء ذكرى شهداء أول الثورة منذ ٣٥سنة وكان وقتها يسير العقيد عمر يقدل ببزة العسكرية آمنا واحيانا بجلابيته يشرب الجبنة فى نيمة السوق الكبيرة مطمئنا ..
فتعود الطيور المهاجرة فهناك بيوتا كانت تضج بالناس مرحا بالجيران انسا أضحت مهجورة ويقال كان بيت ناس فلان هنا وجار حمدان هناك ..نريد تعود مدرسة تلو …تعود المقاهي كازيبلنكا وميلانو ونسيج كادقلى وهيءة توفير المياة والثقافة والمسرح والتغذية وانديتها التى لا تنام …وتعود ستات الأكل فى الاحياء.فى ساعات متأخر تجد فانوس فلانه تلعب به الريح فتطمأن ويهدأ عواء المعدة لأنك تجد ما لذ وطاب وخاصة لسمار الليل..
لقد عاصرت تلك الكتمات وهم اول من صدرت منهم هذا المصطلح الكتمة تعبيرا صادقا بما رشحت به الدواخل والبوح بمعاناة السنيين المحتقنة وخرج هذا المصطلح كطلقة الدانة .فهم جاؤا للمدن كاتميين الآهات صابرين على الجراحات وكانت لهم مقولة موجعة …الدانة ولا الإهانة…لأن مجتمعهم على اختلاف سحناتهم عزاز أنفس فكان الناس تطلق عليهم النازحيين…كلمة معيبة فالدنيا دوارة…
الشباب كانوا يحبسون أنفاسهم خوفا من سماع كلمه((فسحوه)) ما ادراك ما فسحوه هى القتل غيلة يأخذ الشاب من اى مكان من مكان عمله نهار ا جهارا فى جلسة انس مع الصحاب مساءا مع أسرته مع اطفاله ليلا مع زوجته الى أقرب مكان غابة اوخور قريب لا تستغرق العملية ساعة بساطور او بفأس ويدفن او فى مجارى المياه ليلا … ما جرى فى فض الاعتصام هو استنساخ ما كان يجرى لتلك المدينة المسالمة طيلة ٣٥ عاما … وارحم قتلة كان أن يأخذ الفرد للدروة ويقتل رميا بالرصاص صوت الجبخانة تردده الجبال المحيطة وتسمع كل كادقلى هذا الصوت ويتيقنون قد ذبح كبش مليح وينتشر الخبر ليثيروا الرعب بين مكونات المجتمع ومجتمع كادقلى به كل أهل السودان من شماله وشرقه اما غربه وجنوبه هو امتداد للمنطقتين … كانوا كالخراف محجوزة فى زريبة المسلخ كلا يعلم يأتى دوره فى يوم ماء…
لقد ذهب شباب لا يعوض …من شدة وطأة تلك التصفيات على شعب والمجتمع البسيط و اصيل ومسالم لم تسمع احدا من تبقى من الشباب يحدثك او يهمس بتلك الذكريات حتى الذين نجوا وهاجرووا للمنافى ليس خوفا من القتل ولكن ستعيد الذاكرة المسكونة تلك الذكريات المؤلمة هناك بعض الناشطيين اثاروا تلك الإنتهاكات فتح لها ملف فأحداث دار فور غطت بظلماها غباشات مأساة كادقلى كادقلى رمز لمشكلة السودان ليس جبال النوبة فحسب …
فرد فعل تلك الأحداث صدمة نفسية رهيبة لا تقل عن صدمة الهنود الحمر فى امريكا من مجرمى اليانكى ومنفى سجون بريطانيا..
نعم كما انزوى الهنود الحمر من الحياة المدنية فأهلنا فى تلك الجبال آثروا الصمت وإن فى الصمت كلام … إن لم يسعفوهم بعمل منظم من منظمات دولية تعيد الحالة النفسية والمزاج المرح لتلك المدينة الودودة ستكون آثار الحرب والتصفيات آسفين على نعش فتاة ابنوسية جميلة سنودعها بلا عودة….
نسأل الله أن يجبر الخواطر ويعود من فى المهاجر يجنب اهل كادقلى المخاطر…
عثمان موسي الحباك
[email protected]