مقالات سياسية

المرأة السودانية والثورة

يوسف السندي

شاركت المرأة السودانية في الثورة السودانية بطريقة عظيمة جعلت كل المتابعين يندهشون سواء من داخل او من خارج السودان .
و لذلك ظهرت أسئلة كثيرة حول المرأة السودانية ( الكنداكة ) و موقعها ، و معظم الأسئلة ذات منطلق ديني و مجتمعي ، خاصة في أوساط إقليمنا العربي و الإسلامي.
و من الضروري في هذه اللحظة من عمر الثورة أن نطلعهم على المكانة التاريخية التي انتزعتها الكنداكة السودانية .
مع أن المجتمع السوداني يعتبر مجتمعا محافظا دينيا، إلا أن هناك مؤشرات كثيرة تنقله إلى مستوى أكثر انفتاحا ، فالمرأة مثلا و التي تقيد دوما في المجتمعات المحافظة بالمنزل ، خرجت في المجتمع السوداني إلى العمل و التعليم في مراحل تاريخية باكرة مقارنة مع جيرانها العرب و المسلمين .
المرأة السودانية نالت شرف أن تكون اول سياسية تدخل برلمان الدولة في المنطقة ، كما أن المرة السودانية في السياسة وصلت إلى مرحلة ان تكون رئيس حزب سياسي – حركة حق ، كما تقلدت المرأة منصب امين عام لأكبر حزب سياسي حاز على المركز الأول في آخر انتخابات ديمقراطية في السودان – حزب الأمة القومي ، و زاحمت المرأة الرجل في السودان في كل مجالات العمل العام حتى في القضاء حيث وصلت إلى مرحلة قاضية محكمة عليا و ربما تجعل منها الثورة رئيسا للقضاء ، كما دخلت المرأة السودانية الجيش و تقلدت مناصب رفيعة في الشرطة .
و تعتبر المرأة السودانية في الريف الاكثر مهاما و عملا ، حيث تساعد في الزراعة و نظافة الحقول و الاهتمام بالزرع منذ مراحل التحضير إلى مراحل الحصاد ، و النساء في مناطق ريفية متفرقة من السودان بجانب دورهن الأسري المعتاد من صنع الطعام و رعاية الاطفال ، هن أكثر عملا من الرجال ، حيث تعمل المرأة هناك في الزراعة ، و ترعى الماشية و الاغنام و تقوم بتجهيزات السفر و النشوق ، و في مجال الصحافة فالمرأة السودانية عنصر قوي في الصحافة السودانية منذ أمد ليس قريب ، و كذلك دورهن عظيم كناشطات حقوقيات و محاميات بجانب امتهانهن مبكرا مهنة الطب و التعليم ، فاصبحن اليوم الأكثر عددا بين المعلمين و الأطباء.
مقارنة بالمجتمعات المحافظة من حولنا فالمرأة السودانية انتزعت حقها في المساواة في العمل و الإنتاج باكرا ، و هذا يظهر سماحة الدين لدى المجتمع ، رغم أن هذا لا ينفي وجود تسلط للرجل السوداني على المرأة في كثير من الأحوال و المناطق، إلا انه تسلط ينزوي الآن أمام الأسئلة المتعددة عن الدين و النقد المستمر لافعال المجتمع و موقعها من الدين صحة و خطأ .
عملية إخراج المرأة من إطار الصورة النمطية لها في التاريخ السوداني الملتزم ، ساعدت على إنتاج أجيال اليوم من الكنداكات اللائي قدن مع شقيقهن الرجل ثورة ديسمبر المجيدة ، فتلقين الرصاص و البمبان و اعتقلن و عذبن و لم يثنيهن كل ذلك عن مواصلة النضال حتى انتصرت الثورة، ليشكل انتصار هذه الثورة انتصارا خاصا للكنداكات سيفتح الباب بكل تأكيد لادوار خطيرة و مهمة ما كانت تخطر على بال أكثر المتفائلين .

يوسف السندي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..