الديمقراطية المنشودة

يبدو أننا من طول عهدنا بالدكتاتورية ونشأةِ جيلٍ كامل لا يعرف غير الحكم الشمولي تكونت لدى البعض مفاهيم خاصة عن الديمقرطية .
الكيزان اللئام عندما ندعو لحظرهم واعتبارهم جماعة إرهابية يردون علينا بوسائلهم المعروفة ويتساءلون وبراءة الأطفال في عيونهم : هل هذه هي ديمقراطيتكم التي تدعون إليها ؟
ولا ينسون أن ينعتونا بالكفر ويصنفوننا كشيوعيين أو علمانيين .
بعض المتحمسين من الشباب لا يرى في أي نقد لقحت أو لرئيس الوزراء أو للأعضاء المدنيين في المجلس السيادي مهما صغر إلا أنه نقد للثورة وأن المنتقد لابد أنه كوز أو منتفع . طبعا لا مانع من نقد العسكر وقل فيهم ما تشاء فأنت ثوري يحق لك ذلك .
هكذا يتقلب الحادب الناصح بين هؤلاء وهؤلاء ، فمرة هو علماني وشيوعي وربما كافر ، ومرة أخرى هو كوز وإخواني وفاسد .
مفاهيم ضيقة ومقاييس أضيق من فهم هؤلاء وهؤلاء للديمقراطية والحرية .
فحظر الكيزان واجب لحماية الثورة من أعدائها الذين لازالوا يتربصون بها ، وهناك عشرات الأدلة الدامغة لهم بنشاطهم لوأد الثورة ، وإذا كان الإعتراف سيد الأدلة فقد إعترف علي الحاج صراحة بكل ذلك ، ولو كنا فعلا في ثورة شاملة لكان مصيره المحاكمة لا محالة ، حتى في أعرق وأرسخ الديمقراطيات في العالم لا يسمح لمن يعمل ضدها بتقويضها وضربها من الداخل .
ولا أفهم إلى الآن كيف يسمح ببقاء نظام مندحر ومرفوض للعمل جنبا إلى جنب مع النظام الذي حل محله وقضى عليه وهما ضدان لا يجتمعان ولا يمكن أن يعيشا كلاهما تحت سقف الوطن .
أما تصنيفهم كجماعة إرهابية فممارساتهم طوال حكمهم وأثناء الثورة كانت إرهابية بكل معاني الإرهاب ، وما ارتكبوه من جرائم يرقى فعلا لا قولا لمستوى الارهاب الجماعي المنظم ، ورئيسهم متهم دوليا بإرتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور ، ومطلوب للجنائية الدولية ومعه عدد من اركان نطامه كأحمد هرون وعلى كوشيب وغيرهما ، وبعد كل هذا يحاكم اليوم بتهم عادية يمكن أن تطال أي بائع عملة متجول في السوق العربي .
فمن يريد أن يدافع عنهم فله أن يقارعنا الحجة بالحجة ويثبت لنا غير ذلك ، ولا أظنهم سيفعلون شيئا غير المهاترات والسباب وهي دفاع العاجز .
ثلاثون عاما من مصادرة الحريات وضعت الكثيرين اسرى الفكر ذي الاتجاه الواحد وأصابتهم بحساسية مفرطة تجاه أي نقد يصوب لأي مكون من مكونات الثورة فلا يفرقون بين النقد البناء والهادم وبدلا من الرد الموضوعي لا يتريثون في اطلاق احكامهم الحادة ، فتتحول من مناضل ثوري إلى كوز وفاسد .
بيننا وبين تعلم أصول الديمقراطية وممارستها ومعرفة معنى الحرية وأين تبدأ وأين تنتهي مسافة طويلة ، فليس سهلا أن يتحول الناس في غمضة عين من نظام يرى بعين واحدة إلى نظام يرى بعقله قبل عينه .
وربما يرى البعض الديمقراطية نوعا من التحرر الكامل وأنها بلا قيود ولا قانون يحميها حتى من المنتسبين إليها وهذا عين الخطأ ، فللديمقراطية قوانين صارمة تصون حقوق الناس عامة كما تصون حقوق الفرد وتحميه ، ولعلنا في العهد الجديد نتطلع لثقافة نوعية تعرف الناس بواجباتهم وحقوقهم وقبل ذلك نحتاج فعلا لتغيير القوانين لتواكب التغيير الديمقراطي المنشود .
كسرة داخل النص :
السيد راهام ايمانويل كان محافطا لمدينة سيكاغو ، كان لا يستخدم إلا المواصلات العامة ، وعندما سألوه لماذا : قال : كيف أعرف مشاكلكم وأنا في سيارتي المظللة . وعندما تكلم البعض عن سيارات السادة أعضاء المجلس السيادي ، انبرى لهم جماعة ما بين مستنكر وغاضب لمجرد الكلام عنهم وعما خصص لهم ، وبغض النظر عما حدث بعد ذلك فهذا مجرد نموذج صغير لما ذكرته .
الأيام القادمة ستكون أياما صعبة على الكل وخاصة من تولى مسؤولية من مجلس سيادي و وزراء لضخامة الملفات التي تنتظرهم ، ومن يعمل لن يرضي كل الناس وسيكثر النقد والنقد المضاد ، فما احوجنا أن نضع نصب أعيننا منظارا وطنيا خالصا نرى به الأشياء بضمير وطني مخلص .
كسرة ثابتة : اعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وحظرها ، واجب ديني وأخلاقي وضرورة سياسية لتطهير المجتمع وحمايته من فسادها .
د.زاهد زيد
تسلم يا صديقي فقد قلت فاوفيت . فعلا نحتاج الى فهم صحيح لمعنى الديمقراطية بعد حكم شمولي طويل ..اطول من ليل العاشقين واشد سوادا منه . لك تحياتي من هلى البعد