مقالات سياسية

مصيبة صحافة وصحافيي العهد البائد

النظام الديمقراطي كالطائر الذي لا يمكن له إلا أن يحلّق بجناحي الحكومة المكلفة بقيادة دفة الدولة في مرحلةٍ ما.. والمعارضة التي تشكل حكومة ظل تنتظردورها في التداول وفق لعبة التنافس السياسي بالبرامج التي يرتضيها الناخبون تارة من هذا الفريق وآخرى من الفريق المقابل.

وإذا كانت السلطات الثلاث المستقلة عن بعضها تمثل التشريع والتنفيذ والعدالة في ذلك النظام..فإن الصحافة سميت بالسلطة الرابعة ليس مجازاً أوتدليلاً وإنما لانها تلعب دورالقائد للرأي العام نحومعرفة الحقيقة بالشفافية العالية وبالقدرالذي يجعل منها عنصرا فعالاً و مشاركاً بصورة أو بأخرى في صناعة القرار الوطني .

طبعا لا أحد يمكن أن يقول أن هذا الظن المثالي الخالي من الغرض قد تحقق في أي مكان من العالم طالما أن النفس البشرية تحركها الأغراض الذاتية أوالمصالح في كثيرمن المواقف والمنعطفات .. لكن الوعي الجمعي السوي و بعقليه الساعي للبحث عن المفيد قد يتجاوز كل قلمٍ يدمن الإفك والكذب وتزييف الحقائق .

الان السودان في ظل ثورته المجيدة يتخطى بالكاد مرحلة تسيّد الصحافة الموالية للإنقاذ التي رضعت من ثدي النظام وتلك الآخرى المغضوب عليها وقد لاقت الأمرين من فطام مقصود ما ذاقت قبله لبانة من ذلك الضرع المحّرم عليها طيلة حقبة الإنقاذ !

وبما أن الأمور تتجه نحو عهدِ جديد لن تكون الصحافة إستثناءا من التأثر بتغيراته الحتمية وإن كانت بطيئة في ظل وجود الالة الإقتصادية الضخمة لبقايا الإنقاذ والحركة الإسلامية التي ستستند اليها صحف الموالين لهما..فإن ذلك لايعني أن هذا الحال سيدوم في ظل مستجدات القوانين الضرورية المطلوبة لتنظيم العلاقة بين الدولة والصحافة..بما يجعل الجميع سواسية أمام القانون مالم يخرق أي منهم اللوائح الصارمة بل والضوابط الأخلاقية للمهنة استغلالا لسماحة الحرية غيرالمطلقة الجناح الى ما لانهاية التي لابد من أن تنتهي عند المساس بحقوق الآخرين أو بث سموم أحقاد شخصية أوإستهداف الشان العام بالتخريب الممنهج بخبث أملاً في عرقلة حركة دولاب الثورة خدمة لنظام بات من الماضي البغيض .

فنحن ندرك ونشعر بقوة وقع صدمة سقوط الإنقاذ على من كانوا يعومون مع تيارها والتي أدمت دون شك رؤوس أولئك الصحافيين الذين لازالوا يسبحون بحمدها ..فكانت تلك الضربة القوية قد جعلت أقلامهم تطيش نحو التباكي على لبنهم المسكوب مرة بمزاعم حرصهم على بيضة الدين التي يدعون أنها أصبحت في مرمى حجر العلمانية كما يخطرفون ويألفون على هواهم الموتور.. ومرة بمحاولة تأليب المجتمع على الشيوعيين واليسارين بإعتبارهم يشكلون خطراً على القيم الإجتماعية ..وكأن الإنقاذ كانت حريصة على تطبيق المُثل التي نادى بها الدين أو صانت تلك القيم بالعدالة والمساواة وتحقيق الحد الآدنى من كرامة العيش لإنسان هذا الوطن الذي لم يعد يشتري من بضاعة شعاراتهم البائرة والفاسدة ..ولعل أكبر دليل على ذلك وقوف رأس النظام داخل قفص الإتهام ذليلاً وهويحاول يائساً وبناء على تلقين دفاعه المتأخر له .. أن يدراء عن نفسه تهما كان اعترف بها طائعا وهوما يمثل قمة جبل العفن الإنقاذي والذي ستكشفه مقبل الأيام !

محمدعبدالله برقاوي..
[email protected]

تعليق واحد

  1. ليست لهم مصيبة انهم الان احرار والحكومة تغض الطرف عنهم وهم يتبجحون ليل نها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..