
الوزير المتمرد هو المهندس مرتضى احمد ابراهيم وزير الري في حكومة مايو في ايامها الأولى , اما تكسير الثلج فلم يكن من التعابير المتداولة في ذلك العهد, فقد كانت هناك تعابير أخرى مماثلة مثل مسح الجوخ وحرق البخور وغيرها مما يندرج تحت تلك الظواهر التي يستعملها المتملقون وحارقو البخور والتي تؤدي الى تضخم الذات و”الشعور بالعظمة” كما نقول بتعابيرنا البسيطة ويستطيع الشخص المخاطب أن يأتي ” بما لم تستطعه الأوائل ” على قول الشاعر.
ضابط جيش متواضع ينتمي الى القوات المسلحة اقصى امانيه ان يصبح ضابطا عظيما يكتسي صدره بالنياشين وتزدان ياقته بالعلامات الحمراء يجد نفسه فجأة , وعلى حين غرة, والناس نيام وبدلا من حراستهم يقوم بسرقتهم وتمزيق دستور البلاد وزج الآف منهم في السجون وتشريد اعداد لا حصر لها من وظائفهم دون النظر الى ما تقاسيه الأسر من تشريد من يعولها وما يترتب على التشريد من حرمان الأسر من ابسط مقومات الحياة , يجد الضابط نفسه وقد اصبح رئيسا للبلاد والآمر الناهي!
جاء ذلك الضابط لينقذ البلاد من الوهدة التي وقعت فيها وبدأ مع من سانده من الضابط , بعد ان قطعوا عهدا بانتشال البلاد من تلك الوهدة , بداوا باظهار التواضع , يفترشون الأرض كغمار الناس وياكلون من ” العمدان” في القيادة حتى يطمئن الشعب ويقول بعضهم , نحن اولاد فقراء لوشفتونا ركبنا السيارات الفارهة وتملكنا العمارات اعرفوا اننا فسدنا!
نعود للوزير المتمرد وتكسير الثلج وصناعة الدكتاتور , يقول في سفره ” الوزير المتمرد ” وانا اكتب من الذاكرة , كان الرئيس جعفر محمد النميري في ايامه الأولي عندما ينبري احد الخطباء المداهنين – وما اكثرهم – الإشادة بالرئيس القائد , كان الرئيس يهمس ” حقوا الواحد يقوم يطلع د….ونستلف من حسين خوجلي 98%” “حقوا الواحد يقوم يطلع ميتينو”.
وتمضي الايام ويستحن الضابط الإطراء بعد ان كان في ايامه الأولي يبدي كراهية ومقتا للمداهنين وحارقي البخور, وتمر الأيام وفي احدى المناسبات وقد انبرى احد حارقي البخور في تمجيد وإطراء القائد الملهم ويبدو أن الضابط العظيم قد ركن الى الإطراء وظن فعلا أنه يستحق ذلك الإطراء ولم يبد الإعتراض الذي كان يبديه في سابق عهده. عندها انبرى له الوزير المتمرد :سيادة الرئيس ” تقوم تطلع د…”ميتينو ولا اقوم اطلع د…ميتينو؟”
لقد اصبح الضابط الرئيس الملهم والكشاف الأعظم والإمام ومجدد القرن الذي تنعقد له البيعة اماما للمسلمين ومؤلف الكتب الإسلامية ” النهج الإسلامي لماذا والنهج الإسلامي كيف؟هل كان يمتلك الذخيرة الكافية من الفقه الإسلامي لتأليف هذين السفرين ام كانت هناك جهة اخرى وراء تأليف هذين السفرين ؟”.
الحسنة الوحيدة عند وفاته لم يترك وراءه قصرا في ماليزيا أو دبي أو تركيا ولاحسابا بنكيا بالدولار في البنوك الأجنبية وحتى المسكن المتواضع في الحي العريق المتواضع لم يكن يمتلكه.
والحمد لله ان الوزير المتمرد لم يشهد اسد العرب وافريقيا وحامي حمى الحرمين والكعبة المشرفة في اليمن والذي , رأفة منه, ” لا يريد جريحا او اسيرا , اقتلوهم جميعا انهم لصوص ” وان من تم قتلهم لا يتعدون العشرة آلاف وليس كما تشيع الدوائر التي تتربص بالبلد بانهم ثلاثمائة الف !! ولكم في الحياة قصاص! والذي هو ورفاقه لا لدنيا قد عملوا ففتح الله عليهم بزينة الحياة الدنيا ولزدهم في ملذات الحياة قاموا بإرسالها مساندة للمسلمين المستضعفين في ماليزيا ودبي وتركيا.
دفع الله حماد حسين
[email protected]