مقالات وآراء سياسية

جنون الذهب وتدمير الحياة والبيئة

صلاح الدين محمد الأمين

شغلت الانقاذ الناس بالتنقيب عن الذهب  وأوهمتهم أن كل مشكلاتهم وهمومهم سوف تحل بالانطلاق فى الفيافى والغابات وترك أعمالهم التى ألفوها أو الوظائف التى ظلوا ينتظرونها لسنوات استطالت بعد التخرج فى الجامعات أو اكمال الدراسة فى نظام تعليمى وتربوى لا يؤهلهم لشىء فانطلق معظمهم مدفوعين باليأس وانغلاق فرص العمل الشريف المستحق أمامهم ،انطلقوا الى مهالك  كثيرة.
كتبنا عن المشاريع  “الاستثمارية ” للانقاذ فى مواقع عدة منها الراكوبة  ومن ضمن هذه المشاريع  التنقيب عن الذهب والمخاطر التى تلازم عمليات التنقيب عنه بالطرق العشوائية والتى يقوم عليها بعض عديمى المعرفة الضرورية وربما  عديمى الضمير.
أولى هذه المخاطر هى المواد المستعملة فى عمليات استخلاص الذهب فى هذه العمليات اذ أنها مواد عالية السمية ينبغى الاّ يتعامل بها الاّ بحذر شديد وبواسطة اناس يملكون المعرفة والامكانات اللازمة والظروف الملائمة.
* السيانايد (KCN أو NaCN  )  مادة كيمائية سامة جدا، سهلة الذوبان فى الماء، وخمس – بضم الخاء – جرام ) 0.2 جم )   – وربما أقل – منها قاتلة ، وبما أنها مادة سهلة الذوبان فى الماء فانها سهلة التسرب الى باطن الأرض الى المياه الجوفية أو التسرب مع المياه السطحية الى أماكن بعيدة وبذلك تتسمم المياه الجوفية والسطحية بواسطة التصريف الطبيعى لمياه الأمطار.
* المادة الاخرى التى تستعمل مع السياينايد لاستخلاص الذهب هى الزئبق وهو بنفسه سام أيضا وسمه تراكمى أى لا يستطيع الجسم أن يتخلص منه وبالتالى تتراكم كمياته فى الجسم مع استمرار التعرض للزئبق أو العمليات العشوائية  الاخرى لاستخلاص الذهب من المملغم ( Amalgam الناتج عن ذوبان الذهب فى الزئبق)
خلاصة القول أن العمليات العشوائية للتنقيب عن الذهب هى عمليات ضارة جدا على  العاملين فيها ومدمرة جدا للبيئة القريبة والبعيدة وقد هالنى (والله يكضب الشينة) ما قرأت فى الراكوبة عن اكتشاف كميات من السيانايد فى “جركانات “مدفونة فى الأرض فى كالوقى فى جنوب كردفان حسب افادات المواطنين وقبل ذلك سمعنا يصرخات المواطنين قرب دلقو بالمحس فى الشمالية وكنا قد أشرنا الى ذلك من قبل  صمن ما كتبنا فى الراكوبة وغيرها (ابحث عن  مقالنا “الاستثمارات فى السودان” فى أرشيف الراكوبة) ،بالاضافة الى كل ذلك فان بعض مواقع التنقيب هى مواقع أثرية لم تفتح أو تدرس بعد ولا ندرى  ما يجرى فيها أو يفعل بها.
كاتب هذا التحذير ليس متخصصا قى التعدين أو الطب لكنه متخصص فى الكيمياء الفيزيائية يتمزق قلبه ألما عندما يرى وطنه يدمر ويرسل مواطنوه الى حتفهم من قبل  الذين لا يرقبون فينا ألا ولا ذمة.
نحمد الله أن بلغنا شيئا من غاياتنا بأن بدأت حكومتنا اولى خطواتها لاعادة بناء السودان ونحن نعلم أن أمامها الكثير الكثير من الخراب الذى  يحتاج الى اصلاح ونعلم أن عشرات الالاف من الشباب وغير الشباب ضربوا الفيافى والغفار بحثا عن الرزق بالتنقيب عن الذهب  دون ادراك أو اهتمام للمخاطر على أنفسهم أوعلى  بلادهم ولكى لا نكون من الشياطين الخرص فاننا نكرر الانذار مرة  اخرى طالبين أن يوقف التعدين العشوائى فورا على أن تقوم بالتعدين عن الذهب أو الكوبالت أو غيرهما من المعادن جهات ذات معرفة وخبرة ومقدرة وان يتم ذلك تحت رقابة عالية الدربة ومشرّبة بقدر واسع من الوطنية ومن حسن السيرة والسريرة .
ختاما  وحتى لا تصبح بلادنا  غير قابلة لحياة الانسان أو الحيوان اضم صوتى الى اصوات الأهل فى كالوقى وغيرها من المناطق التى بدأت تستشعر الخطر لعلنا نوقف الدمار والموت سائلين المولى أن يقى  بلادنا شرور من ابتلانا الله بهم سنين عددا.

صلاح الدين محمد الأمين
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..