الثورة أزالت عاليها.. وفي الانتظار.. واطيها!!

حالتان تبدوان متناقضتان في وضع الثوار في التعاطي مع نتائج الثورة مع انهما متكاملتان. الأولى هي حجم الصبر عليها . فقد بدأت تحفر بأظافرها على الحجر منذ الثلاثين من يونيو 89 حتى كونت الكتلة الحرجة وشارك الساكتون والمتفرجون على الرصيف في الحادي عشر من ابريل 2019في الفرحة الأولى بإسقاط عاليها ..والمسافة بين الثلاثين من يونيو 89 ونفس التاريخ في 2019 ، هي قصة الصبر الطويل لإنجاز أولى المهام بإسقاط عاليها فكرة متمثلة في الإسلام السياسي، وتجسيداً في رأس نظامه وثم من بعد الصبر على المفاوضات بوعي كامل بأن الناتج سيكون محصلة صراعات القوى الداخلية والإقليمية والدولية وأفكارها.ثم الترحيب بتوقيع وثائقها وتكوين رأس دولتها وحكومة فترتها الانتقالية.
والحالة الثانية هي العجلة في طلب التعامل مع عقلية النظام السابق المتحكمين في مفاصل الدولة وتعجل النتائج فيها من الوزراء . وهي تماثل هنا في العجلة بقايا النظام السابق في محاولاتهم للتثبيط بالتركيز على عدم وجود تغيير حتى قبل تكوين مجلس الوزراء!!
أهم مميزات استطالة التغيير أكبر بكثير من رجاء التغيير السريع. فأهم منجزات الثورة تقدماً حتى قبل سقوط النظام ،هو الإجابة على سؤال دور المرأة . فلم تنتظر المرأة السودانية حتى تقام الندوات والسمنارات بعد الثورة لنيل حقها. بل انتزعته خروجاً إلى الشارع صانعة الثورة حتى صار الحديث بعد الثورة عن عدم نيلها لاستحقاقها الذي يعادل مشاركتها في الثورة.وهو كسر لكل القيود التي يضعها الفكر السلفي العريض حول دورها ولنعزز كلامنا بثقتنا في أن الثورة حتماً ستكتمل بإلحاق واطيها بعاليها ، فلنأخذ مثالين آخرين.
الأول بالطبع كان متمثلاً في جريمة فض الاعتصام . فقد ظن واطيها العريض ، أن إنجازها يعني إفقاد الثورة لأهم عناصر قوتها ،ليستمر حكم اللجنة الأمنية للنظام بشروطها وتذهب ريح الثورة . وقد تمثل ذلك بتغني عبد الحي يوسف بالجريمة لأنها أنهت حسب ظنه مؤامرة كانت تستهدف دين الله بعدم النص على الشريعة في الوثيقة الدستورية . وأن صدور قوم مؤمنين قد شفيت جراء إحباطها!! ولكن زلزال الثلاثين من يونيو ، قلب الطاولة على وجه واطيها من جديد. وبصرف النظر عن أي رأي في النص على الشريعة من عدمه ،فإن الشعب قد احتفل بالوثيقة الدستورية رغم عدم النص. فأي انتصار أكبر من ذلك على عاليها وواطيها ينتظر الثوار؟
أما الثاني فقد تمثل في توقيع إعلان المبادئ .والفترة التي تقارب الشهر فقط لاكتمال كل إجراءات بناء الثقة.. ثم وجود معظم نصوص المبادئ بالوثيقة الدستورية إلى درجة النص على الفقرة والبنود ضمن المبادئ . وقارن ذلك بما استهلك من الوقت والجدال في كل فقرة مماثلة مع النظام . وربما أهمها فتح المعابر للعون الإنساني.
خلاصة القول، أن معادلة الثورة متمثلة في الصبر والانقضاض إن جاز التعبير . فلا بد من الصبر أولاً ثم الانقضاض إذا ما لم تنجز الحكومة برنامجها الإسعافي واولوياتها العشرة كما التزمت. حتى لا يكون الثوار أنفسهم ، هم مصدر الخطر على ثورتهم.
معمر حسن محمد نور
[email protected]