مقالات سياسية

الديمقراطية الرقمية والسياسة الخطية (Digital Democracy and Analogue politics)

لقد استوعبت اللجنة الأمنية خطورة الاتصالات وأهميتها والدور الذى لعبته وسائل التواصل الاجتماعي فى اسقاط البشير ولا أقول نظامه ولا مشروعه ولا العقلية التى أوجدته وادارته على مدى ثلاثة عقود.

وإذا كان المواطن الذى اكتوي بجحيم الانقاذ فخرج إلى الشارع ودفع أبناؤه حياتهم يسعى لتحرير بلدنا من قبضة الأوهام بحجب المعلومات وتكميم الأفواه العضوية والإلكترونية يرى فى الاتصال والمعلومات رافعة هامة لإشاعة الديمقراطية وتقوية عودها فرجل الأمن والجنرالات وعقلية المساواة بين الأمن والكبت يرون فيها خطرا داهما عليهم وعلى سلطتهم التى تنمو وتزدهر فى الظلام تماما كما تنمو الطحالب.

إن قرار أن يؤول جهاز الاتصالات والبريد وكافة أفرعه وإداراته لوزارة الدفاع هو قرار لا أقول خاطىء فحسب بل قرار خطير له تبعاته الخطيرة على الديمقراطية وإنشاء دولة القانون او دولة التآمر على المواطن وكبت حريته. يجب ان نقف عند هذا القرار وان نوقفه ونقتله فى مهده. ان هذه اكبر علامة من علامات نوايا العسكر وخططهم للديمقراطية وقتلها وخنقها حتى قبل ان تبدا. حتى اختيار موعد إصدار القرار اوشى بهذه العقلية التامرية. عقلية اللجنة الأمنية التى ترى فى المواطن عدوا يجب مراقبته وقمعه.

لقد كتبت الكاتبة الكينية نانجيلا نيابولا كتابا رائعا عن كيف أسهمت وتسهم الإنترنت ووسائل الاتصال فى تحويل كينيا إلى دولة حديثة وكيف يحتاج السياسيون ان يستوعبوا ويحتضنوا هذا التحول. ولعل عنوان كتابها رغم بلاغته فى تصوير الوضع فى كينيا والعصر الذى نعيشه لا يكفى لتصوير وضعنا. فنحن فى مفترق طرق بين شعب يحلم بوطن خير ديمقراطى وبين عقلية أمنية تجهز نفسها بوضع العراقيل وشحذ الأدوات لقتل الديمقراطية.

لنسقط هذا القرار وبلا تاخير ان كنا حريصين على حماية أحلام شعبنا حتى لا تتحول إلى أحلام ظلوط على يد اللجنة الأمنية للبشير.

أحمد الفكي
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..