انسداد آفاق نظام قوش البشير (نموذج اطلاق المعتقلين ومعالجة الدولار)

يبدو اننى كنت زائد التفاؤل عندما ظننت ان ذكاء السيد قوش قد يدفعه الى اتخاذ قرارات تبدو جذرية لجذب بعض اطراف المعارضة ، خصوصا تلك التى ظلت تدعو الى التفاوض والهبوط الناعم ..الخ فقد وضح من البداية الرديئة لأخراج عملية اطلاق سراح المعتقلين ، ان افق الحركة قد انعدم بالكامل امام النظام واعظم خبرائه :
– تناقضت الاقوال بين قوش والمهدى فى اصل الحكاية من البداية ، فالمهدى، الذى لايخفى على أحد سبب اختياره للاعلان نيابة عن الرئيس ، وكما سنزيد فى التوضيح لاحقا ، المهدى قال ان توجيه الرئيس باطلاق جميع المعتقلين ، بينما صرح قوش بان هناك خيار وفقوس ، وان وضع بقية المعتقلين مرهون بتحسن سلوك احزابهم !
– ايضا قال المهدى ان قرارات اخرى ستصدر لمعالجة المرض لا العرض . وهو ايضا ما نسفه فى اليوم التالى السيد قوش بتصريحه اعلاه ، معبرا عن نفس التعالى والروح المتسلطة والتى لاترى امامها غير النفس وربما البشير! وهى نفس الروح التى انتجت الحوار المنبت ، الذى أوصل النظام الى ما وصل اليه من تخبط حتى فى لعب مايظن انه قد تبقى له من اوراق .
وقد جاء الرد على تصريحات السيد قوش من نفس المنبر الذى ظن انه سيبدأ منه اعمال عودته الظافرة الذكية :
? وذلك فى وجوه الخارجين من الاعتقال وكأنهم يقولون انه لامانع لديهم من “خلف دور ” للعودة الى المعتقل الذى يستقبلون فى الخروج منه بهذا الزخم الشعبى الحار!
? وفى التظاهرة القوية التى استقبل بها ممثلو الشعب السودانى ، ولا اقول أهل المعتقلين ، بأناشيد الثورة “الأم ” : فلاالسجن ولاالسجان
? وفى استمرار التظاهر حتى الفجر مطالبة باطلاق سراج الباقين ..
وقد كان أجمل مافى الامر ان اليد المتعسفة كانت مغلولة بنفس الفعل الذى خيل لها ذكاؤها البليد انها ستكسب به عطف العالم الخارجى ، وهو المهم لديها دائما ، وتبدأ به خطة وضع العصى فى ماكينة وحدة المعارضة . فقد كانت التظاهرة غير المحسوبة ، مراقبة من العالم المرجو تعاطفه ( وتقدرون ..فتضحك الاقدار ).
كذلك وضح من تصريحات السيد برمة ناصر ، نائب رئيس حزب الامة القومى ، ان خطة الذكى العائد مكشوفة حتى قبل ان يكشفها العائد بتصريحه الواردة أعلاه ، حيث قال السيد برمة : كان موقفنا دائما يدعو الى الحوار .. ولكن بشروطه : بسط الحريات السياسية للجميع على قدم المساواة وان تكون اجندة الحوار متفق عليها من الاطراف المشاركة وان يكون الاشراف على الحوار من جهة محايدة متفق عليها .. الخ وهو مايتناقض تماما مع اشتراط اطلاق الصراح بتحسن السلوك .. بالعربى : السلوك مثل من قبلوا الحوار السابق ! ونقول للسيد قوش ..أالآن وقد خرجت الجماهير الى الشارع ،بل وحتى أمام سجن كوبر .. برجاء أعادة القراءة للحال بذكاء وقبل فوات الأوان!
ودليل آخر على انسداد الافق ، مايحدث فى معالجة الازمة الاقتصادية ، التى أصبحت بقدرة قادر هى أزمة تصاعد سعر الدولار امام الجنيه!
بدأت الحلول بموضوع السعر التاشيرى ، الذى يخفض ويرفع ولاأدرى من اين يؤتى بالبيانات الموضوعية التى تؤشر لامكانية رفع السعرأو تخفيضه، وعليه فأكبر الظن انها توضع على تقديرات ذاتية. الدليل على ذلك مافعل بتقدير مقابل الدولار لتذاكر الطيران . هذه الاجراءات تدل ، بالاضافة الى عدم كفاءة القائمين بالامر ، على انسداد افق السياسات الاقتصادية للانقاذ ، الذى اعتمد على ريع البترول ثم الذهب ،ثم “القرعة ” التى يعتمد عليها كثيرا فى فك الضائقة هذه المرة ، وذلك من التحركات البينة تجاه المانحين القدامى والجدد وبكل مخترعات الحواة القدامى والجدد ! ولكننا لو حاولنا الحل الاقتصادى الذى يعلمه خريجو محو الامية الاقتصادية ، فاننا سنجده فى قوانين اقتصادية واجراءات من المعلوم بالضرورة فى علم الاقتصاد ، غير انه لايرد على ذهن سدنة الانقاذ لاسباب تتعلق باهدافهم الذاتية ، بل وبمبادئهم “الاسلاموية “!
الحل يكمن فى تطبيق القانون الاقتصادى الاكثر شيوعا : العرض والطلب :
ففى جانب العرض الدولارى لدينا مصادر : الصادر + التحويلات المالية من الخارج ( قروض + معونات + العاملين بالخارج ..)+ السياحة + استثمارات من الخارج ..
ستلاحظ هنا ان المصادر الرئيسية متراجعة بل ووصل بعضها حد التوقف او مايقترب منه : الصادر ضعيف نتيجة لتدهور ودمار المشروعات الانتاجية ، القروض متوقفة لاسباب عدم السداد “الصين” ، او اسباب سياسية واقتصادية “الغرب عموما والمؤسسات المالية الدولية ، العاملين بالخارج تتناقص تحويلاتهم بشكل عام وخصوصا من خلال النظام المصرفى وينطبق الامر على السياحة والاستثمار من الخارج .وحتى القرعة اصبحت ” ماعارفة تقبل وين ” كما كان يقول أحد اصدقائنا المشهورين بحب الاستدانة !
أما فى جانب الطلب : الاستيراد يتزايد نوعا وكما + اقساط الدين وفوائده تتزايد لدرجة عدم القدرة على السداد فى الفترة الاخيرة+ الشركات العاملة فى السودان تشتكى منذ زمن بتراكم ارباحها بالجنيه السودانى ?الذى يهبط مهبطا قيمة تلك الارباح باستمرار ? من غير أمل فى تحويلها للخارج + احتياجات المواطنين المسافرين للخارج :للحج والعمرة والعلاج والتعليم والسياحة ..الخ
تلاحظون من هذا العرض االبسيط والمختصر ان العرض يتناقص والطلب يتزايد تظل أساليب الحل لدى الانقاذ لاعلاقة لها بتطوير الانتاج والسياحة واغراء المغتربين لتحويل اموالهم ، وبدلا من السياسات التى تشجع المستثمرين الاجانب على المجئ للاستثمار فى السودان ، فان السياسات جعلت وتجعل مستثمرين كبار ، ومن ضمنهم مسئوليين ، يتجهون للاستثمار حتى فى الخارج القريب عبر الحدود .
وهكذا ترى ان الافق مسدود تماما وبفعل سياسات النظام الماضية والحالية وحتى “بتاعة ” أمس الاول ، ولذلك فانا لاأرى حلا أنسب من ان يلحق الجماعة استثماراتهم فى الخارج القريب ويتخلوا عن التذاكى فى الوقت بدل الضائع ، آخذين تجربة اشقائهم من العرب والافارقة البعيد منها والقريب جدا جدا !!!
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..