مخاوف من على شرفة الثورة

- كمثل اي كائن حي.. تعتبر الثورات كذلك كائن حي له دورة حياة يمر بها و يبقي التحدي و الاختلاف فقط في قدرة هذا الكائن الوليد علي التحول و التجدد وفق مقتضيات و متطلبات اهدافه المقصودة ان كانت سياسية او اقتصادية او اجتماعية او خلافه بحيث لا يموت او يضمحل او يصاب بالامراض التي قد تقعده او تصيبه بالعجز.
- و انطلاقا من ذلك و بنظرة متابعة لثورة ديسمبر المجيدة نجد انها (ظاهرا) قد قدمت نموذج راقيا و ما تزال للداخل و الخارج جعلتها محط الانظار و لكن (عند التعمق) نجد ان مسببات الاصابة بالمرض حاضرة و قد يحدث ما يرض الثوار خاصة و الشعب عامة فتنتكس الثورة و ترتد وبالا علي الجميع.. نسال الله الا يحدث ذلك… و دعونا ندخل في هذه المحاذير و الملاحظات:
- و يجي علي راسها مبدأ ان الثورات لا تفاوض مبدا قديم و معروف.. كان اول الاخطاء الدخول في عملية تفاوض مع العسكر لا مبرر و الفعل الثوري و حواشده كانت حاضرة و طازجة و قادرة علي الاطاحة باي كان كائنا من كان لصالح الشعب و الثورة.
- ثم عمد هؤلاء العسكر (بحكم طبعهم و معايشتهم للنظام البائد) عمدوا الا اصدار بعض القررارت هنا وهناك و تضييع الزمن و التفاوض في بعض الموضوعات بما يرسخ عند الجميع (شرعية لهم) تجعلهم شركاء في الثورة و المشكلة و الحل و هو ما الت اليه الامور.. مع انها ليست نهايتهم و ليس محطة توقفهم و هدا يقيني.
- عدم توحد الرؤي لدي قوي الحرية و التغيير و عدم وجود قيادة موحدة مرتضاة و مجمع عليها و تباين الامزجة و الافكار و الولاءات كان و لا يزال هو المهدد الاكبر خاصة مع قسمة الغنائم كراسي هنا و مناصب هناك و اموال هنا و سلطان هناك… يجعل الفعل و القول التبربري حاضرا بشكل يومي يخالف البدايات و الاهداف المعلنة في اعلان قحت و الوكافة الوثائق المتفق عليها و يستخف بعقول العامة بما يجعلها بعد حين لا تساوي مدادا كتب بها و قد بدا هذا الامر.
- واضح لكل مراقب ان قحت انحرفت (و ان لم تكن في اجمالها و انما في بعض مكوناتها) نحو تاسيس مشروع شراكة سلطوي مع العسكر منفصل عن اهم مطلوبات الشعب و المتلخصة في (الحرية _السلام _العدالة) و بالنظر لاي مكون من هذا الشعار الثلاثي يجد انه قد صابه التشويش و التضليل و الانحراف لاجندة خاصة غير عامة.
- الوثيقة الدستورية و الاعلان الدستوري اثبت ان من قاموا به اما لا يمتلكون الجدارات و الكفاءة اللازمة او انهم قد باعوا قضيتهم لصالح اجندة اخري غير معلنة و في الحالتين الخاسر الاكبر هو هذا الشعب الصابر واجمالا اثبت العسكر انهم اكثر حنكة و دراية و دربة من نجوم الثورة و مبتدئى السياسة.
- كذلك مما يدعو للقلق المظاهر ادناه و التي تجلت بصورة واضحة :
*الفشل في تقديم نموذج من حيث الزهد في المناصب و السلطة او من حيث القدرة علي تجسيد كفاءة السياسي او التنفيذي الدستوري او المفاوض او.. او.. الخ و فاقد الشئ لا يعطيه.
*عدم الحصافة في ترتيب الاولويات كاثارة قضايا من يوم ليست من الاولويات او انها قد تثير الشارع و تدعم الفتن و تشق الصف في مجتمع لا يزال نسيجه الاجتماعي هشا خاصة الموضوعات الدينية التي قد تصدم بالمعتقدات او الموروثات او القناعات.
- التماهي مع بريق السلطان و المنصب و تبدل المواقف قولا او فعلا في زمن يظل كل شئ موثقا اسفيريا علي منصات التواصل الاجتماعي (كتبتها ايديهم و شهدت عليها منصاتهم و قراءهم) ثم تبدل الحال مع استلام المنصب.
*قضايا السلام اثبتت بما لايدع مجالا للشك انها مطية القادة من الحركات و الحكومات المختلفة لبلوغ قمة الحكم مزايدة ليس الا علي حساب الشعوب المقهورة مناطقيا و طائفيا و عرقيا.. هو وسيلة باسم العامة المخدوعين.
- تمضي كل التوقيتات المعلنة لاي اتفاق و في اي موضوع الا قضايا الشهداء و المفقودين و المصابين و ضحابا المجازر و الحروب و فاقدي الارواح و الدماء ( و كافة الجرائم ضد الانسانية و جرائم) هذه يجب علي الجميع اخلاقيا و انسانيا ان يتم الالتزام بها و هو ما ليس حاصل الان حيث انزوت القضية برمتها و تجاهلها الجميع و هم منشغلون بترك مواقعهم علي جبل احد.. مسرعين الي جمع الغنائم و اقتسام مل شئ.
*لم تكن هناك معايير واضحة يتم علي اساسها قياس هذه الكفاءات التي جاءتنا من كل حدب و صوب و بالنالي يظل علي الجميع الانتظار للتجارب تنجح او تفشل و كله علي حساب هذا الشعب.
*عدم الانتباه الي ان دفع الثورة و عوامله يختلف كلية عن دفع الدولة و مكوناته و عناصره و بالتالي ما يحدث الان هو خلط و مزيج ما بين فعل ناشطين سياسيين و سياسيين و تنفيذيين دستوريين قد يكسر زجاجة الدولة.. عند الاصطدام بذئب يترقب (عسكري حاكم و دولة عميقة لا تزال حية).
*الحركة الاسلامية و هي صاحبة الغبن الاكبر تجاه الثورة تميزت بانها كانت جسم موحد و قيادة واحدة و مهما حدث من تفلبات افقدتها مكانها فان ذلك يعتبر شيئا طبيعيا. لذا يجب الانتباه لانها الان و قد تخلصت من عبء ادارة الدولة فقد تفزغت لبناء صفها و تقييم واقعها و اعادة ترتيب قواعدها و بالتالي يمكنها بما اكتسبتها من خبرة و وحود مادي و معنوي طيلة ثلاثون عاما تعتبر مهددا كبيرا لاجسام متعددة متشاكسة تفتقد الرؤي و تتباين السرعات بين مكوناتها بما يخل بحركتها علي الاقل حتي الان.
- المحاصصة التي تمت و اغفال الالتزام ببعض البنود الاساسية في الوثائق و الاتفاقات المكتوبة او الغير مكتوبة كالاتفاق علي عدم مشاركة اعضاء لجنة التفاوض في اي موقع دستوري خلال الفترة الانتقالية علي سبيل المثال.. يهدم عتبة اصيلة نحتاجها مستقبلا و يصبح سابقة قد يستغلها اول من يستغلها العسكر لتجيير كثير من الامور لصالحهم مستقبلا و من السهل كنا حزث الان الحنوح للفعل و القول التبريري.
*مع حرية الاعلام و الحرية للجميع مبدا يجب ان يحترم يطرا علي البال تجربة صحيفتي الوان و الراية في عهد الديمقراطية الثالثة و كيف استطاعتا ان تفشلا الممارسة باجملها لصالح التيار الاسلامي و هو ما سيحدث الان خاصة مع ضعف الممارسة الديمقراطية و فقرها وضعف الاحزاب خاصة التقليدية الكبيرة. لذا يجب عدم التهاون في بناء مؤسسات الحرية و السلام و العدالة اولا قبل كل شئ و بطريقة محترفة و مواكبة.
محمد حامد محمد حامد
[email protected]




لله درك يا محمد حامد محمد حامد فقد كنت مراقبا جيداً تنظر بمنظار ثوري يرقب كل ما كان مطلوبا في الثورة ومن الثوار وصدقية من يمثلونهم ومواقفهم تجاه التحديات من عسكر ومتزعمي حركات كانت مسلحة وهي تتكالب مثل ممثلي قحت على المناصب وما صحب ونتج عن هذه السيكلوجية من تغافل عن ابجديات الثورة ولخبطة الأولويات وهلم جرا.
يعوضنا الله في ثورة أخرى على حكومة مدنية نسقطها دون يظهر لنا عسكر طامعين في مشاركة السلطة، ويا لحظنا العاثر!!!