مقالات وآراء سياسية

هذا طريق القمة يا وطني

يوسف السندي

بعد الاستقلال كنا نملك ما نستحق عليه التوقير و الاحترام و هو الصادرات المرغوبة عالميا ، كنا مملكة الذهب الأبيض ( القطن ) ، لذلك ستجدون في أرشيف الصور الوطنية التاريخية صور عظيمة لرؤساء سودانيين سابقين يستقبلهم رؤساء أميركا بأنفسهم على مدرج الطائرة ، و يصطف لهم شعب بريطانيا في الطرقات ، و يستمع لهم باهتمام و توقير الرؤساء العرب .
لم يكونوا يستقبلون رؤساءنا لأنهم مشاعل الديمقراطية او زعماء الحريات ، بل لأنهم رؤساء بلد منتج ، يملك شيء يرغبه العالم . و اليوم لم يعد الذهب الأبيض ( القطن ) مرغوبا عالميا كما كان ، لم يعد مصدرا للأموال الغزيرة ، لقد مضى زمانه ( فات و غنايه مات ).
اليوم المرغوب عالميا هو البترول و السلاح و صناعة الترفيه و الالكترونيات و ال business ، لم يعد القطن ذو قيمة كما كان .
انظروا اليوم إلى رؤساء الدول النفطية الغنية ، يستقبلون في كل العواصم العالمية و على رأسها أميركا و روسيا بالحفاوة و التقدير ، و تعلق صورهم على الطرقات .
انظروا إلى البلاد التي تمتلك أسلحة نووية كيف يهابها الجميع و يحترمها ، انظروا إلى صفقات الطائرات و السفن و الصواريخ ، الصفقة الواحدة تبلغ مليارات الدولارات .
انظروا إلى البلاد السياحية ، يتوافد إليها السياح من كل أنحاء العالم و يدفعون لقاء ذلك مليارات الدولارات .
انظروا إلى الدول التي تعتمد اقتصاد الالكترونيات و الرقائق و الحواسيب ، تبيع في اليوم آلاف الرقائق و ملايين الهواتف و البرامج الإلكترونية و الالعاب ، و تجني من ذلك مليارات طائلة من الدولارات .
لا تبكوا على الماضي ، الرؤساء الذين كان في يدهم الذهب الأبيض ( القطن ) لم يستثمروه في المستقبل ، ضيعوه بلا ثمن . و الرئيس الذي استخرج البترول ، لم يستثمره في المستقبل بل ضيعه بلا ثمن ، و النتيجة ها نحن اليوم دولة فاشلة .
لقد أعادت الثورة اكتشاف شعبنا ، و لكن ثلاثون سنة من الشمولية سرقت معها الكثير و تغير العالم من حولنا و أصبحت الطرق إلى القمة ليست هي ذاتها التي كانت في السبعينيات و الثمانينيات .
لذلك ان كنا نؤمل ان نلحق بركب الامم الأولى فإننا لا نحتاج مزيدا من الصراع و الحرب و الإقصاء، نحتاج للوحدة كشعب واحد ، للتفكير كشعب واحد ، نحتاج إلى كل فرد في هذا الشعب ليبتكر و يعمل و ينتج ، نحتاج للابتكار في العمل ، اذ لم تعد مصادرنا القديمة ذات عائد مجزي ، نحتاج للعلم و البحث العلمي و الاكتشافات حولها و تحويلها من بضاعة كاسدة إلى ثروة عظيمة ، هذا هو الدرب الذي اذا سلكناه سنصعد القمة بلا شك .
هل مازال هناك مشكك؟
وليس يصحّ في الأذهانِ شيءٌ *** إذا احتاج النهار إلى دليل
(المتنبي )
يوسف السندي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..