أصدقكم القول بأنني شعرت بشئ من التعاطف مع السيدة أسماء وزيرة الخارجية، وهي تقع لمرات متتالية وفي مدة وجيزة في قبضة الصحافة (ورقية واليكترونية ومواقع تواصلية)، إذ لم تكد الوزيرة تخرج من ( كبوة )، إلا لتقع في( كفوة ) أخرى، أو كما يقول ( اخواتنا ) المصريون ( تقوم من حفرة تقع في دحديرة )، فمن كبوة لقاء البي بي سي الى كفوة المؤتمر الصحفي المشترك مع وزير خارجية فرنسا وما بينهما من جلطات، ورغم صحة الملاحظات التي أبداها الناقمون على الوزيرة والناقدون لأدائها خلال هذه الفعاليات، الا أنني أرى أن انتقادهم المستحق كان أقسى مما يجب، ولهذا تعاطفت معها لكونها وقعت فريسة ضعيفة تحت أنياب الصحافة الحادة، وهذه خصيصة جبلت عليها تدفعني للوقوف مع كل من يكون في حالة ضعف..
لقد بدا لي حال الوزيرة وهي تواجه السيل المنهمر من الهجومات والانتقادات اللاذعة، بدا لي حالها هذا مثل حال شقي الحال الذي عناه المثل ( شقي الحال يلقي العضم في الكرشة أو الكبدة ) وفي رواية ( سيئ الحظ ينبحن عليهو كلاب السوق )، وفي رواية أخرى ( قليل البخت يعضي الكلب في المولد )، وهذه درجة من التعس وسوء الحظ يستحق من يبلغها الرثاء والشفقة أكثر من أي شئ آخر، وكان هذا سبب تعاطفي مع الوزيرة لوقوعها المتكرر في جلطات متتالية وليست واحدة ولا اثنتان، وهذا غريب غرابة أن يعثر أحد على عظم في الكرشة أو الكبدة أو ذاك الذي تنبحه كلاب السوق دون سواه من البائعين والمشترين والجائلين ، أو الذي يهجم عليه كلب ويختاره من بين المئات الذين يرجحنون مع ايقاع النوبات والذين يتحلقون حول موائد ( الفتة ) والذين يبحلقون في عرائس المولد، فيشق هذا الكلب كل هذه الجموع ويتفاداها ويتجاوزها ليعض هذا الشقي الذي تدهمه المصائب حتى من عضو من أعضاء جسمه كما يقول أحد الأمثال التي لا يمكن أن تقال إلا على لسان حسنة بت محمود كما في رواية موسم الهجرة إلى الشمال لمبدعنا الطيب صالح عطر الله ثرى قبره ..
إن حال وزيرة الخارجية مع سيل الانتقادات التي واجهتها شابه عندي حال من عناه المثل ( المجانين كتار ولكن شقى الحال يقع في القيد ) ونضيف ( يقع في خشم الصحافة )، ولكن يبقى عزاء الوزيرة في أن ما واجهته من سخرية ونقد حارق لا يسوى شئ قياسا بانتقادات فظيعة تلقاها وزراء ورؤساء دول مختلفة، منهم من قذفت في وجوههم الأحذية ومنهم من قذفوا بالبيض الفاسد ومن كشح على رؤوسهم الدقيق، بل أن الأمر بلغ بأحد نواب الكونغرس أن يقول عن الرئيس الأمريكي ترامب، أن مستوى ترامب العقلي لا يتجاوز مستوى تلميذ في المرحلة الاعدادية…
حيدر المكاشفى
