مقالات سياسية

مصر: أخطأ الأخوان وفشل السيسي

الشعب المصري شعب عظيم له جذور حضارية عريقة تتفوق على حضارات عالمية عديدة وفيه خير أجناد الأرض كما جاء في الأثر.. الشعب المصري تاريخه رافض للتسلط الداخلي والغزو الخارجي لا يمكن لأي مؤرخ منصف أن ينكره.

لأسباب مؤسفة حكمت هذا الشعب أنظمة دكتاتورية زجت بالأحرار في السجون والمعتقلات وحطمت استقلال القضاء حتى اليوم منذ حادثة القانوني المحترم السنهوري باشا في الخمسينات.. فرضت الديكتاتوريات على مصر العزيزة سياسات داخلية وخارجية أضرت بها كثيراً ولو تجاوزتها مصر واستمرت كدولة مدنية ديمقراطية دستورية لا دولة تحكمها الشمولية والديكتاتورية العسكرية وحكم الفرد و لا المراهقة الاشتراكية في إدارة الاقتصاد والارتماء في المعسكر الشيوعي لكانت مصر الحضارة وشعبها العظيم اليوم أكثر قوة وازدهاراً اقتصادياً وتكنولوجيا ومعرفياً وصناعياً ولتفوقت على كثير من دول العالم حتى الأول منه سبقتها مصر حضارة ومدنية..

كانت ثورة الربيع العربي في الخامس والعشرين من  يناير 2011 فرصة لانعتاق مصر من الأنظمة الديكتاتورية منذ 23 يوليو 1952 ولكن الأسف الشديد أخطأ نظام جماعة الأخوان المسلمين المصرية حين حاولوا اختزال المراحل السياسية بتوليهم السلطة ولو عبر الانتخابات التي أتاحتها الثورة  مثلما أخطأ أخوان السودان في 30 يونيو 1989 بانقلابهم فهؤلاء لم يكونوا جاهزين لحسن إدارة السلطة ولم يقيموا العدل ولم يتيحوا الحريات فأسقطهم شعب السودان بثورة سلمية، أما أخوان مصر فأخطأوا ذلك حين لم يمارسوا السلطة منذ تكوينهم عام 1928ولم يكونوا مؤهلين لها ولم يحسنوا قراءة الواقع المصري والإقليمي والدولي بالغ التعقيد فكان انقلاب الجنرال السيسي حين أخطأت القوى السياسية المصرية الأخرى ومهدت له الطريق ظناً خاطئاً بأنه سيحكم مصر حكماً صحيحاً فلم يفهموا أن الذي يأتي عبر الدبابة وصندوق الذخيرة لا صندوق الانتخابات هو الأسوأ وهذا ما حدث لحكم الجنرال السيسي فكانت هذه الثورة التي انطلقت ولن تتوقف حتى يرحل السيسي كما رحل قبله آخرهم بوتفليقة أو يسقط كما سقط البشير الذي خلعه الشعب بمساندة جيشه العظيم عنوة واقتداراً .. فهل يا ترى تسير ثورة  الشعب السوداني كما يسير النيل نحو الشمال؟ دعونا نرى فالليالي من الزمان حبالى!! ولم لا ألسنا شعباً واحداً نتأثر بما يحدث للآخر منذ فجر التاريخ؟.

عندما استولى الجنرال السيسي على السلطة غلاباً بانقلابه حاول صديق مصري ان يقنعني بأن ما حدث ليس انقلاباً عسكرياً بل ثورة فقلت له إتَّق الله وهل إقصاء رئيس منتخب واعتقاله باستخدام الجيش ثم التعسف معه حتى لو أخطأ ذلك الرئيس وجماعته وهو الذي يمكن أن يسقط في أول انتخابات وتم تعليق الدستور ليس انقلاباً على الشرعية؟.

وأسأل هل يا ترى ما حدث للرئيس مرسي من معاملة قاسية وغير إنسانية حتى مات مغبوناً ومظلوماً داخل قاعة المحكمة ستكون لعنة على السيسي ونظامه؟ ربما فالله عدل لا يرضى الظلم ولا القسوة حتى للحيوان. ألم يقل الرسول دخلت امرأة النار بسبب هرة  حبستها حتى ماتت لم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض!! فما بالك بإنسان كرمه الله يا سيسي؟ لا حل إلا أن ترحل طوعاً أو كرهاً..

كسرة: قناعتي الراسخة لم ولا ولن يتمتع شعبا السودان ومصر بأفضل العلاقات وتحقيق مصالحهم وحل خلافاتهم إلا عبر أنظمة مدنية ديمقراطية ودستورية تحترم الحريات وترفض الظلم وتكرس العدل وحقوق الإنسان والحكم الراشد تديره دولة المؤسسات لا حكم الفرد.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..