مقالات سياسية

واقع عنف الاسلامويين في المشهد السوداني

علي التلوبي

حينما سأله بعضهم: ما هي الفكرة التي تؤمن بها لدرجة الاستماتة؟ أجاب الفيلسوف العظيم والرياضياتي برتراند رسل: “لا توجد فكرة أؤمن بها لدرجة الاستماتة في سبيلها، فقد أكون مخطئا”. وهو نفسه القائل بكامل الاتساق: “مشكلة العالم تكمن في أن الحمقى لديهم ثقة أعلى بأنفسهم”.

ما طالعنا مؤخراً من تعدي كوادر الإسلامويين العنيفة على بعض الكيانات المدنية الشعبية والسياسية يمثل تماماً ما تحدث عنه فيلسوفنا. إذ أن لدى هؤلاء سطوة يقين بفكرتهم تجعلهم موقنين تماماً أن لا حق إلا ما اعتقدوا هم أنه الحق، أما بقية الناس فهم على باطل. والظاهر أن كوادر العنف تلك تتكون من صِـبية مغسولي الدماغ عبر تأجيجه بالمشاعر الدينية من جانب قيادة تخدم مصالح أساطينها الاقتصادية والسلطوية لا أكثر. فأولئك هم من ساموا هذا الشعب التعذيب والإفقار والتشريد خلال الثلاثة عقود المنصرمة بينما سبحوا هم في رغد والعيش وملاذ الحياة بأدوات الفساد والتمكين. وللمفارقة فإنه رغم سومه أصناف العذاب خلال تلك العقود، فإنه لم يخرج من صلب الشعب السوداني المسالم من يحاول إرهاب رموز ذلك النظام القامع.

وللمفارقة فلم نكن نسمع لمغسولي الدماغ هؤلاء صوتاً ولا تنادياً لنصرة الدين حينما كان ما يجري خلال تلك العقود الثلاثة يتعارض تماماً وقـِـيـَمه الجوهرية. بل حتى إن المظاهر القشرية للدين التي يهتفون الآن بنصرتها لم تكن مطبقة خلال العقود الثلاثة. إن عنف الإسلامويين لم يبتدئ اليوم، فتاريخهم طويل بعنفهم الطلابي وكتائبهم الجهادية. ولا تحضرني دولة أخرى بها مثل تلك الكتائب المسلحة بجامعاتها. إن فكرة إخضاع الآخرين لرأي ما بالعنف هي فكرة بدائية ولا تنم عن شيء سوى عن ضعف فكر منتهجها. وتحاول بعض قيادات الإسلامويين الظهور بمظهر المتحضر المسالم، ولكن لا أذكر أني قد سمعت تلك القيادات تقوم بشجب عنف كوادرهم المسلحة. بل يبدو أنهم يتخذون موقف جهرياً مع السلم والحوار الحضاري بينما موقفهم المضمر هو مباركة ذلك العنف.

ثم إن غاسلي الأدمغة أولئك يحاولون بجهد تصوير أن قيادة التغيير هي قيادة شيوعية. ولست ههنا بمعرض الدفاع عن الشيوعيين، فالشعب السوداني أدرى بمن وقف معه وبمن كان في الجانب الظلامي خلال تاريخه. ولكن ما أريد قوله هنا هو أن الأغلبية الغالبة من الشعب السوداني الذي قاد التغيير ليست لها انتماءات سياسية وليست لها أيدولوجيات. فالإسلامويون يتوهمون أن العالم يدور بين رحى قطبين هما قطبي الشيوعية والإسلاموية، بينما حقيقة الأمر أن معظم الناس ككاتب هذي السطور، ليس لهم انتماءات إلى أي من تلك الأقليتين.

ونحن في هذه المرحلة الانتقالية بكل ظروفها العصيبة المعقدة فإن الكثير من التحديات ستجابهنا. ومن ضمن تلك التحديات كيفية التصدي لثقافة العنف الإسلاموي ومحاولتهم إرهابنا وفرض فكرهم الوصائي الضيق علينا. فيجب علينا في كل مكان وفي كل مؤسسة أن نعمل على سيادة دولة القانون والسلام. كما ويجب محاسبة كل من تسول له نفسه بأن يشرع في عنف أو أن يحرض على عنف. إن المؤسسات الأمنية التي كانت أداة لقمع حريات المواطنين السودانيين خلال العقود الثلاثة الماضية يجب أن يتم إعادة توجيهها لكي تقوم بدورها الصحيح في أن تكون رادعاً للإرهاب وحفظا للنظام والسلام.
علي التلوبي

تعليق واحد

  1. اولا ما هى العقيدة التى يؤمنون بها ؟. وما هو المنهج الذى يتبعونه.؟ وما هو المذهب الذى يمثل مصدر التشريع عندهم.؟ اكاد اجزم اذا سألت اكبر القادة فى تنظيم الحركة الارهابية المسماه زورا وبهتانا اسلامية لايستطيع ان يجيبك على واحد من هذه الاسئلة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..