بسم الله الرحمن الرحيم
في هذه الحلقة نود أن نكمل مخاطبة القطاع الانتاجي والذي بدأناه بوزارة الري وانتقلنا بعدها الى وزارة الزراعة التي طالبناه بالأخذ في الاعتبار 9 نقاط، لكن فاتنا أن نذكر الوزارة بالتركيز أيضا على العودة الى تفعيل ادارة اكثار البذور ، خاصة واننا أصبحنا تقريبا نقوم باستيراد كل أنواع البذور في ما عدا الذرة الرفيعة. هل يعقل أن تكون لدينا كل تلك الخبرات من الباحثين والأساتذة بالجامعات والخبرات المتراكمة بالوزارة والمشاريع ومحطات تم اغلاقها بسنار وحلفا الجديدة و بركات والمحطات البحثية في 18 ولاية و12 كلية علوم زراعية ونعتمد على أهم مدخل بعد الماء؟ كما نلفت نظر السيد الوزير بأن جامعة الجزيرة تملك ارض زراعية مساحتها 2400 فدان بالنشيشيبة معزولة عن كل المناطق الزراعية الأخرى و هي أهم ميزات مناطق اكثار البذور، ولا يوجد مثيل لها بالبلاد. فلماذا لا تتعاقدون مع الجامعة لتكون أكبر من مصدر لإكثار البذور بإفريقيا والشرق الأوسط علما بأن الكوادر المؤهلة جدا توجد بالجامعة وهيئة البحوث الزراعية بمدني.
النقطة الثانية التي لم نتطرق اليها في المقال السابق هي الخريج الزراعي. فان كانت الزراعة هي العمود الفقري لاقتصاد البلاد، فان الخريج الزراعي هو قائد هذه القاطرة و عقلها المفكر والمخطط والمنفذ. هل تعلم يا سيادة الوزير هنالك أكثر من 10 الاف خريج زراعي عاطل عن العمل؟ بالزراعة أكثر من 15 تخصص تغطي كل احتياجات الزراعة والبلاد. السيد الوزير، ان اراد أحدهم أن يؤسس لصيدلية فلابد وأن يتم تعيين صيدلي قبل التصديق له بذلك. ومن أراد أن يؤسس لمستوصف لابد من أن يعين الكوادر الصحية المطلوبة. اما من يؤسس مزرعة أو مشروع زراعي مروي أو مطري ، وهذا الأخير مشروعة 3 ألاف فدان فما فوق، فلا يطلب منه تعيين زراعيين؟!! وهذا في رأيي هو سبب فشل الزراعة بالسودان وتدني الانتاجية وهجر المشاريع وتدني الانتاجية بصفة عامة. لدينا العديد من الافكار والمقترحات في هذا الصدد، لكن مساحة الموضوع لا تسمح بالتوسع. كان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عند تخرج الخريج الزراعي يطلب منه أن يتقدم بدراسة جدوي لمشروع يبدأ به حياته العملية الانتاجية لدعم نفسه واسرته ووطنه، ويتقدم به للبنك المختص الذي يقوم على الفور بتمويله. لم يكن هنالك خريج زراعي واحد يعمل في غير مجالة، أو يجلس عاطلا بالمنزل أو (بيسوقركشة أو أمجاد أو يبيع جرايد).
نقطة أخرى هامة جدا وهي ضرورة العودة الي (مدارس المزارعين)التي بدأت في نهاية السبعينات وتوقفت في منتصف الثمانينات بسبب التمويل الذي كانت تقوم به هولندا. كل مزارعي السودان، باستثناء مزارعي الشمالية، هم في الأصل رعاة، ويحتاجون لتكثيف التدريب لتحويلهم لمزارعين حقيقين ومنتجين.من الممكن أن تقوم الجامعات والمحطات البحثية بالتعاون مع المرشدين الزراعيين بأمر هذه المدارس تحت اشرافكم.
الأن نخاطب وزير الثروة الحيوانية.
نحن من أغنى الدول في الثروة الحيوانية ذات الجودة العالية جدا، وسلالاتنا لا مثيل لها في العالم. اول شيء نطالب به هو عدم تصدير أي حيوانات حية. لدينا من العلماء المشهود لهم عالميا في مجالات البيطرة والانتاج الحيواني والمراعي. كما لدينا كل مكونات تغذية الحيوان بأنواعها من اعلاف ومركزات تكفي ثروتنا هذه على مدار العام، وما تبقى يمكن تصديره. راس المال متوفر في القطاع الخاص والأسواق العالمية متوفرة ولديها الرغبة الشديدة في منتجاتنا الحيوانية خاصة وأنها لا تحتوي على أي ملوثات صناعية. هذا اضافة الى موقع السودان المميز في قلب العالم مما يسهل النقل بأرخص الأسعار بحريا وجويا. لابد من أن نشجع تصدير اللحوم المذبوحة و المجهزة في القطع والأوزان المرغوبة عالميا ، وتصنيع المعلبات و متطلبات المنازل والمطاعم والفنادق من جميع أنواع اللانشون والبلوبيف والسلامي والبسطرمةوالسجق واللحم المفروم ..الخ. التعاون المباشر والدائم بينكم و ووزير الزراعة ووزيري التجارة والصناعة من أهم الأولويات. بل أهم من ذلك كله الملحقين التجاريين بكل السفارات السودانية والسفارات الأجنبية بالداخل.
لابد من التعاون اللصيق مع وزارة الري في حصاد الماء. كا انه من الضروري أن نحافظ على نقاء سلالاتنا حتى لا نقع في ما وقعت فيه الزراعة حيث فقدنا العديد من سلالات الكثير من محاصيلنا القيمة، كمثال الدخن. لا يفوتنا أن نطلب كن سيادتكم التركيز على الألبان ومنتجاتها حتى نوقف استيراد الألبان التي تستنفذ الكثير جدا من العملات الصعبة. انتاج الأدوية البيطرية طلها محليا أيضا من أولويات الانتاج الحيواني. أما توصيتنا الأخيرة فهي الاهتمام بالخريج البيطري وخريج الانتاج الحيواني للارتقاء بالمهنة والانتاجية.
اللهم نسألك اللطف (امين).
نبيل حامد حسن بشير
جامعة الجزيرة
4/10/2019م
