بعد تعيين نعمات والحبر.. محامون يتوقعون الإسراع في محاكمة مُرتكبي مجزرة القيادة

الراكوبة – مشاعر دراج
توقع محامون قيام رئيس القضاء والنائب العام، بعد تعينهم رسميًا من قبل المجلس السيادي؛ بالإسراع في إجراءات محاكمة مرتكبي مجزرة القيادة العامة، التي وقعت في الثالث من يونيو، والتي قُتل فيها (118) ثائرًا، أُلقيت جثث بعضهم في نهر النيل، بعد ربطهم بحجارة. وقالت لجنة الأطباء آنذاك أنها وثقت لحالات اغتصاب عديدة وقعت على الجنسين.
وقد خلفت مجزرة القيادة العامة، التي قام قوات تابعة للمجلس العسكري، غضبًا عمّ كل البلاد، إذ أن اعتصام القيادة ، الذي دامٍ شهران، أبرز الشخصية السودانية كأوضح كما تكون، في شتي جوانبها التكافيلية والإبداعية. ويُرجح كثيرون أن فض الاعتصام جاء خوفًا من هذه التركيبة، خاصة وأنه مضى خطوات بعيدة في تشكيل ملامح السودان القادم. ولكن، رغم بشاعة المجزرة، فأن لجان المقاومة المنتشرة على امتداد البلاد، تعمل الآن، على إتمام الخطوات.
تحقيق أهداف الثورة
وتتمسك لجان المقاومة على تقديم الجُناة، المخططين والمُنفذين، للعدالة. فلم تكن راضية، طبقًا لبياناتها، على لجنة التحقيق التي شكلها رئيس الوزراء، لاعتراضهم على أن عملها غير معترف به قضائيًا. وبالنظر إلى الوثيقة الدستورية التي نصت على تشكيل لجنة تحقيق لمجزرة فض الاعتصام وتمسك لجان المقاومة واللجنة المكونة من قبل حمدوك؛ يمكننا القول أن أهم العقبات التي سوف تواجهها الحكومة الانتقالية داخليًا هي محاكمة مُرتكبي المجزرة. والآن أصبح الملف أمام رئيس القضاء والنائب. وفور تعينهم، جلست (الراكوبة) إلى عدد منهم، فلنتابعها:
“أعتقد أنها خطوة موفقة للسير في طريق تحقيق أهداف الثورة”، يقول المتحدث الرسمي لقوى إعلان والتغيير وجدي صالح، ويضيف لـ (الراكوبة): “كما أنها ستعمل على تحقيق العدالة واستقلالية القضاء والنيابة العامة”. ويعتقد إن إعادة هيكلة المؤسسات العدلية يجعل المواطنين على درجة متساوية في الحقوق والواجبات والمساواة أمام القانون، وقال أن رئيس القضاء المُعينة أمس ومعها النائب العام قادران على تحقيق العدالة فيما يتعلق بالوصول لمرتكبي مجزرة القيادة العامة.
انتصارًا مهمًا
وتوقع صالح أن قبول الثوار لتعيين نعمات صالح رئيسًا للقضاء وتاج السر نائبًا عامًا، إذ أن تعينهم يُؤكد أن الثورة في طريقها لتحقيق أهدافها.
ووصف محمد علي، المحامي بالتحالف الديمقراطي للمحاميين، رئيس القضاء بـ “الثورية”، وذكرنا بأنها قادت موكب القضاء الشهير لساحة الاعتصام في القيادة العامة، وقال أنها تمتلك الشجاعة والخبرة ومشهود لها بالنزاهة والاستقامة. وأبدي أمله خلال حديثه لـ (الراكوبة)، أن تقوم بإصلاحات عديدة في الجهاز القضائي. ويقول عن النائب العام أنه صاحب خبرة طويلة ومُلم بكل القوانين مُنذ الاستقلال وحتى الآن، وأشار إلى أنه، أي النائب العام، يمتلك رؤية واضحة حول إصلاح هذه القوانين. وقطع بأن تعينهما انتصارًا مهمًا لثورة ديسمبر، لكونها سيعملان على محاكمة مُرتكبي مجزرة القيادة العامة، والتي قال أنها الأولوية الأولى لهما.
يضيف علي: “أنهما قادرون تماما على إنصاف الضحايا وإحقاق العدالة، وهذه قضية لا تسقط بالتقادم ولا يمكن التنازل عنها إلا بالقصاص العادل”. وتوقع أن يعود للقضاء، في عهدهما، استقلاليته “خلال الثلاثين عاما الماضية شهدت الأجهزة القضائية والعدلية اختراقًا واضحًا عبر التمكين الحزبي، على حساب معايير الكفاءة والخبرة”، ويتابع: “وقد شهدنا مظالم عديدة وخروقات قانونية يندي لها الجبين، ولابد من تطهير هذه الأجهزة من عناصر النظام المقبور وإعادة الهيبة والعدل حتى يحس الناس بالعدل المفقود عندما يقفون إمام ساحات القضاء”.
خطوة إلى الأمام
النائب العام، وخلال لقاء تنويري مع تحالف المحاميين، أمس، وضع أولوياته مبكرًا. يأتي على رأسها الإصلاح القانوني، يليه استقلال القضاء وسيادة حكم القانون.
وأعلن عن عزمه قيامه فوريًا بمعالجة قوانين: النائب العام والسلطة القضائية والإجراءات المدنية والجنائية، باعتبارهم قوانين أساسية، قال أنها يجب أن تتواءم مع الوثيقة الدستورية .
واقر الحبر بوجود مشكلات وتحفظات كثيرة للتمثيل العضوي الموجود في المجالس، سواء كان مجلس النائب العام أو مفوضية القضائية. وقال إن الوثيقة الدستورية كانت واضحة في فصل السلطات واستقلالية القضاء وجهاز النائب العام والمراجع العام، وأضاف صحيح كل هذه المواد موجودة في دستور السودان الانتقالي لسنة 2005م تعديل سنة 2017م، لكن الممارسات مختلفة تمامًا، حيث تتم تجاوزات من قبل رئيس الجمهورية، إذ يصدر قرار في مسألة تنفيذية دون أن تُرده المحكمة الدستورية. وشدد على أن ذات الأمر موجود في دستور السودان 1973م، في عهد جعفر نميري، إذ أجري عليه في العام التالي من تشريعه في المادة (71)، التي وضعت سلطات واسعة لرئيس الجمهورية بحيث يستطيع اتخاذ أي إجراءات.