الاستعمار يعود…. تحت عباءة جديدة !

الاستعمار يعود…. تحت عباءة جديدة !

محمد التجاني عمر قش- الرياض
[email][email protected][/email]

تعتزم الخرطوم و جوبا استئناف المباحثات لإقامة منطقة حدودية منزوعة السلاح وهو شرط لاستئناف تصدير نفط الجنوب عبر السودان. وبهذه المناسبة نورد ما جاء عن ونستون تشرشل الذي قال:(نحن نتعامل مع خصمنا بكل لطف وأريحية ونرخي له الحبل ما دام تحت سيطرتنا،ويعمل حسب توجيهاتنا وخططنا، ولكنه إذا حاول أن يهز رأسه في يوم ما سيجد أن رأسه قد قطع منذ مده وهو لا يشعر بذلك). وهذا ما فعلته بريطانيا مع السودان؛ فبعد خمسين عاماً من خروج بريطانيا وجلائها عن السودان إنفصل الجنوب وصار مخلب قط تنفذ به دول الاستكبار سياستها الرامية إلى تمزيق البلاد وزرع الفتن بين إبنائها. والآن تطل بريطانيا، هذه الدولة العجوز، عبر بوابة الأمم المتحددة لتنفذ الدور الذي أسند إليها فيما يتعلق بالأزمة الراهنة بين السودان ودولة الجنوب، فقد أوردت أجهزة الإعلام ما نصه:( بريطانيا تطلب بإلحاح من رئيسي البلدين أن يتصرفا كرجلي دولة وأن يقوما بالتسويات الضرورية للتوصل إلى اتفاق حول المسائل العالقة).لقد ظلت بريطانيا عنصراً فاعلاً في الاهتمام والنفوذ الأجنبي بالسودان منذ أن سعى غردون الضابط فى سلاح المهندسين البريطانى للحصول على وظيفة فى السودان بدعوى المساهمة فى محاربة تجارة الرقيق وفرض النظام،ومنذ ذلك الحين، ظلت هذه الدولة الماكرة، تحشر أنفها في قضايا السودان بطريقة ،مباشرة أو غير مباشرة، وأحياناً تفعل ذلك خدمة لحلفائها وليس من أجل مصالحها الخاصة.
من المعلوم، أنّ توني بلير يعمل الآن مستشاراً لحكومة الجنوب، وبمعنى آخر هو الذي يضع لها سياسة التعامل مع السودان، ولا يخفي على أحد ما لهذا الرجل من علاقات مع الدوائر الصهيونية في كل العالم، فقد قالت صحيفة صندي تلغراف إن مؤسسة بلير الخيرية، لديها الآن مكاتب في الإدارات الرئاسية ضمن خمسة بلدان أفريقية هي: سيراليون ورواندا وليبيريا وغينيا وجنوب السودان.وأضافت أن الاتفاق بين مؤسسة مبادرة الحكم في أفريقيا، ورئيس جنوب السودان سيلفاكير ميارديت، تم إبرامه رسمياً، في أعقاب زيارة استغرقت أربعة أيام إلى جوبا قام بها وزير الخارجية في حكومة حزب العمال البريطانية السابقة ديفيد ميليباند بطلب من بلير كممثل عن مبادرته في أفريقيا.وقالت إن إضافة بلير، جنوب السودان إلى محفظة اهتماماته سيمنحه تأثيراً قوياً على الدولة الأحدث في العالم) ويكفي هذا دليلاًُ على ما قلنا. وهل يعقل أن يتصرف رجل في قامة بلير بمعزل عن حكومة بلاده التي لا تنفك تحلم بالسيطرة على موارد السودان الطبيعية، وهي لهذا السبب تسعى لتنفيذ سياستها الماكرة، إما عبر عملائها في حكومة الجنوب، أو عن طريق التدخل من بوابة مثل هذه المؤسسات التي تسمى بغير أسمائها مثل مؤسسة بلير الخيرية أو(مبادرة الحكم في أفريقيا)، وما علاقة هذا الصهيوني، الذي يتدثر بعباءة الإنسانية، بفعل الخير؟ أم أنه يريد أن يخفي ما ستكشف عنه الأيام لا محالة من عمل دبر بليل ضد السودان؟
نقول هذا لعلمنا بما قام به بلير من دور كبير في الحرب ضد العراق وأفغانستان، وهو يسعى لتغيير خارطة العالمين العربي والإسلامي بسياسة طويلة المدى؛ وهذا ما جعله يدخل السودان من بوابة الجنوب وربما دارفور، وهو في ذلك يتحرك بتنسيق تام مع دوائر اتخاذ القرار خلف الكواليس في واشنطن وغيرها من جهات لا تريد لبلادنا الاستقرار. وفي هذا الصدد، لا يغيب عن الأذهان أن بلير يعمل ضمن منظومة تضم كلاً من هيلدا جونسون،ودانفورث، وروجر ونتر، وأمبيكي، وغيرهم، كما لا يمكن استبعاد باقان أموم، ودينق ألور، ولوكا بيونق عن هذه المجموعة التي لا تدّخر وسعاً في المراوغة، والتنسيق مع منظمات دولية كبيرة مثل مجلس الأمن، وبعض المنظمات الإقليمية الإفريقية،والمنظمات الطوعية، التي تحظى فيها أمريكا، والدول الغربية، بوجود فاعل عبر ممثليها أو عملائها، وتستطيع تسخيرها لتنفيذ مخططاتها ضد السودان. وليس أدل على ذلك من المقترح الذي قدمه أمبيكي لمجلس السلم الإفريقي ومن بعده مجلس الأمن الدولي عن منطقة أبيي، وهنالك إرهاصات قوية تتحدث عنها وسائل الإعلام بأنه سيكون هو الأساس لتسوية قضية أبيي التي ربما تحسم لصالح دولة الجنوب بغير وجه حق ولا دليل تاريخي، ولا جغرافي، ولا بشري، ولا إداري، وإنما هي سياسة التدخل الأجنبي التي يخطط لها وينفذها العملاء المشار إليهم عبر المفاوضات التي تدار بأسلوب صهيوني واضح يقوم أساساً على إبداء المرونة مع الخصم من أجل تحقيق أهداف محددة ثم من بعد ذلك النكوص والتنصل عما تم الاتفاق حوله بحجج واهية كتلك التي تتعلل بها دولة الجنوب الآن فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مؤخراً مع السودان في أديس أبابا.
كل هذه المؤشرات تدل على أن الدولة العجوز، بريطانيا، تسعى للعودة لمستعمرتها السابقة السودان، ولكنها لن ترسل أحفاد كتشنر وغوردون لتنفيذ المهمة هذه المرة، فهذا أسلوب قد عفا عليه الزمن، ونحن الآن نعيش في عصر الهيمنة عبر مؤسسات لها أكثر من ذراع، وتوظف مقدرات تقنية عالية المستوى، وأصناف مختلفة من البشر ذوي النفوس الضعيفة الذين ربما يكونون من بني جلدتنا كأمثال ياسر عرمان، والحلو وعقار،ومني، وعبد الواحد، وذلك بالإيعاز لهم بإشعال فتن داخلية، وحروب حتى تبرر تدخلها في الشئون الداخلية للبلاد، مثلما يحدث الآن في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور. ومن المؤسف أن يكون المتأثرون بهذا الصراع، من الطرفين الحكومة والتمرد، مواطنين سودانيين، وفي ذلك إضعاف واضح للمجتمع السوداني،وتمزيق للنسيج الاجتماعي، وضرب للهوية وغرس لمزيد من الضغائن بعيدة الأثر في كافة المجالات الثقافية، والسياسية، والاجتماعية، خاصة إذا علمنا أن هذه المناطق تسكنها غالبية مسلمة، وهي لذلك ربما تكون مستهدفة لحد ذاتها. إن من أهداف ما يعرف بمصلح neo-colonialismالذي يمكن ترجمته بمعنى “الاستعمار الجديد”؛ “وهو مصطلح سياسي يتمثل في نمط استعماري جديد ظهر بعد الحرب العالمية الثانية يتمثل في هيمنة الدول الكبرى على الدول الصغرى اقتصادياً وثقافياً من خلال هيمنتها على المواد الأولية، والمواد المصنعة بواسطة الشركات الأجنبية وهيمنتها على التكنولوجيا الحديثة والنظام الاقتصادي العالمي ووسائل الإعلام، ويعرف هذا الاستعمار بالاستعمار المُقنّع”. ومن هنا يمكننا فهم تكالب بلير أو بالأحرى دول الغرب بقيادة أمريكا ومشاركة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وغيرها من الدول والمنظمات التي تمثل دور” كومبارس” في تنفيذ هذه السياسة الماكرة. ومن هنا نقول لأعضاء وفود التفاوض السودانية انتبهوا وأعرفوا من تفاوضون حتى لا نتيح لبريطانيا فرصة العودة لاستعمارنا تحت عباءة جديدة أكثر خبثاً ودهاءاً!

تعليق واحد

  1. مقال لا يساوي المداد الذي كتب به . ماعندك سالفة صهيونية واستعمار جديد ومازال هنالك من يؤمنون بنظرية المؤامرة ياخي الاستعمار خرج قبل خمسين سنة وستة وخمسين سنة يحكمنا وكلاء الاستعمار تشوف في الفيل وتطعن في ضلو .

  2. الاستعمار البريطاني افضل لنا من استعمار هولاء …… شماعة العمالة والارتزاق اصبحت مكشوفة يا دقش …. ابحثوا عن شماعة اخري ….. بعد معالجة اخطاء هولاء ……. عدد القتلي في طول فترات الاستعمار لن يصل الي 5% ولا كانت هنالك ابادة قري ولا ترحيل قسري

  3. ليس هناك أسوأ مما صنعته الجبهة الكيزانية في السودان والسودانيين :
    – دمار للأخلاق
    -دمار للنفوس
    – دمار للإقتصاد
    -دمار للصحة
    – دمار للتعليم
    – دمار للتماسك الاجتماعي بإفشاء القبلية
    – دمار لحدود الوطن
    -و…..و…و…و…
    هل بريطانيا هي التي فعلت هذا أم القائمون على الحكم زهاء ربع القرن ؟؟؟؟؟
    _ نسلّم -جدلا- بما قلته ،ولكن هل رؤساؤك في الخرطوم كانوا أبواقا لتنفيذ ما يريده المستعمر ؟؟
    – وإذا كان ذلك كذلك ، لماذا لم يستحِ أرباب المشروع الحضاري منه طيلة هذه الفترة ؟؟؟
    – أُمة تتربع على عرش البلد 23 سنة عجفاء ثم تأتي لتقول : الاستعمار الجديد !!!!!!!!!!!

    اكْبَرْ يا ود قش ، هذا التفكير لا يشبهك .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..