
خير ما أبدأ به كلامي هو : لكم كل التقدير والإحترام وكل أوسمة العنفوان والبطولة على صدوركم العارية التي تتحدى كل أشكال العنف , أنتم المنتفضون في شوارع وساحات المدن والبلدات اللبنانية احتجاجا على الأوضاع المتردية التي أوصلتكم إليها الطبقة السياسية الحاكمة التي تقاسمت الوطن بنموذج المحاصصة الطائفية البغيضة , الذي كرسه مؤتمر الطائف في تسعينات القرن الماضي , عانيتم على أثره الويلات , وصبرتم صبرا جميلا طوال نحو ثلاثين عاما , رغم الإحتجاجات والإنتفاضات التي خضتموها ضد المشروع الطائفي الذي قسم البلد إلى دويلات , انتفت معه المواطنة وتشظى البلد إلى أن أصبح , لبنان الموارنة , لبنان الأرثوذكس , لبنان الشيعة , لبنان السنة , لبنان الدروز وما إلى ذلك من حصص طائفية , إلى أن أصبح الوطن بحجم الطائفة وبحجم الجغرافيا التي تتمركز فيها تلك الطائفة وغيرها من الطوائف الأخرى . فحلت الأحقاد والكراهية وحياكة التآمر بين تلك المكونات , ازداد معها الفساد وسرقة المال العام وتحويله إلى البنوك الخارجية لضمان عدم العبث به .
لبنان الذي عرفناه سابقا الذي اكتسب عن جدارة واستحقاق لقب ( سويسرا الشرق ) بسبب عبقرية أبنائه وجهودهم الإستثنائية في مجال العلم والأدب والطباعة والفنون , وحرية الرأي والنشر وتشكيل الأحزاب السياسية واستضافة الهاربين من بطش الأنظمة الديكتاتورية المستبدة . لبنان هذا اختطفته المجموعات الطائفية وحولته إلى مزرعة للفساد والنهب وتعطيل الخدمات , فانتشر الفقر والبطالة وازدحام السفارات الأجنبية بأبنائه طلبا للهجرة , إلى أن وصل الأمر حدود الإنفجار , بعد أن فقد الشعب كل أمل له في الإصلاح , وانعدام الثقة بالطبقة الحاكمة , ولم يعد أمامه سوى المواجهة لإسقاط هذا لنظام بكامل رموزه دون استثناء أحد , باعتبار أن هذه السلطة فقدت شرعيتها بنزول الملايين إلى الشوارع والساحات العامة , ولم يعد لها قيمة بعد أن رفضها الشعب , وأصبح لبنان صوتا واحدا صارخا معلنا بدء التمرد والعصيان حتى سقوط هذه الطغمة وتحقيق العدالة .
لقد تناسى هؤلاء الفاسدون أن الشعب يمهل ولا يهمل , وأن غضبه آت لكنس هذه الزبالة التي ربطت مصلحة الفرد بها بما تقدمه من خدمات لتنسيه ارتباطه بالوطن الذي تقاعس المتسلطون على حكمه وعن عمد عن تقديم الخدمات الضرورية للفرد , لتكريس سلطانهم على رقاب الشعب , وأن لا مفر للمواطن من اللجوء إلى هذه الطغمة أيا كان لونها أو شكلها لطلب المساعدة , وهذه تؤدي إلى انفصام عرى المواطن عن وطنه الذي لا خير فيه مع تشديد الإرتباط بالطائفة , مع عدم استثناء أحد منهم .
هذه الإنتفاضة لم ترق إلى المتحكمين بمصير البلد فهددوا وتوعدوا من منطلق حرصهم على الدولة , حتى أن بعض الفصائل قامت بإطلاق النار في بعض المناطق على المتظاهرين نهارا جهارا وقتلت عددا منهم , وفي اليوم التالي سار موكب من الدراجات النارية رافعا أعلاما ذات ميل طائفي باتجاه تجمعات المتظاهرين لإشعال الفتنة وتخويفهم ودفعهم إلى التفرق وانفضاض الإعتصام , لكن الجيش أحبط تلك المحاولة وانبرى زعيمهم ينفي صدور أي قرار لد فعهم للقيام بمثل هذه الأعمال .
أمام هذا الإنجاز العظيم الذي حققه الشعب اللبناني لحد الآن , أخذ بعض الزعماء يبدون تعاطفهم مع الشعب وتأييدا لمطالبهم المشروعة عن طريق طرح مشاريع إصلاحية للنظام , مدعين أنها ليست للمقايضة , فإذا لم تكن كلها للمقايضة فإن جلها للمقايضة , لأن الجميع في ورطة خوفا من سقوط النظام والمجيئ بنظام إصلاحي حقيقي وتقديم الجميع للعدالة ومحاسبتهم على ما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب , ويجب ألا ينجو أحد من العقاب . لكن إذا كانت الأحوال المعيشية هي التي حركت الجماهير ودفعتها للإنتفاض , وهي مشروعة ومطلوب تحقيقها إلا أن الإصلاح لن يأتي عن طريق الطغمة التي اختبروها على مدى ثلاثين عاما , فليكن المطلب الرئيسي الذي لا تراجع عنه هو إسقاط النظام بكافة أشكاله ورموزه ودساتيره , لأنكم أنتم وحدكم من عانى ويعاني , ويلسح أقدام هذا أو ذاك من أجل الحصول على عمل لا يغني ولا يسمن , أوأنتم وحدكم من نام وهو جائع عصافير مصارينه تصيح طوال الليل , حتى أثناء نومكم تلاحقكم أحلام الرعب والخوف من المجهول .
وإلى كافة اللبنانيين في الخارج وفي المهاجر أن يبذلوا كل جهودهم لدعم الإنتفاضة , لأن هؤلاء المضحين بعرقهم وتعبهم وفرحهم هم أخوة لكم وأهل وأقارب وجيران وأصدقاء , يتطلعون إليكم أن تقتربوا قليلا من معاناتهم وآلامهم وتدعمونهم بكل ما أوتيتم من قوة وجهد , ليزدادوا صمودا وتحديا إلى أن يقف العالم كله إلى جانبكم .
وإلى الثوار الذين رووا بدمائهم تراب الوطن ألا ييأسوا وألا يملوا وأن يحافظوا على رباطة جأشهم وتحديهم , وألا ترهبهم التهديدات التي سترتد يوما على رؤوس أصحابها لأنكم أنتم أصحاب الحق الذي سرقوه منكم , وأنتم الشعب والشعب إذا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر والنصر آت قريب .
جورج ديوب
للتواصل : 0434631501
لبنان هذا لا يهمنا من بعيد أو قريب .. لبنان الذي حاكم اللاجئين السوريين بجرائم نظامهم السياسي ومنع عنهم كل شيء بل منع عنهم حتى دفن موتاهم في مقابر اللبنانيين .. لبنان الذي يعامل الهاربين من بؤس الحال في الدول الإفريقية وكأنهم مجرمين .. هذا اللبنان لا يهمنا في شيء. الشيء الذي الوحيد الذي نحمد عليه لبنان هو اعتراضهم على دخولنا الجامعة العربية لكوننا لسنا عرب -وهو قولٌ حق- ويا ليت اعتراضهم قبل ونفذ