أخبار السودان

سد النهضة آبي يُلوِّح بالحرب والقاهرة ترد والسودان يتحصَّن بالصمت

الخرطوم: مشاعر أحمد

“لا يمكن لأيّ قوة أن تمنع إثيوبيا من بناء السد، وبإمكاننا حشد الملايين للحرب إذا لزم الأمر”، بهذه العبارات خاطب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد برلمان بلاده أمس الأول، فردت القاهرة سريعاً ببيان لوزارة خارجيتها أعربت فيه عن “صدمتها ومتابعتها بقلق بالغ وأسف شديد لتصريحات آبي أحمد”، بينما آثر السودان الصمت.
في مطلع أكتوبر الجاري اختتمت بالخرطوم اجتماعات وزراء الري والموارد المائية لدول السودان ومصر وإثيوبيا دون التوصل لتفاهمات كبيرة في ترتيبات ملء وتخزين المياه في بحيرة سد النهضة، وسلمت كل مجموعة بحثية وقتها في كل دولة بتسليم وعرض مقترحاتها لكيفية ملء بحيرة السد وطريقة تشغيله.

تصريحات آبي أحمد
حديث أحمد كان خلال رده على أسئلة نواب بالبرلمان الإثيوبي، في جلسة أمس الأول، وقال وفق إذاعة “فانا” المحلية: “ليس هناك خيار آخر، الحرب لا يمكن أن تكون حلا، وإذا لزم الأمر، يمكن لإثيوبيا حشد ملايين الأشخاص”، وأضاف: “لا يمكن لأيّ قوة أن تمنع إثيوبيا من بناء السد”.
وشدد على أن بلاده ستواصل بناءه بغض النظر عن المخاوف التي لا أساس لها، والتهديدات العسكرية التي يطلقها إخواننا المصريون عبر منابر إعلامية، مؤكدا أن “لا نية لحكومة إثيوبيا لإيذاء شعبي وحكومتي السودان ومصر”، داعيا إلى ضرورة أن “ينصب تركيزنا على وضع اللمسات الأخيرة على السد وفقا للجدول الزمني المحدد”.
وأعربت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية أمس، عن صدمتها ومتابعتها بقلق بالغ وأسف شديد التصريحات التي نُقلت إعلامياً ومنسوبة لرئيس الوزراء آبي أحمد أمام البرلمان الإثيوبي، واعتبرت أنه لم يكن من الملائم الخوض في أطروحات تنطوي على تناول خيارات عسكرية، وهو الأمر الذي تتعجب له مصر بشدة باعتباره مخالفاً لنصوص ومبادئ وروح القانون الأساسي للاتحاد الإفريقي.
وفي ذلك يذهب الصحفي الإثيوبي أنور إبراهيم، في حديثه لـ(السوداني)، إلى أن رئيس الوزراء آبي أحمد حديثه كان دبلوماسي جداً ولم يصدر منه أنه سيقوم بحشد الملايين لحرب مصر، مضيفاً: “لكن بعض وسائل الإعلام غيَّرت في حديث الرجل، ولم تتحدث بصورة إيجابية”.
وأقر أنور بوجود العديد من التظاهرات المختلفة في منطقة أوروميا حول أديس أبابا، وأن شباب الثورة الأورومية “قيرو” أغلقوا الطرقات العامة المؤدية إلى أديس أبابا، مشيرًا إلى أن الناشط السياسي جوهر محمد بعث برسالة لأتباعه متهما الحكومة بأنها تود اعتقاله مما حدا بالشباب لإغلاق الطرقات، والخروج في تظاهرات مختلفة في عدد كبير من مدن وإقليم أروميا.

نقطة خلاف
مؤخرًا قالت وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبية، في بيان، إن “اقتراح مصر الجديد بشأن سد النهضة أصبح نقطة خلاف بين البلدين”، وفق الوكالة الإثيوبية الرسمية للأنباء، فيما كان موقف السودان قريبًا من إثيوبيا إلا أنه كان غير واضح فيما يتعلق بالخلافات بين مصر وإثيوبيا.
وفي ذلك يقول المهتم بملف السد محمد حامد جمعة في حديثه لـ(السوداني): “مرحلة الصراع غير حاضرة في الوقت الراهن، ربما تكون تصريحات تكتيكات لتحقيق مكاسب”، مشيرًا إلى أن خطاب آبي أحمد فيه رسالة للداخل الإثيوبي يحاول به جمع شتات الإثيوبيين وتوترات البيئة الداخلية، إلى جانب محاولة تقليل حدة الخلافات الداخلية، فضلاً عن رسالة للمجتمع الدولي لتقديم العون أو الضغط لتحسين المواقف في سد النهضة، وإرسال رسالة للحكومة المصرية لأن صوتها كان أعنف في الاجتماعات، وأضاف: “لذلك حاول أن يستخدم معها سياسة نهاية الهاوية لكسر سقوفات المواقف المتطرفة”.
عدة أسباب يمكن أن تكون وراء تصريحات آبي، ولكن من المهم أن نتذكر أنه كان يرد على نائب برلماني سأله عن كيفية التعامل مع التهديدات المصرية بشأن الحرب على إثيوبيا في حال فشلت المفاوضات نهائياً. هكذا ابتدر المهتم بالشأن الإفريقي محمد جامع حديثه لـ(السوداني) مشيراً إلى أن هناك أسبابا متعددة ربما يكون رئيس الوزراء قصد بها إفشال جلسة المباحثات التي يفترض أن يعقدها مع السيسي والتي يعول عليها الجانب المصري كثيراً في تحقيق اختراق للأزمة. وقد يكون آبي أحمد أراد أن يحقق إجماعاً شعبياً حوله بعد استفحال الصراعات داخل الائتلاف الحاكم واقتراب موعد الانتخابات التي ستُجرى في مايو من العام المقبل.
من جانبه قال خبير العلاقات الدولية راشد محمد علي لـ(السوداني)، إن حديث آبي أحمد باستخدام القوة مثير للجدل وغير متوقع أن يصرح بذلك، خاصه وأنه يسعى لتحقيق السلام في القرن الإفريقي، مشيراً إلى أنها ربما كانت عائدة لضغوط داخلية نسبة للاختلافات السياسية لذلك أراد تصحيح المسار الداخلي وتوحيد الإثيوبيين.

نشوب حرب
وحول حدوث صراع في القرن الإفريقي عقب تصريحات آبي يقول المهتم بالشأن الإفريقي محمد جامع لـ(السوداني)، إنه يستبعد اندلاع الحرب رغم التصريحات العدائية، لأنه لا إثيوبيا ولا مصر مستعدتان لدخول حرب، موضحاً أن مصر لن تستطيع مهاجمة سد النهضة بعد أن تورط السيسي في توقيع اتفاق المبادئ، فهذا من شأنه أن يصنف القاهرة كدولة معتدية تُهدِّدُ السلم العالمي، إلى جانب وجود شركات عالمية عملاقة تشيد سد النهضة مثل ساليني الإيطالية وغيرها من الشركات الصينية والفرنسية.
من جانبه قال الصحفي الإثيوبي أنور إبراهيم في حديثه لـ(السوداني)، إن الأمر معقد بشأن سد النهضة، مشيراً إلى أن وقت القوة انتهى، وما لم يكن هناك تفاوض وحل للمشاكل بالطرق السليمة فلا جدوى من أي صراع في المنطقة، موضحاً أن الصراعات لن تفيد أيّ من الدول فقط ستدخل المنطقة في أزمة لن تفيد كلا الجانبين.
واتفق معها خبير العلاقات الدولية راشد محمد علي، مشيراً إلى أن الحرب يتصدع منها كل الإقليم، والتنبيه شديد الحساسية لمصر وأمنها قومي.
في وقتٍ استبعد فيه المهتم بملف سد النهضة محمد حامد جمعة، أن يكون هناك أفقٌ للحرب فأيُّ معركة لإثيوبيا في سد النهضة ستكون في أرضهم وستفقدها حلمها وربما تخسر التطور في الدولة، وربما تحدث اضطرابات داخلية، لافتًا إلى أن الحرب أيضًا ليست في صالح مصر.

موقف السودان
آثر السودان الصمت حتى في الاجتماعات التي ضمتها أرضه، وفي ذلك قال محمد حامد جمعة: إن السودان كان موقفه في القرن الإفريقي التوافق، إلا أن نفوذه وأثره الفاعل تقلَّص في الفترة الأخيرة وتلاشى تماماً في هذه الفترة، وأضاف: كان على السودان أن يدعو لاجتماع، إلا أنه ربما لا يريد أن يدفع فاتورة موقف يُحسَب ضده لذلك آثر السكوت، معتبرًا أنهُ كان يجب أن يكون لديه رؤية محددة في ملف العلاقات الخارجية، لأنه حتى الآن لم يقدم تصورا محددا، عازيًا ذلك إلى تغيير طاقم ملف سد النهضة مع التغيير الذي حدث في البلاد.
فيما قال خبير العلاقات الدولية راشد محمد علي: إن السودان متضرر من أيّ صراع قد ينشأ بين الدولتين، وتأثيره سيكون سلباً لأنه جزء من الصراع، داعيًا إلى عدم تأجيج الصراعات.
فيما شدد المهتم بالشأن الإفريقي محمد جامع، على أن لدى السودان مصلحة في قيام السد لعدة أسباب بينها المختصون في مجال الري، ولذلك لا يبدو مهتماً بالأمر، فالمشكلة حاليًا أصبحت بين إثيوبيا ومصر، لأن الموقف السوداني أقرب إلى دعم إثيوبيا.

 

السوداني

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..