مقالات متنوعة

عوض أحمد خليفة؛ هان ليك فراقنا خلاص؟!

أميرة عمر بخيت

ما خلاص نسيتنا و خليتنا ..و خليناك كمان

ودعنا حلو الماضي و أفراحه، كل الكان و كان

هجرنا أحلى أمل ..سقيناهو دمعاتنا الحُنان

ما كان نوالفك يا حبيبنا ..كنا نبعد من زمان

قبل ما نعتاد حلاوة اللقيا من بعد النوى

قبل ما تزداد حرارة الشوق ويزداد الهوى

قبل ما تتلف قلوبنا و تاني يغلبنا الدوا

كل ما نطيب نعاود الماضي..والماضي راح وانطوى!

 

وراح الآن الشاعر كما راح الماضي وانطوى معه عهد من الروعة والجمال والحب العذري الوديع. رحل “عوض أحمد خليفة” الذي احال دموعنا المالحةانهاراً كوثرية نتجرع عذوبتها مع كل وخزة ألم وآهة شاردة فكيف نبكيه وكيف نرثي كلماته الحنينة الحميمة وذلك الشعر النبيل؟

عوض احمد خليفة ذلك السهل الممتنع الذي صاغ من الكلام “العادي” شعراً غير عادي ببساطة استثنائية جذبت القلوب فسمت وتسامت حتى كادت في سموها تغيب!

تغنى  للحب الفطري النقي، الحب الصادق الجميل دون تعقيد أو تعسير. لم يخاطبنا بصور بديعية معقدة تلهينا عن السحر الحقيقي وعن “غاية الآمال” بل صاغ من الكلام العادي، والحب الذي يتشارك فيه العالمين مشاعراً غير عادية بكلمات صادقة ومفردات حميمة اخترقت قلاع الصدور واستلت آهات ساخنة صادفت في قلب كل محب وجعاً نبيلاً وحنين.

وآهٍ على ذاك الألم العتاب والأشواق الغالبة حين يستنطقها وهو يطيب في الخاطر الغالي حيناً و يعاتب أحياناً أخر ” أسأل عليك الليل ونجمه وحتى أنوارالصباح ..وكل طائر في سماه في شريعتو الحب مباح.. أسأل مشاعرك عن هوانا وليه حنانك لى راح..تلقانى في غاية الألم آمالي تذروها الرياح”

أوحينما ينادي “يا غاية الآمال لو دعاك الشوق ماكان جفيتنا زمان وانت الحنان والذوق”نعم هي ذاتالآمال و ذات الغاية غاية كل عاشق لكنه وحده استطاع أن يتلو عنا تراتيلاً مقدسة تحكي عن اسرار”عالم الأشواق” وفعله في القلوب. هو وحده من خاطب ذلك الخوف المبهم في قلب المحبوب حين قال:

“وريني ليه بتخاف تكتم عواطفك ليه..وحبك مع الأيام من قلبي ليك بحكيه..

تبخل علي بلقاك وعطفك دوام تخفيه.. وعطفك أمل قدرته عشت السنين راجيه”

اي شاعر هذا الذي تجمع العشاقعلى طاولته، تشاركوا في نهل حرفه وادمنوا خمر حسه عتاباً و توسلات ندية و” كيف يهون عندك خصامي و ترضى من عيني تغيب..و أنت بيك أسباب سعادتي و أنت أكتر من حبيب.. شفت بيك الدنيا نايرة وعشت فيك أملي الخصيب!”

وبذات الحلاوة والطلاوة يمضى منشداً” انت أحلى من الأماني لما تغمرني و تعربد.. وأحلى من طير الخمايل لما يتمايل يغرّد.. ومن جميلة جديدا تم لما تتنى و تزغرد..إنت ياأحلى الحبايب ما تهون حبي و تبدد..عشرتي فاقت حناني قلبي بيك دايما معيّد.. وحبي ليك يا نور عيوني كل يوم يخضر يفرهد.. ورغم حبي عليك أهون؟!؟!”

لا ورب العشق من كان مثلك لا يهون وكيف يهون  وهو الذى لا ينكر الهوي و “لوكنت ناكر للهوى زيك كنت غفرت ليك” و”حاولت اخدع نفسي ياظالم واهجر حبى ليك..حاولت امنع نفسى منك وتانى ماامشى واجيك..ورحلت عنك وعن دياري وهدمت كُل امل لديك..وبرضي ماقادر اسيبك لما انساك بشتهيك..مع كل دفقاتى الحنينة وكل دمعة شوق سجينة..تهاتي بيك روحى الحزينة.. واشقى لما تهاتى بيك”

يا من خاطب المحبوبة “يا ربيع الدنيافي عينييانور قلبي يامعنى الجماليا أخت روحي يا أماني هواي في دنياالخيال”كانالحب عظيماً لكن الوفاء منك أعظم وانت تحكي عن غصة  نهشت قلب كل عاشقعاد خائباً يعتصر أوجاعه فلم ينكسر حبه ولم تحني كلماته الهزيمة

“من قلبي من أجل المحبة وهبت ليك شعر الغزل .. مع إنو قدامي الطريق أنا عارفو يا السمحة انقفل .. ما في قسمة ومافي يانورقلبي حتى بصيص أمل ..ما قدرت أقرب من ضراك وما قدرت لي فراقك أصل”

يا الهي من هذا اللسان المفوه وهذا القلب الانسان! وما اقسى الامهحين يتصبب دمعاً و لهفة  وتمني

و ” لو كان التمني بينفع كل حبيب.. ما كان السعادة بقت قسمة ونصيب.. ولا قلوبنا الحيارى مع الأيام تشيب..ولا عاش قلبي تايه في حبك غريب”

الله على هذا المعنى برغم قساوته فقد كتبنا وعبر عن ذواتنا وصاغ ذلك الكائن الهلامي في دواخلنا فأشجانا  بكلمات بسيطة حوت كل التعقيد الكوني المرهق!

عوض أحمد خليفة بكل هذا الحب الطاغي المجنون ظل عفيفاً شفيفاً ما خاطب محبوبته الا بعفة بيضاء نضرة. “ياحنان الدنيا كلو قصدي في حبك نبيل.. حبي أجمل عاطفة سامية و الله و أكتر من جميل.. لو وصفتك وقلت طاهر كنت في وصفك بخيل”

أو لما اقسم لها  “صدقيني وحياة غرامنا ما كذبت عليك في حبي ابداً ولا حولت عنك مرة قلبي ” لم ينسى أن يخبرها  أن ” كل زهرة ندية يانعة انتِ رياها وعبيرا.. وكل فرحة في فؤادي انتِ لحظاتها المثيرة .. و كل لحظة عمقت في قلبي حبك واحترامك يا أميرة”

فما اعظم الحب حين يقترن بالاحترام و ما اجمله بحرص “ود البلد” الاصيل حين يقول:

“كل من جهل الحقيقة سالني عن سرك معايا.. لكني خايف لو ادل الناس عليك يا اغلي غاية.. كل واحد في خيالو بكرة يتخيل حكاية.. وانت ابعد ما تكوني عن الاقاويل والوشاية”

 

فيا ايها الشاعر النبيل الاصيل الصادق ويا ايها الإنسان العاشقابكيتنا حياً وميتاً وهائماً في ملكوت الله، رضيت الفراق وصغته شعراً عذباً ودرر فكيف نرضى نحن فراقك ونحن العشاق المسكنونبحرفك!؟

و

“هان ليك فراقى خلاص.. وانا برضى حولك احوم.. كان عهدى بيك ترعاه.. واجمــل صلاتنا تدوم! ”

ويا “عزيز دنيانا الليلة في بعدك ما اضنانا” .. لكننا لا نملك الا أن نقول لك لن ننساك و لن ننسى “عشرة الأيام كأنه ما عشناها و ضمانا أحلى غرام”

الا رحم الله شاعرالحب والرومانسية “عوض أحمد خليفة” وغفر له وجعل الفردوس الأعلى مقره  اللهم جازه عنا خيرالجزاء وأسعده اضعافكل سعادة ادخلها في قلوبنا و اعف عنه واكرمه بفضلك العظيم

أميرة عمر بخيت/ لندن

تعليق واحد

  1. شكرا اميرة لم تتركي لنا شيئا نقوله في هذا الانسان المبدع
    ألا رحم الله عوض واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وإنا لله وإنا إليه راجعون

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..